أثارت إجابة الفنان الكبير محمد عبده عندما قال رداً على سؤال عن الإنتاج المحلي للنص الغنائي .." لاوجود للصف الثاني " اثارت الكثير من علامات التوقف والتأمل ..من ان التراث الغنائي والابداع " النصي " يشهد غياباً لأسباب توقف او وفاة جيل " العمالقة " . اللون الشعبي ارتبط الناس وتحديداً جيل الخمسينات والستينات وحتى اوائل التسعينات الهجرية بكتاب اغنية وفنانين ابدعوا وقدموا للساحة الكثير من النصوص الجميلة التي لازالت باقية في الاذهان وداخل اشرطة " الريل " و " الكاسيت " وعلى لسان الكثير من هؤلاء لانها سجلت بعناية نصاًًًً ولحناً وأداها فنانون على درجة من القدرة والذكاء والإتقان . توقف تام لكن العقود الثلاثة الاخيرة شهدت توقفاً وصمتاً في مجال الكتابة واصبح الناس يرددون الاغاني القديمة واصبح الفنانون الكبار يحيون الحفلات الداخلية والخارجية بقوة اغاني التسعينات الهجرية ..والواقع يقول " لاجديد " . الموهبة ولو سلمنا بأن الكتابة ..اي كتابة هي موهبة وابداع وثقافة هل نقول ان الجيل الحالي لايملك هذه المقومات حتي يعطي؟ وهل انتهى زمن الابداع في الكلمات الغنائية التي استمرت سنوات طويلة ولازالت في الصدارة؟ . إبراهيم خفاجي هل الرائد الاستاذ المبدع إبراهيم خفاجي هو رائد الاغنية السعودية بل الرائد بكل الوان الكتابة للنص الغنائي سواء الحجازي او الشعبي او الجنوبي او " النجدي " والذي استطاع في " الحجازي " ان يبدع فيه ويتألق وقدم مئات النصوص الجميلة الرائعة التي حازت على إعجاب الجميع . ياناعس الجفن وربما كانت بداية الخفاجي قبل اكثر من 15 عاماً بأغنيته الشهيرة " ياناعس الجفن " التي ابدع فيها طارق عبد الحكيم بل ربما كانت من اسباب شهرته في بداياته في الطائف واستمر الخفاجي في العطاء ولايزال اطال الله في عمره ومتعه بالصحة والعافية . النشيد الوطني وكتب الخفاجي نص النشيد الوطني " سارعي " وابدع في انه كتب نصاً ملحناً تم اعداده سابقاً .كما كتب اوبريت " عرائس المملكة " والذي قدم قبل سنوات في الجنادرية واستطاع ان يوظف الكلمات لكل عادات ومناظر واسماء المدن و القرى والهجر في كل مناطق المملكة . محمد طلعت من الجيل الذي جاء بعد الخفاجي مباشرة وان كانت اعماله قليلة الا انها جميلة واكثرها كتب بعناية .ومحمد طلعت رحمه الله يعد من جيل الرواد في كتابة النص الغنائي . خالد زارع من المفاجآت ان الفنان خالد زارع والذي عرف بتقديم برنامج " ربوع بلادي " الذي حاز على اعجاب الناس بمادته التي ركزت على التعريف بالعديد من مدن وقرى المملكة كتب الكثير من الاغاني الجملية التي غناها طلال مداح رحمه الله في الثمانينات الهجرية ومن ذلك ظالم ولكن ابك لو تكون هاجر ياسر مكتوم وغيرها من الاغاني التي ارتبطت ولاتزال بالذاكرة حتى ان جيل اليوم نالت استحسانه لانها كتبت بصدق ولحنت بإتقان . توقف مفاجئ لكن خالد زارع ومنذ سنوات طويلة زادت عن الثلاثين عاماً توقف عن العطاء ولااستطيع ان اقول ان الاسباب عدم وجود تشجيع او دعم او امكانيات لان كل ذلك يأتي بعد النص ..لكن اين النص أولاً؟ جلال وثريا قابل والحديث عن ثريا قابل يرتبط بفترة جميلة انحصرت في الثمانينات الهجرية ومعها صالح جلال رحمه الله وان خصصت هذه النصوص لثريا وجلال للفنان فوزي محسون رحمه الله او اكثرها الا انها كانت ولازالت اغاني جميلة رائعة متعدي وعابر سبيل سبحانو وقدروا عليه ما تبغى تهدأ تروق ما عشقت غيرك ..وغيرها . حجازي وياسين سمكري ربما عاند الحظ ياسين سمكري وعبد الرحمن حجازي كثيراً ورغم وجود القدرة على كتابة النص الغنائي الشعبي الا ان ما عرف لهما من اغاني كثير في " الادراج " لكن ما تغنى به الفنانون قليل ومحدود رغم ان الحجازي وياسين من جيل السبعينات الهجرية في الكتابة الغنائية في الحجاز وتحديداً في مكةالمكرمة .ارتبط الناس بأغنية غناها الراحل " عبد الله المرشدي رحمه الله واشتهر بها وهي اغنية تصورالطائف وجمال الصيف فيه " ياقماري بالله تولولوا " ومن الاغاني الشهيرة للحجازي اغنية " ياغزال يا غزال " والتي غناها عبادي الجوهر وغيرها نصوص " بلدية " جميلة لم ترَ النور كتبها وصديقه ياسين سمكري ولازالت حبيسة الأوراق . سمراء لكن اغنية سمراء والتي ابدع فيها الشاعر " يحيى توفيق حسن ولحنها جميل محمود وادتها هيام يونس في منتصف الثمانينات الهجرية ..اصبحت من اشهر الاغاني التي دل نصها على وجود قدرات كبيرة في الحجاز تحديداً لكتابة الاغنية والعاطفية والوطنية ساهراًالشعبية وغيرها .. " وهو الذي بات الليالي يرعى النجوم لعله يلقاك لكن قلبي والفؤاد ومهجتي اسرى لديك فاكرمي أسراك " محمود حلواني قيل ان محمود حلواني رحمه الله اضاف بادائه الكثير من الكلمات جمال النص مع الاداء وهو كما يقال عن الخفاجي لديه ذائقة في تعديل الكلمات والخفاجي يملك ذائقة في اللحن وتوافقه مع الكلمات التي يكتبها . من إبداعات الخفاجي ولان الخفاجي رائد وعلم يعد الاسم الاول على مستوى المملكة في كتابة النص الغنائي فحري بنا أن نسجل ما نذكره الآن من نصوصه الجميلة والتي غنى محمد عبده اكثر من ٪90 منها ولان الخفاجي استغل طبيعة عمله في اللاسلكي والزراعة وجولاته في عدد من مناطق المملكة اضافة الى أنه ابن مكةالمكرمة وابن " سوق الليل " الحي الذي جمع عدداً من المبدعين في العديد من المجالات .قال الخفاجي مثل صبيا الجنوب شكيت حالي للهوى اقلك انت محبوبي الساحل الغربي اشوفك كل يوم واروح وغيرها الكثير . محمد العيسى كاتب غنائي مبدع " مُقل " كتب العديد من النصوص قديماً وقبل اكثرمن نصف قرن ومنها : روابي شهار " التي غناها طارق ولازالت وسكة التائهين لمحمد عبده وغيرها .. سعود سالم لوقلنا ان سعود سالم وهو ابن مكة ايضاً يعد من الصف الثاني او الثالث وقدم العديد من النصوص وان ارتبطت بمناسبات خاصة وآخرها " سلم علي بعينك " والتي غناها محمد عبده قبل ثلاث سنوات ، وكلمات استغل فيها بعض المقامات المستعملة في اغاني الافراح الا ان سعود يعد من الكتاب المقلين جداً الا اذا كانت له نصوص لم ترَ النور لسبب او لآخر . عبد الله محمد يتردد بين من حضروا فترة بروز عبد الله محمد رحمه الله من الطائف ان عبد الله محمد رغم ثقافته المحدودة الا انه كان خلف تعديل الكثير من النصوص التي كتبت له في تلك الفترة الى جانب قيامه بعمل اللحن لها وهو اللحن الذي عُرف به عبد الله محمد بأغانيه الجميلة ومنها انت فينك حيران هيجت ذاكراك حبي طل القمر ..وغيرها بمعنى ان عبد الله كان من جيل الرواد اداءً او لحناً وكلمة ايضاً . الحديث عن القديم والسؤال هل سنبقى نردد القديم بعد أن ظهرت موجة الكلمات الهابطة والالحان المزعجة الهزيلة والفنانين الذين يؤدون الاعمال بأية طريقة بعيدة عن " التطريب " و " المزاج " ؟ ! وكيف يمكن ان نعمل على تقديم جيل جديد يستلم مسؤولية إعداد الكلمة المقبولة ويواصل ما قدمه " الرواد " الخفاجي وغيره ؟ وهل لوزارة الثقافة والاعلام " الشؤون الثقافية " وجمعيات الثقافة والفنون دور في مثل هذه الحالات؟ وكيف نصل الى هؤلاء الذين لاشك بوجودهم وهل للاعلام دور في دعمهم وتشجيعهم ؟ النص الغنائي ولاننسى لطفي زيني فهو أحد كتاب الاغنية الجميلة مثل ياقمر تسلم لي عينيك وانا معايا القمر وعيني علينا وغيرها كثير . لكن يبدو ان واقع الحال يشير الى " غياب " كُتاب النص الغنائي ..وكما قلنا في مقدمة الحديث رواية عن الفنان الذي ارجع الاسباب لغياب " كاتب النص " فإن الحقيقية وبالتجربة بعد هذه السنوات الطويلة دلت على توقف " الانتاج " للنصوص ولايمكن أن نؤكد ان لتلك الايام ظروفها والتي ساهمت في ماخرج من إبداعات اصبحت صالحة لكل زمان ومكان .