أكد معالي وزير العمل المهندس عادل بن محمد فقيه أن الاقتصاد العالمي لايزال يمر في حالة تأرجح ، حيث لا تزال الأزمة المالية مستمرة في أوروبا والولايات المتحدة ، إضافة إلى التحولات السياسية الإقليمية في العالم العربي , مبيناً أن هذه الحقائق جعلت من سياسات العمل والتوظيف في المملكة موضوعاً أكثر أهمية وإلحاحاً. واستعرض معاليه في كلمة له خلال مشاركته في منتدى التنافسية الدولي السادس 2012 في الرياض أمس أبرز المبادرات الجديدة للوزارة للتصدي لمشكلة البطالة في المملكة بشيء من الإبداع والشفافية , مشيراً إلى أن التحدي الرئيسي مازال كامناً في إيجاد فرص عمل جديدة للمواطنين السعوديين في القطاع الخاص. وقال "إن وزارة العمل بحاجة لإيجاد ثلاثة ملايين فرصة عمل مع حلول عام 2015م وستة ملايين فرصة بحلول عام 2030م , مبيناً أن العمل بالمبادرة بشكل متسق وبصورة متزامنة لمعالجة ثلاثة مجالات رئيسية هي الطلب على الوظائف , وتوفير فرص العمل , وتنظيم آليات السوق. وأضاف معاليه "إن مبادرات معالجة الطلب على الوظائف ينبغي أن تشمل المبادرات قصيرة الأمد وطويلة الأمد على حدٍ سواء ، حيث نركز في بادئ الأمر على زيادة الطلب على المواطنين لشغل الوظائف عالية الجودة وذلك من خلال إحلال جزء من الثمانية ملايين وظيفة التي يشغلها غير السعوديين في المملكة على المدى الطويل ، موضحاً أن المملكة تحتاج إلى مبادرات كبيرة لتوليد الوظائف الإضافية عالية الجودة وتحقيق النمو ، وأن التحدي الرئيسي هنا هو القدرة على تنفيذ خطط طويلة الأمد التي لا تظهر نتائجها إلا بعد فترة". وعن المبادرة الثانية في توفير العمالة الوطنية الملائمة قال "إنه مازال علينا توفير تدريب عملي أفضل للباحثين عن العمل" , مشيراً إلى أن معظم الدول الأخرى تأهل الغالبية العظمى من الطلبة لوظائف عملية وفنية وإدارية ، ويبلغ المتوسط في دول منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية OCED حوالي 45%، بينما في المملكة هناك فقط 9% من الفئة العمرية الواحدة تتخرج في السلك المهني . وفيما يتعلق بالمبادرة الثالثة عن تنظيم آليات السوق أكد معاليه أن الوزارة تهدف إلى رفع كفاءة آليات المواءمة بين العرض والطلب في سوق العمل وتسهيل عملية الربط بين الباحثين عن العمل والفرص المتاحة . وأكد أن هدف الوزارة أن يصبح السعوديون هم الخيار الأول لأصحاب العمل ، ويكون الباحثون عن العمل قادرين على امتلاك المهارات المطلوبة من قبل أصحاب العمل في القطاع الخاص . وأشار المهندس فقيه إلى أن الوزارة تعمل على تطوير آليات التوظيف وتقديم خدمات الاستشارات الوظيفية والتدريب وبناء القدرات , إضافة إلى توفير وسائل الدعم المختلفة المالية والتقنية والمعلوماتية لأصحاب العمل وللباحثين عن العمل على حدٍ سواء، وذلك للمساعدة في عملية المواءمة والتوطين . وأفاد معالي وزير العمل أنه على مدى الأشهر الإثني عشر الماضية من خلال مجموعة من المبادرات الجديدة ، التي تكمل وتعزز بعضها البعض تم فعلياً البدء بعدد من هذه المبادرات في حين أن هناك مبادرات أخرى مازالت في طور التجريب أو مرحلة وضع المفاهيم. وتحدث عن المبادرات التي يٌعمل بها في الوقت الحالي , كبرنامج "حافز"، وهو برنامج دعم ريادي للباحثين عن العمل، حيث يقدم هذا البرنامج دعم البحث عن العمل ومطابقة الوظائف والتدريب الأساسي لأكثر من مليون باحث عن عمل من الشباب , كما يوفر أيضاً إعانة مالية للباحثين عن العمل تبلغ 2000 ريال شهرياً (ولمدة عام كامل) إلى ما يقرب من 750 ألف مواطن أثناء بحثهم عن العمل . وبين أن الوزارة تعمل على تطوير قاعدة بيانات شاملة تشتمل على 66 مؤشراً رئيسياً في سوق العمل, وتعرف مبادرة قاعدة البيانات هذه باسم "مرصد سوق العمل" الذي سيساعد على تتبع وفهم إحصائيات سوق العمل والأداء والنتائج ، وإصدار التقارير الدقيقة لمساعدة عملية صنع القرار المبنية على الحقائق من جانب الباحثين عن العمل و أصحاب العمل وصانعي السياسات . وتطرق معاليه إلى مبادرة السعودة باسم "نطاقات"، مبيناً أنه نظام توطين يعتمد على تصنيف الكيانات الاقتصادية حسب مستويات توطين الوظائف فيها وفقاً لنوع النشاط الاقتصادي وحجم الكيان . وأشار إلى تطوير آليات الاستقدام عبر مبادرة لإطلاق شركات استقدام وتأجير العمالة بهدف توفير الموارد البشرية لأصحاب العمل وللمشاريع بشكل مرن , إلى جانب تكثيف الشراكات بين القطاعين العام والخاص في مجال التدريب المهني , مبيناً أن الهدف من ذلك تشجيع الشراكات الإستراتيجية في تقديم التدريب المستند إلى احتياجات أصحاب العمل أو المستند إلى التخصصات العلمية، وذلك بهدف زيادة القدرة الاستيعابية الحالية للمتدربين عبر الشراكات من حوالي 10.000 طالب إلى إجمالي ما يزيد على 200.000 خلال العقد القادم بمشيئة الله. وفي ذات السياق بين أنه يتم تطوير المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني بشكل جذري , كما يجرى حالياً إطلاق حزمة من برامج دعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة , حيث حددت 38 مبادرة لتحفيز روح المبادرة والنمو في المنشآت الصغيرة والمتوسطة . وقال معاليه : "أنشئت مراكز التوظيف لتسجيل وتقديم المشورة للباحثين عن العمل ومعالجة الثغرات في القدرات والمهارات، وتأهيلهم بشكل أفضل لشغل الوظائف الشاغرة ", مشيراً إلى أنه سيشجع الشراكات الإبداعية فيما بين القطاعين العام والخاص في القيام بهذا الدور . وأوضح أن سوق العمل الافتراضي الموجود على الإنترنت يحتوي على محركات مؤتمنة للبحث عن الوظائف وقد أصبح هذا الموقع الآن في متناول كل من لديه وسيلة اتصال بالإنترنت , لافتاً الاهتمام إلى أن الوزارة تسعى لتوفير التدريب الإلكتروني (التدريب عن بعد) على شكل وحدات تدريبية للباحثين عن العمل من خلال استخدام الإنترنت . وأفاد أن وزارة العمل تسعى لتطوير نظام تفتيش العمل في المملكة لضمان الالتزام الكامل بالأنظمة وتعزيز الشفافية ,إضافة إلى عملها بالتعاون مع منظمة العمل الدولية لضمان توافق وتماشي التفتيش العمالي مع معايير العمل الدولية . وشرح معالي وزير العمل المبادرة الرئيسية في كيفية تطور سوق العمل ونظام التوظيف الحالي في المملكة عن طريق مبادرة برنامج نطاقات الجديد قائلاً : "إن البرنامج يحدد أداء الشركات في القطاعات المختلفة لتحديد مستوى التوطين المطلوب لكل شركة ويصنف الشركات إلى 230 فئة من الحصص على أساس الصناعة والنشاط السوقي والحجم. ويتم تصنيف مستويات السعودة لكل شركة مقارنة بالشركات المماثلة في كل فئة من هذه الفئات ". وأضاف: " يستخدم نظام النطاقات تصنيف الشركات ضمن أربع فئات ، الممتازة، الخضراء، الصفراء والحمراء , حيث تمنح الشركات في الفئة الممتازة والخضراء تسهيلات , بينما تمنح الفئتان الصفراء والحمراء مهلة ستة اشهر للأولى وتسعة أشهر للثانية للتطابق مع المعاير , مبينا أن "نطاقات" جاء ليعالج هذا الجانب بشكل عادل ومرن وشفاف , حيث تتحدد نسبة السعودة المطلوبة لبلوغ أي نطاق على طبيعة النشاط وعلى حجم النشاط , إضافة إلى ما تم تحقيقه بالفعل . وأبان معاليه أن الوزارة تهدف إلى جعل سوق العمل السعودي نظاماً أكثر استجابة وذكاءً ، من خلال ثلاثة محاور هي تحسين نظم التوظيف وذلك بأن يرتقي المواطنون في المناصب القيادية في شركاتهم , مشيراً إلى أن الوزارة تعمل على أن يتضمن برنامج نطاقات جانباً يركز على تقييم مستويات أجور المواطنين ونسبتها في المجموع الكلي للأجور في كل شركة ، باعتبار مقياس الأجور هو مؤشر جيد لمستويات الوظائف , أما المحور الثاني فهو رفع المستوى المهاري للعمالة الوافدة ، إذ يمكن استخدام برنامج نطاقات لتقييم مهارات ومؤهلات القوى العاملة الوافدة ورفع مستوى جودتهم . وفي المحور الثالث أشار معاليه إلى أن الوزارة تهدف إلى التطوير المستمر لبرنامج نطاقات لجعله نظاماً أكثر دقة وتركيزاً تجاه الأهداف المبتغاة منه ، مستفيدين من تجارب دول مثل كندا واستراليا ، وبما يجعل السياسة العمالية في المملكة تصب بشكل أمثل في رفع الإنتاجية وتوفير فرص العمل للمواطنين في المجالات الواعدة. وتحدث وزير العمل عن تجربة العام المنصرم والدروس المستفادة من المنتدى وهي ثلاثة مجالات: قيادة القطاع الخاص، والتكامل، والتكنولوجيا , مؤكداً أن الدور القيادي للقطاع الخاص أمرٌ ضروريٌ لضمان التكيف بسرعة مع المتطلبات المتغيرة والوصول إلى المستويات المرجوة سواءً في تقديم التدريب أو في إدارة مراكز التوظيف أو غيرها , مفيداً أن الوزارة ستعمل بصورة متزايدة في الاعتماد على الشراكات الاستراتيجية بين القطاعين العام والخاص , إلى جانب تشجيع الأنظمة واللوائح التحفيزية الخلاقة من أجل زيادة التنافسية بين مزودي الخدمة , وتحديد مؤشرات الأداء الرئيسية وتحديد المكافآت المرتبطة بالأداء. وشدد على أن الإطار الاستراتيجي الشامل يعد أمراً حيوياً ولازماً لدمج جميع البرامج والمشاريع بشكل متسق ، حيث أن المبادرات التي تعمل بصورة منفردة لا تحقق أهدافها بشكل فعال , كما يجب أن يحدث تكامل البرنامج على المستوى الاستراتيجي والتنظيمي والتشغيلي . وأفاد معاليه أن الوزارة تعمل على إطلاق العديد من المشروعات المتكاملة وبشكل متوازٍٍ وذلك في تحويل صندوق تنمية الموارد البشرية إلى مركز دعم التوظيف في المملكة ، وتوفير احتياجات الباحثين عن عمل بصورة تدريجية , إضافة إلى تطوير سياسات العمل بحيث تعمل بصورة متناغمة على توفير الحوافز اللازمة لدعم التوظيف، وتكون في الوقت نفسه متكيفة ومستجيبة للمتطلبات المستجدة ومستندة إلى أرض الواقع. كما يتطلب تنفيذ الاستراتيجيات بشكل فعال لمستويات أعلى من التنسيق والتكامل لتكون قادرة على اختراق صوامع الكيانات الحكومية الفردية , مؤكداً أن التكنولوجيا تتيح سرعة التعلم من تجارب الآخرين والقفز إلى الأمام . واختتم معالي وزير العمل كلمته قائلاً : إننا في وزارة العمل نحتاج إلى بناء ثقافة جديدة لخدمة جميع عملائنا بمن فيهم أصحاب الأعمال والمواطنين الباحثين عن العمل ومن هم على رأس العمل وضيوفنا من العمالة الوافدة والمجتمع ككل , وأن نصبح أكثر حساسية وتجاوباً مع متطلبات المجتمع واحتياجاته من خلال هذه المبادرات.