تصوير : عبد المنعم عبد الله .. نيابة عن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - افتتح معالي وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز بن محيي الدين خوجه امس مؤتمر الناشرين العرب الأول الذي ينظمه اتحاد الناشرين العرب بالتعاون مع جمعية الناشرين السعوديين تحت عنوان ( م ستقبل صناعة النشر في العالم العربي ) خلال الفترة من 17- 18 شوال الجاري بحضور صاحب السمو الملكي الأمير تركي الفيصل رئيس مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية الرئيس الفخري لجمعية الناشرين السعوديين وصاحب السمو الملكي الأمير تركي بن سلطان نائب وزير الثقافة والإعلام وعدد من المسؤولين وذلك في مركز الملك فهد الثقافي في مدينة الرياض. وقد بدئ الحفل الخطابي بتلاوة آيات من القرآن الكريم . اثر القيت كلمة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - القاها نيابة عنه معالي وزير الثقافة والإعلام .. جاء فيها : «بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله سيدنا محمد بن عبدالله وعلى آله وصحبه ومن والاه . أيها الأخوة الكرام .. السادة الحضور . السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، وبعد . يسرني في بداية كلمتي هذه أن أرحب بكم في المملكة العربية السعودية ، في مؤتمر الناشرين العرب الأول ... هذه التظاهرة الثقافية التي تشهد اهتماما عربيا وعالميا كبيرين ، وكلي أمل في أن يكون هذا المؤتمر انطلاقة صادقة نحو نشر منظم للكتاب العربي يثري ساحتنا الثقافية ويلبي طموحات شعوبنا في الوصول إلى مستوى ثقافي متقدم يقودنا إلى البناء والرقي . أيها الأخوة : غني عن القول الإشارة إلى ماضينا الإسلامي والعربي المشرق في العلوم والمعارف وما قام به علماؤنا من نشر للثقافة بكافة أشكالها في أنحاء المعمورة ، والأمل يحدونا في أن تستمر المسيرة ونكمل ما بدأه أسلافنا من اهتمام مستفيدين مما نملكه من وسائل حديثة للنشر ، وقبل ذلك كله فكر نير مضيئ يحمله كتابنا وأدباؤنا . أيها الأخوة : كلنا يدرك أهمية الدور الذي يقوم به الناشر في العملية الثقافية ، ومن خلال محاور هذا المؤتمر وأهدافه نتطلع بكل تفاؤل في أن الوصول عبر حوار هادف بناء إلى توصيات تدعم الحركة الثقافية في العالم العربي وتذلل ما يمكن أن يعترضها من عقبات ، ومن خلال هذه التظاهرة الثقافية أؤكد لكم أن المملكة العربية السعودية لن تدخر وسعا في عمل كل ما من شأنه إثراء الحركة الثقافية في العالم العربي وإيصال المعرفة لكل أطياف المجتمع في يسر وسهولة . علينا جميعا أن لا نقف عند أي توصيات أو نتائج يتم التوصل إليها في هذا المؤتمر وغيره من الفعاليات الثقافية وإنما متابعة تفعيل هذه التوصيات والنتائج وجعلها واقعا ملموسا في مجتمعاتنا ، وكلي ثقة في صدق توجهاتكم وبعد نظركم ، حقق الله أمانيكم جميعا وسدد على درب الخير خطاكم . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته «. بعد ذلك ألقى صاحب السمو الملكي الأمير تركي الفيصل رئيس مجلس إدارة مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية الرئيس الفخري لجمعية الناشرين السعوديين كلمة رفع من خلالها الشكر والتقدير، إلى خادم الحرمين الشريفين، لتفضله - حفظه الله - برعاية المؤتمر الأول لاتحاد الناشرين العرب ، مشيراً إلى حرصه - حفظه الله - على هذا القطاع الثقافي للمجتمع العربي حيث حظيت الثقافة والتعليم مثل غيرها من جوانب الحياة في المملكة، باهتمامه الواسع ودعمه العظيم. وأكد سموه عدم وجود معيار يتم من خلاله تداول إحصاءات الكتب التي تنشر في العالم العربي إضافة إلى نسبة ما نشر وترجم في العالم العربي بالمقارنة بما يتم في بقية أنحاء العالم مشيراً إلى أنه نشر في تقرير لمؤسسة الفكر العربي العام 2007، أن لكل 12 ألف مواطن عربي كتاب واحد، في حين أن هناك كتاب واحد لكل 500 مواطن بريطاني، وكتاب لكل 900 مواطن ألماني//. وقال سموه « في العالم العربي لا يتجاوز معدل القراءة 4 في المائة من معدل القراءة في إنجلترا، أي أن معدل القراءة يراوح مكانه منذ عشرات السنين، لا بد أن الأمر يحتاج إلى دراسة موسعة، فالمؤكد أن حركة النشر في البلاد العربية توسع يوما بعد آخر، وكمية المنتج ترتفع سنويا، ولكن هناك خلل كبير في الإحصاءات لعدم العناية بها، وعدم الحرص على دقتها، وهي مسألة تنطبق مع الأسف الشديد على كثير من أمور العالم العربي، حيث يكون الحكم غير دقيق لإهمال الإحصاء أو عدم العناية بدقته، أو لعدم اقتناع بعض الجهات المسؤولة بجدواه». وناشد سموه الجميع بإجراء إحصاء دقيق جدا للإنتاج الفكري العربي المطبوع ابتداء من عام 2010، وأن يكون هم إتحاد الناشرين العرب ومعه الاتحادات الإقليمية والتوصل إلى احصاءات دقيقة جدا لما نشر في عام 2009 وموازنة ذلك وفقا لبيانات رسمية من كل دولة مع عدد السكان ونسب التعليم في كل منها مؤكداً أنه من خلال ذلك الإحصاء يمكن الخروج بأرقام واقعية . وبين سموه أنه وقفا لسجلات مكتبة الملك فهد الوطنية، وهي مقر الإيداع الرسمي والجهة التي يمكن من خلالها معرفة عدد ما نشر من كتب في المملكة، أنه تم في عام 1429 ه تسجيل 5226 عنوانا لدى أدلة التسجيل في المكتبة، أما عدد الكتب المودعة فكان 2662 كتابا. فالفرق بين المسجل والمودع هو 2564 عنوانا، وهو رقم كبير. وفي عام 1428 هجرية كان المسجل 5391 عنوانا والمودع 2979 عنوانا بما يعني أن الفرق بلغ 2412 عنوانا مضيفاً أن هناك عناوين تظهر ولا تحمل رقم إيداع نشرتها جهات رسمية مما يعني أنها لم تسجل في مكتبة الملك فهد الوطنية، فمثل هذه العناوين لا تدخل في الاحصاءات. بعد ذلك القى رئيس جمعية الناشرين السعوديين احمد بن فهد الحمدان كلمة نوه فيها برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله - لمؤتمر الناشرين العرب الأول حيث أنه أعطى ايده الله اهتماما خاصا لحركة النشر والتأليف وجعل من المملكة منارة للعلم . وقال «ما افتتاح جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية وجائزة الملك عبدالله للترجمة الا دليل واضح وجلي على ذلك//. وبين الحمدان أن المؤتمر تحول من أمنية إلى واقع ملموس يلبي رغبة الناشرين في دراسة واقعهم واستشراف طموحاتهم تحت شعار مستقبل صناعة النشر في العالم العربي ليبني رؤى تنويرية متكاملة للكتاب العربي . مشيرا الى أن الهدف من إقامة مؤتمر الناشرين هو تحليل واقع النشر العربي ودراسة حالة التنمية الثقافية في الوطن العربي التي كانت لها آثار سلبية على المجتمعات العربية . وقال الحمدان «نعترف نحن الناشرين العرب أننا استقبلنا القرن العشرين بإصدارات مكثفة وأعمال نشر جليلة ولكن هذه الإصدارات ركزت على جانب وأهملت جوانب نحن في أمس الحاجة إليها»مشيراً إلى أن الإصدارات التي أنتجت خلال الفترة السابقة لن تعالج كل المشاكل في العالم العربي موضحا أن إقامة المؤتمر محاولة جادة من الناشرين العرب للم الشمل العربي من الناحية الفكرية والثقافية . وأكد الحمدان أنه لا يوجد في الوطن العربي أزمة للكتاب ولكن هناك عدم ثقة بين القارئ والكاتب مشيراً إلى أنه ليس صحيحا أن الكتاب الرقمي كان لة تأثير على الكتاب الورقي وعلى القراء بل العكس كان الكتاب الرقمي سندا للكتاب الورقي. وقال //إن المملكة هي من كبار الدول العربية المقتنية للكتاب حيث أن نصف إنتاج العالم العربي يسوق فيها «مؤكدا أن القراءة هي اللبنة الأولى لبناء الحضارات على أسس علمية . عقب ذلك ألقى رئيس اتحاد الناشرين العرب الدكتورمحمد عبد اللطيف طلعت كلمة أكد خلالها أهمية أن يجتمع الناشرون العرب معاً ليتدارسوا قضاياهم واهتماماتهم المشتركة مشيراً إلى أن اتحاد الناشرين العرب هو المظلة العربية الجامعة التي تجمع كل اتحادات وجمعيات الناشرين العرب في الدول العربية وعددها الآن 13اتحاد أو نقابة أو جمعية وكذلك دور النشر الذين يقترب عددهم الآن في الاتحاد من خمسمائة عضو . وبين الدكتور طلعت أن الاتحاد الذي بدأ أعماله في الستينيات بتوصية من أحدى لجان جامعة الدول العربية وأعيد تأسيسة سنة 1995 م يهدف إلى تنمية صناعة النشر في العالم العربي و تحديد المشكلات التي تواجهها و اقتراح ووضع الحلول المناسبة لها مبيناً أن النشر ليس مجرد صناعة مثل باقي الصناعات بل أنه يعد في نفس الوقت أحد صانعي البنيان الأجتماعي و الثقافي لأي أمة من الأمم. وقال «إن النشر يعد جزءاً من صناعة المحتوى ، وبالنظر إلى العالم العربي وما فيه من تراث ثقافي هائل ومتنوع ومتعدد وبما فيه أيضاَ من أعدادا كبيرة لعقول مفكرة ومبتكرة ، هذا العالم العربي الذي يمتلك كماً من المعرفة التراكمية على مدى عصور متتالية ومع هذا كله فإن المساهمة العربية في صناعة المعرفة العالمية تعتبر قليلة إلى حد كبير ، فما أشد حاجته الآن إلى أن ينفض الغبار عما لحق بهذه المعرفة و ليبدأ في القيام بدوره من جيد في إشاعة هذا النور في كل مجتمعاته بل ليبدأ في سد حاجة العالم من حوله إلى ما يمتلكه من ثقافة و علم ومعرفة «. وأوضح رئيس اتحاد الناشرين العرب أن اللغة العربية تعتبر أحد أدوات الربط الهائلة بين أبناء الأمة العربية في مختلف أماكنهم وأن قوة هذه اللغة تعتبر قوة للأمة كلها والعكس صحيح مشيراً إلى أهمية ضمان حرية انتقال الكتاب العربي من مكان إلى آخر ومن دولة إلى أخرى داخل العالم العربي حيث أن الكتاب هو جسر التواصل بين الحاضر و بين الماضي بما يحويه من دروس وعبر. وقال «إن هناك أهمية بالغة للتعاون بين الناشرين وبين جميع الجهات خصوصاً الحكومية منها، أن تحديات مثل التصدي للإعتداء على حقوق الملكية الفكرية بالتزوير والتقليد و القرصنة وكذلك التعاون في أنتاج الكتاب المدرسي لهي أمثلة شديدة الوضوح على الأهمية للتعاون المأمول مع جهات حكومية متعددة، ان هناك الكثير مما يمكن فعله للعبور بالكتاب العربي من ضيق المشاكل واللوائح و النظم إلى الفضاء الأرحب من التعاون و التكاتف، إذن صناعة النشر العربية تواجه تحديات كبيرة و عميقة نأمل أن يكون هذا المؤتمر تأسيساً قوياً لمجابهة هذه التحديات والتصدي لها». بعد ذلك القى رئيس اتحاد الناشرين الدولي هيرمان سبروجت كلمة عرف فيها بالاتحاد الدولي للناشرين الذي يضم نحو 60 اتحاد وطني للناشرين من 50 دولة وتأسس في عام 1896 م . وقال «يهدف الاتحاد إلى تعزيز حقوق النشر ودعم مكافحة القرصنة وتعزيز حرية التعبير ومكافحة الرقابة على المطبوعات وزيادة الوعي بقيمة النشر لدى المجتمع وتعزيز السياسات المؤيدة لتطوير الصناعة المحلية للنشر فضلا عن التبادل الدولي لهذه الصناعة «. وأشار سبروجت الى أن النشر يعزز التعليم ويحافظ على التراث الثقافي ويعزز الهوية الوطنية ويمكن من الحوار الدولي فضلا عن أنه أداة أساسية في التعليم والكتب المدرسية. ويعتمد أيضا على السياسات الحكومية بما فيها حقوق النشر وتنفيذها. وأشاد رئيس اتحاد الناشرين الدولي في كلمته بالحضارة العربية مبينا انها كانت على مدى قرون كثيرة من أكثر الحضارات تقدما علميا وازدهارا في العالم . أعرب عن سروره بتواجده اليوم في المؤتمر الأول لاتحاد الناشرين العرب الذي يعد فرصة لتبادل أفضل الخبرات في مجال صناعة النشر. وشكر سبروجت المسئولين في اتحاد الناشرين في المملكة العربية السعودية الذي أصبح مؤخرا عضوا في الاتحاد الدولي للناشرين متمنيا التوفيق لاعمال المؤتمر . وفي ختام الحفل سلم معالي وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز بن محيي الدين خوجه دروعاً تذكارية للمؤسسات والجهات المشاركة في المؤتمر كما تسلم معاليه درعاً تذكارية من الجهة المنظمة للمؤتمر.