كثيرا ما توصف المرأة بالفراشة ... ... وقد ينظر لها الرجل من منظور صياد الفراشات .. ولا يرى فيها الا رهافة حركتها وضعف تكوينها وزخرفة أجنحتها ... حتى المرأة نفسها يحلو لها هذا الوصف فهي ترى نفسها ضعيفة ورقيقة كرقة الفراشة ... ولكن الى متى تبقى المرأة حبيسة في لوحة واحدة قد يتغير اطارها ولكنها تبقى محتفظة بنفس الموضوع هذا الوصف الذي التصق بالمرأة يذكرني بالحكايات التي كنت أسمعها وأنا أتلصص على مجلس النساء الذي كانت تستضيفه والدتي في صالونها كل أسبوع ... فجارتنا زوجت ابنتها التي كانت تتباهى بجمال شعرها وطولها والتفاف قوامها ودقة ملامحها وتفاصيل عيناها ورسمة شفتيها ولكن ما يميزها اكثر هو رقتها وضعفها فهي لا تعترض ولا تناقش ابدا مما يجعلها زوجة مثالية ...... وكنت أستمع لتلك الأحاديث التي وضعت المرأة في قالب جمالي بقي متوارثا جيل بعد جيل حتى حملت معي هذا الارث فأصبح يرافقني في فكري وأجده في فكر كل النساء حولي ... فالمرأة فراشة وكل فراشة تختلف عن الأخرى بألوان أجنحتها ولكنها تبقى في النهاية جمال يكتنفه ضعف والموروث الاجتماعي بان مثالية المراة تنبع من كونها ضعيفة ومطيعة اثار في عقلي جدل كبير فلماذا يكون هذا معيار المثالية للمرأة ؟ ولماذا ترغب المرأة دائما ان تبدو ضعيفة ومطيعة ؟ ولماذا تمارس الأسرة الشرقية هذا الفكر في اسلوب التربية والتنشئة ؟ من خلال هذا الفكر الاجتماعي ظهرت سلبيات أخلاقية نتج عنها انهيار علاقات زوجية خاصة في العشر سنوات الأخيرة فالزوج يختار تلك المطيعة التي تخرج من الاطار العائلي المستبد ليمارس عليها استبداد آخر يتماشى مع فكرة الزوجة المثالية وما يحدث هنا هو أن تلك المخلوقة الضعيفة المثالية تختار أحد الأمرين فهي اما متمردة على قمع مورس عليها طوال فترة تنشأتها فتطالب بحقها الانساني في التفكير والاختيار أو الاستسلام لواقعها.. وفي الحالتين يكون هناك انهيار متوقع لمؤسسة زواج قامت في أساسها على فكر خاطىء وان بحثنا عن اسباب ارتفاع نسبة الطلاق في مجتمعنا لوجدنا ان الموروث الفكري في تنشئة الفتاة واعدادها للحياة سواء لحياتها في زواجها او في حياتها العملية هو المحرك الرئيسي للفكر الذكوري ونظرته وتقييمه للمرأة ... والأمر في نتيجته لا يتوقف عند موضوع الزواج وانما يمتد الى التواجد الذكوري والنسائي في جميع المؤسسات حيث تبقى المرأة كالفراشة زاهية وجميلة وضعيفة ولا شيء آخر.