تحتفل المملكة العربية السعودية في هذه الايام بذكرى اليوم الوطني الذي مر عليه تسع وسبعون عاما من توحيد المملكة العربية السعودية. فالملك عبدالعزيز يعتبر فخراً وعزاً لشعب المملكة العربية السعودية وللامة الإسلامية، فقد كان دخوله الى مدينة الرياض يوماً مجيداً وتاريخاً ناصعاً في ارض الجزيرة العربية، لقد منح الله سبحانه وتعالى جلالة الملك عبدالعزيز الغيرة والحمية على ارضه ووطنه، فخرج ومعه ثلة من الرجال الأوفياء يقودون المعارك ضد الذين اثاروا الفتن والقلاقل والصراعات والخلافات بين مواطني ارض الجزيرة، فناضل القائد الغيور وكافح وعزم وصبر حتى نال مقصده بدخوله مدينة الرياض في عام 1319ه، فالصبر والمثابرة كانتا من صفات الملك عبدالعزيز عليه رحمة الله، اضف الى ذلك تقواه وشجاعته وصدقه وعزيمته التي لا تلين، وهكذا انطلق قائد الامة في جميع شتات الجزيرة العربية وتخليصها من كل ظلم وظلام عاشته لفترات من الزمن، وقد نال مراده في وقت وجيز، ساعده على ذلك الانجاز الكبير، بأن منّ الله عليه باستخراج الذهب الاسود (البترول) من ارض الجزيرة الذي لم يكتشف طيلة العهود السابقة، فكان عوناً لهذا القائد المقدام لتحقيق ما اراده الله عزل وجل لهذه البلاد واهلها الذين عانوا كثيراً من الضعف والهوان والفرقة والشتات، فسخر الله سبحانه وتعالى هذا القائد لاصلاح الدين والدنيا، وجمع قلوب الناس حوله وجعل له القبول والرضا في نفوس الجميع، فتما سكت البلاد تحت راية التوحيد (لا إله الا الله محمد رسول الله) اشد ما يكون التماسك، وهذا تأييد من عند الله عز وجل لهذا القائد الوطني الغيور، ثم انطلق يعمر ويشيّر ويصلح حتى ازدهرت البلاد بمشاريع الخير والنماء، وتحولت من صحراء جرداء الى حدائق غناء، انتشرت فيها جميع وسائل الحياة الدينية والدنيوية حتى اصبحت المملكة نموذجاً حضاريا في شتى المجالات، فأدخل الملك عبدالعزيز احدث تقنيات العصر، وبين للناس الدين الحق بكل صفاء ونقاء، وهكذا شيدت المدارس التي يدرس فيها أبناء وبنات الوطن المناهج التعليمية التي انفردت بها المملكة العربية السعودية عن غيرها، حيث التربية على العقيدة الصحيحة وفهم الدين والشرع كما امر الله، الى جانب العلوم الحديثة التي تساعد على نهضة الوطن، وبُنيت المساجد في جميع مناطق المملكة وعلى رأسها الحرمين الشريفين وجميعها تزخر بحلقات العلم والقرآن، وتعلوها كلمة الحق، والفضل في ذلك كله يرجع الى الله ثم الملك عبدالعزيز، فهو بجانب اهتمامه بالقرآن وعلومه والسنة النبوية اقام المحاكم الشرعية التي تطبق شرع الله في ارضه، تنفيذا لكلام الله عز وجل وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم واعلاء كلمة الحق واقامة العدل بين الناس، ونتج عن ذلك انشاء الامن والأمان والطمأنينة بين جميع الناس، وما زالت المملكة العربية السعودية بفضل الله تعالى تتمسك بتطبيق الشريعة الاسلامية، هكذا كان قائد الأمة الملك عبدالعزيز، ثم اتى من بعده ابناؤه البررة الملك سعود - وفيصل وخالد وفهد رحمهم الله ثم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله فساروا على نفس الدرب الذي سلكه والدهم - عليه رحمة الله - فكان اهتمامهم منصباً على مناهج التعليم والحياة اليومية، وكان اول ما انصب على التعليم هو التعليم الديني وخاصة تحفيظ القرآن الكريم - في جميع المراحل التعليمية، واهتمت الدولة في عهد الملك عبدالله بالتعليم العالي فانتشرت الجامعات في كل مناطق المملكة، فبعد ان كانت سبع جامعات صارت اكثر من عشرين جامعة، وعلى رأسها جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية التي سيشع نورها على البشرية جمعاء، كما شجعت الدولة اهل الخير والفضل بفتح جمعيات تحفيظ القرآن وقيام الحلقات القرآنية في المساجد وقدمت لهم الاعانات التي تساعدهم في انجاح هذا العمل، وقامت الدولة في عهد الملك فهد بن عبدالعزيز رحمه الله، بانشاء اعظم مجمع لطباعة المصحف الشريف في العالم، ليتولى طباعة المصحف بمختلف اللغات، فانطلق هذا المجمع يخدم المسلمين عامة، وهو يهدف الى خدمة كتاب الله الكريم ونشره وتوزيعه في شتى انحاء العالم، كذلك انشأت الدولة رابطة العالم الإسلامي والندوة العالمية للشباب الإسلامي وهيئة الاغاثة الإسلامية العالمية والهيئة العالمية لتحفيظ القرآن الكريم وغيرها من المنظمات والهيئات الإسلامية فقدمت هذه المنظمات والهيئات الكثير للمسلمين في العالم من تبرعات المحسنين والخيرين من أبناء هذا البلد المعطاء، فبنت آلاف المساجد ودور الايتام والمراكز والمدارس القرآنية وتكفلت بآلاف الدعاة وائمة المساجد والمدرسين وكفلت الآلاف من الايتام والأرامل والعجزة، ووزعت الملايين من المصاحف والكتب والاشرطة الدينية، فيجب علينا ان نأخذ العظة والعبرة من سيرة هذا القائد الهمام - الملك عبدالعزيز - الذي ايده الله ونصره على توحيد الجزيرة العربية والنهوض بها في شتى المجالات، والله يؤيد بنصره من يصدق معه ويصبر على اداء رسالته الخالدة ويؤدي الامانة كما امر الله بها، وصدق الله اذ يقول: (فاصبر ان العاقبة للمتقين). وختاماً نهنئ الشعب السعودي والأمة الإسلامية بمناسبة ذكرى اليوم الوطني، وامنياتنا لجميع شعوب الأمة العربية والإسلامية بالتوحد والتماسك والتقدم والازدهار.