حين نتحدث عن الادارة يتبادر الى ذهننا مباشرة الأساليب العصرية والتي خضعت للدرس والبحث لتخرج بنظريات متباينة ومتعددة.. ولعل أبرز ما يميز الإداري الناجح هو القيادة. والقيادة صفة تأتي بالفطرة في المقام الأول فبعض الأطفال ان وضعتهم وسط مجموعة من رفاقهم تجدهم يقودون المجموعة ويضعون لهم الخطط وينظمون طريقة اللعب التي يمارسونها مع رفاقهم.. وما يحتاجه هؤلاء هو ثقافة وعلم تدعم تلك القيادة وتجعلها قيادة حكيمة متزنة تبنى على أسس علمية وفكر منطقي.. ولكن على الجانب الآخر هناك عامل حيوي وأساسي لا بد وأن يتوفر في القائد أو المدير ألا وهو الانسانية وخاصة في مجتمعاتنا العربية والتي يتسم أفرادها بصفة العاطفة الجياشة ولعل هذا ما يميزنا نحن كمجتمعات عربية عن بقية المجتمعات الأخرى... فالجانب الانساني يطغى على فكرنا وفي بعض الأحيان قد يضللنا خاصة حين نتعامل مع الأشخاص الخطأ.. وليس هذا ما أرمي إليه هنا وانما أحاول أن أسلط الضوء على المفهوم الانساني في النظام الاداري فالتعامل في المؤسسات يحدث بالتواصل مع الأفراد ( الموظفين ) وهؤلاء هم بشر يتعرضون لكل تقلبات الدهر ويخضعون لضغوط متفاوتة وقد يقصرون في عملهم في بعض الأحيان وقد يفقدون مهاراتهم في أحيان أخرى وكل ذلك بسبب الظروف التي تحيط بهم. وما دفعني اليوم للكتابة عن هذا الجانب الحيوي وأقصد به التعامل الانساني لدى الادارة في المؤسسات المختلفة هو تعاملي مع شخصية تركت في نفسي عظيم الأثر وقد تكون قد أثارت لدي بعض الحيرة والتشكيك في كل ماكنت أؤمن به سابقا من نظريات في الادارة... هذا الرجل الانسان يدير مؤسسة اعلامية كبرى ولأكون أكثر وضوحا فهو المهندس حسن عنقاوي المدير العام لمركز التلفزيون السعودي في محافظة جدة فهو هذا الانسان بكل ماتحمل الكلمة من معنى, له إسلوب يغلب عليه الحنان والعطف... رأيت فيه إنسانية وتفهم لا متناهي.. يتحدث بعقله وقلبه معا فهو منطقي وعادل وفي نفس الوقت هو إنسان يحمل في داخله هم كل موظف لديه... يتفهم الضعف كما يعزز القوة لدى الأفراد في مؤسسته... قد يبدو هذا مديحا مفرطا إلا أنه نموذج لا بد وأن يكتب عنه لما فيه من صفات قد تندر في كثير ممن يكونون في نفس مكانه فالكرسي له بريقه وله سلطته وأن يجلس عليه من هو قادر على أن يخضعه لا أن يخضع له فهو إنسان يتميز بصفات قيادية غير عادية... لقد استطاع المهندس حسن عنقاوي أن يخلق جوا من الحب والتسامح بين الموظفين كما استطاع أن يحركهم ويدفعهم الى العمل بحب وحماس وهو أمر ليس بالسهل او البسيط أن تجمع الموظفين بالحب لا بالسلطة وأن تترك فيهم كل هذا الانتماء للعمل وهو ما وجدته وشاهدته في جميع أقسام التلفزيون هنا في جدة , فالنشاط سمة الجميع والتفاني في العمل يجعلهم لا يشعرون بالوقت وهو يمضي دون أن يجدوا وقتا للراحة... إن هذا الانجاز لا يخرج الا ممن لديه قيادة لا سلطة وانسانية لا أنظمة جامدة... فأن تخضع النظام لمصلحة الموظف في المقام الأول لينجز لك العمل كما يليق به أن ينجز هو قمة النجاح والاحتراف. ما رأيته من نشاط وحرفية لدي منسوبي التلفزيون السعودي يجعلني أفخر بانتمائي لهذه المؤسسة التي تتطور كل يوم وتنتقل الى مراحل متقدمة لتؤكد أن هذه المؤسسة الحكومية تتجه بخطوات مدروسة ومتأنية الى ميدان تنافسي وسط فضائيات تغرق المشاهد السعودي بالكثير من البرامج التي قد لا تتوافق مع فكره وبيئته ومجتمعه.... إن المجد يصنعه القادة الذين يؤمنون أن الانسان هو من يصنع النجاح والمجد وليست أنظمة إدارية جامدة وخالية من عنصر الرأفة والرحمة. * اعلامية وشاعرة سعودية