نوهت هيئة حقوق الإنسان بما يتمتع به الإنسان في المملكة العربية السعودية مواطناً ومقيماً من مساواة أمام الأحكام الشرعية والأنظمة وتحقيق ضمانات حقوق الإنسان التي كفلها الشرع المطهر والنظام الأساسي للحكم وكل مرجعيات حقوق الإنسان في المملكة من مواثيق دولية وإقليمية، والتزام المملكة بذلك. وبينت أن جهود المملكة في حماية حقوق الإنسان على المستويين المحلي والدولي انطلقت من التزامها بتطبيق الشريعة الإسلامية السمحة التي تدعو إلى كل ما يحفظ حياة وكرامة الإنسان في جميع مراحل حياته من خلال عدد من الإجراءات من ضمنها ما نصت عليه المادة 26 من النظام الأساسي للحكم التي تؤكد التزام المملكة بحماية حقوق الإنسان. وفالت الهيئة " إنه بالرغم من أن المملكة العربية السعودية كانت ضحية للإرهاب إلا أن ما قامت به لحماية أمنها الداخلي لم يؤثر على حقوق الناس وتطبيق العدالة واتخاذ الإجراءات التي تضمن التوازن بين الحرية ومقتضيات الأمن. ولا أدل على ذلك من الحقائق التي تجلت إثر محاولة الاعتداء الفاشلة التي نفذها أحد عناصر الفئة الضالة والتي استهدفت أحد رموز الأمن في المملكة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز مساعد وزير الداخلية للشئون الأمنية، والتي شهدت على أبرز ملامح التلاحم الكبير بين القيادة والشعب عبر صور وفاء متنوعة، وأظهرت تعامل سموه الإنساني من خلال المكالمة الهاتفية التي دارت بينه وبين الانتحاري، وكشفت عن منهج سموه الشرعي والأبوي والوطني في مخاطبته للفئة الضالة، من خلال النقاش والحوار والاقناع، وفضحت محاولة الفئة الضالة اغتيال هذا الأسلوب الذي نجح في إعادة الكثيرين من هذه الفئة إلى جادة الصواب، وما أظهره سموه من لفتة حانية غير مستغربة من خلال مبادرته بالاتصال شخصياً بوالد المغرر به، وتقديم التعازي له بما حل به من مصيبة جراء العمل المشين الذي ارتكبه إبنه في حق دينه ووطنه، وتأكيد سموه على أن المملكة لا تأخذ المواطنين بجريرة ما يرتكبه البعض، وأنها دوماً تفتح أبوابها لكل من لديه رغبة في العودة لطريق الحق والصواب، ومشيراً إلى أن هذا العمل لن يثني المملكة عن مواصلة جهودها في مكافحة الإرهاب والفكر المتطرف، ومواصلة الرسالة الوطنية باستيعاب واحتضان كل من لديه رغبة من عناصر الفئة الضالة داخل أو خارج المملكة في العودة إلى جادة الصواب ". وتناولت الهيئة في تقرير لها بمناسبة اليوم الوطني للمملكة التاسع والسبعين ما حققته التجربة السعودية من نجاحات ملموسة في مناهضة الإرهاب والفكر المتطرف من خلال تبني برامج فكرية وحوارية مثل برنامج مناصحة الموقوفين أمنيا، وإعادة تأهيلهم داخل المجتمع والذي حظي بإشادة عالمية وتم تطبيقه في عدد من الدول. كما انضمت المملكة إلى الاتفاقيات الدولية المعنية بمكافحة الإرهاب، وأيدت إبرام اتفاقية شاملة لمكافحة الإرهاب الدولي، ونظمت المؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب عام 2005م لتأطير العمل الدولي الجماعي، ومن أبرز ما صدر عنه دعوة المملكة لإنشاء مركز دولي لمكافحة الإرهاب مع إيمان المملكة بأن مواجهة التطرف والإرهاب إنما يكون عبر معالجة جذوره ومسبباته. ولفتت النظر إلى الاهتمام الذي أولاه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبدالعزيز منذ توليه مسؤولية الحكم حفظه الله لقضايا حقوق الإنسان، وإرساء دعائم حماية هذه الحقوق على المستويين المحلي والدولي مع مراعاة خصوصية المجتمعات ومعتقداتها. فعلى مستوى تعزيز آليات حماية حقوق الإنسان بالمملكة كانت الموافقة على إنشاء أول هيئة حكومية لحماية حقوق الإنسان وتعزيزها عام 1426، وقبلها كانت الموافقة السامية على تأسيس الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان بالمملكة والتي تضم في عضويتها 41 عضواً بينهم 10 من النساء. وقد ساهم إنشاء هيئة حقوق الإنسان كهيئة حكومية والجمعية الوطنية لحقوق الإنسان في نشر ثقافة حقوق الإنسان في كثير من مناطق المملكة، وتفعيل آليات الرصد والمتابعة لأي اعتداء على هذه الحقوق، بالإضافة إلى استقبال الشكاوى وتفقد أحوال السجون وإبداء الرأي في كثير من مشروعات الأنظمة والقوانين. وقالت " إن جهود المملكة وإسهاماتها في حماية حقوق الإنسان حظيت بتقدير كبير من الهيئات والمؤسسات الدولية المعنية، وتوج ذلك بفوز المملكة بعضوية أول مجلس لحقوق الإنسان في الأممالمتحدة عام 2006م وبإعادة انتخابها عضواً بهذا المجلس عن القارة الآسيوية لمدة 3 سنوات جديدة بدءاً من العام الجاري 2009م. وأكدت أن إعادة انتخاب المملكة جاء تقديرا لدعوات خادم الحرمين الشريفين – حفظه الله – لمد جسور الحوار والتعاون بين الشعوب، وسياسته التي عززت مكانة المملكة ودورها الحيوي على كل المستويات، واهتمامه بترسيخ مبادئ العدل والمساواة، وصيانة الحقوق والحريات المشروعة، وحرصه على تعزيز حقوق الإنسان، ورؤيته الإصلاحية الشاملة، بالإضافة لجهود المملكة لإحلال السلام في منطقة الشرق الأوسط، ومواجهة أزمات الفقر العالمية، والعمل على تحسين المستوى المعيشي للكثير من الدول النامية، وشجبها الدائم لمحاولات إشاعة التعصب والكراهية وازدراء العقائد، فضلاً عن إسهاماتها لدعم التنمية البشرية بما يوفر الحقوق الأساسية للإنسان في التعليم والعلاج والتعبير عن الرأي المسئول، ومبادرات حكومة المملكة تجاه صياغة توجه إنساني عالمي يحمي هذه الحقوق ويتصدى لكل ما يمثل مساساً بها أو اعتداء عليها. وأضافت " إن التقدير الدولي والإشادات التي حصلت عليها المملكة من الدول الأعضاء في الأممالمتحدة شاهد على المكانة العالمية التي تحظى بها المملكة وقيادتها الرشيدة ". وأشارت إلى اعتماد مجلس حقوق الإنسان لنتائج استعراض تقرير المملكة في ضوء آلية الاستعراض الدوري الشامل " UPR " وأن ذلك يعد اعترافاً بالتطور الكبير الذي تشهده المملكة في مجال حقوق الإنسان، واستجابتها للتوصيات الدولية لحماية هذه الحقوق، وقبولها دراسة الانضمام إلى بعض الصكوك الدولية ذات العلاقة بحقوق الإنسان بما لا يتعارض مع مبادئ الشريعة الإسلامية وخصوصيات المملكة الثقافية. ولفتت النظر إلى تقدير العديد من المنظمات الدولية والإقليمية نظام العمل والعمال بالمملكة الذي تم إقراره عام 2005م والذي يتيح للمرأة فرص عمل كبيرة في مختلف المجالات دون أي تمييز كما يحد من كثير من التجاوزات التي تمثل انتهاكاً لحقوق العامل من قبل صاحب العمل. وأشادت هيئة حقوق الإنسان في تقريرها بجهود حكومة خادم الحرمين الشريفين المتمثلة في تعزيز وتعميق مبادئ العدل والمساواة بين كل أفراد المجتمع، وكفالة جميع الحقوق والحريات المشروعة، ومراعاة الانضمام إلى الاتفاقيات الدولية، واتخاذ التدابير اللازمة لتطبيقها، والمراجعة الدورية للأنظمة في المملكة بغرض تقييمها، وإصدار الأنظمة الأساسية وعشرات الأنظمة الأخرى وتطويرها، وإنشاء العديد من المؤسسات والهيئات ذات العلاقة مثل هيئة حقوق الإنسان، واعتماد استراتيجية وطنية لحماية النزاهة ومكافحة الفساد، ودعم الدولة توجه الجامعات ومؤسسات البحث العلمي لنشر ثقافة حقوق الإنسان، وتبني الدراسات المتعلقة بحماية هذه الحقوق. كما أشادت بجهود حكومة خادم الحرمين الشريفين في تطوير مرفق القضاء بدءاً من صدور الأوامر السامية بتشكيل المجلس الأعلى للقضاء والمحكمة العليا، وإنشاء قضاء متخصص يتمثل في المحاكم العمالية، ومحاكم الأحوال الشخصية، والمحاكم الجزائية، والمحاكم التجارية، وكذلك المشروع الجديد لنظام المجالس البلدية، والذي يأخذ في الاعتبار تجربة المجالس البلدية الحالية، ويهدف إلى توسيع مشاركة المواطنين في إدارة الشئون المحلية، وكذلك إقرار نظام مكافحة الاتجار بالاشخاص، الذي يستوفي المعايير الدولية لمنع الاتجار بالبشر والمعاقبة عليه. حيث أشار التقرير إلى أن هذا النظام يعد حلقة في سلسلة المبادرات المستمرة والمتوالية للحفاظ على حقوق الإنسان وتأطير ممارستها من خلال إصدار الأنظمة واللوائح اللازمة. وفي اتجاه آخر أظهر التقرير اهتمام مجلس الشورى بقضايا حقوق الإنسان الذي أثمر عن صدور القرار رقم 81 117/د بتاريخ 22 02 1425ه القاضي بإسناد كل ما يتعلق بحقوق الإنسان إلى لجنة متخصصة هي لجنة الشؤون الإسلامية وحقوق الإنسان التي أصبحت في عام 1426ه تسمى بلجنة الشؤون الإسلامية والقضائية وحقوق الإنسان وتختص بالنظر فيما يحال إليها من الاتفاقيات الدولية أو الثنائية أو الإقليمية المتعلقة بحقوق الإنسان وكذلك الأنظمة ذات العلاقة. كما وضعت حكومة خادم الحرمين الشريفين استراتيجية وطنية لحماية النزاهة ومكافحة الفساد ووضع برامج وآليات تطبيقها. وسجلت الهيئة تقديرها للحرص الكبير الذي يوليه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز على تعزيز المشاركة الإيجابية للمرأة في العملية السياسية والاقتصادية والتنمية الاجتماعية في المملكة، الذي تجسد على أرض الواقع من خلال وصول أول امرأة لمرتبة نائب وزير هي نائبة وزير التربية والتعليم لتعليم البنات، بالإضافة لمشاركة عدد منهن في العمل في مجلس الشورى وإدارة الغرف التجارية ومختلف قطاعات الدولة الحكومية والأهلية. وعرجت الهيئة في تقريرها إلى حرص المملكة على الانظمام إلى الاتفاقيات الدولية والإقليمية ذات الصلة بحقوق الإنسان بما لا يتعارض مع قواعد الشريعة الإسلامية التي تستمد منها المملكة أحكامها الشرعية ونظمها في مختلف مجالات الحياة، مشيرة إلى انضمام المملكة إلى أربع اتفاقيات دولية رئيسة هي الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري عام 1997م، واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة عام 2000م، واتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو غير الإنسانية أو المهنية عام 1997م، والاتفاقية الدولية لحقوق الإنسان الطفل. كما انضمت المملكة إلى خمس من اتفاقيات منظمة العمل الدولية المعنية بحقوق الإنسان وهي الاتفاقيات التي تحرم السخرة والعمل الإجباري وذلك منذ عام 1978م، والاتفاقيتان "111،100" والخاصتان بالتمييز في شغل الوظائف لعام 1978م، والاتفاقية رقم 182 والخاصة بمنع تشغيل واستخدام الأطفال والقاصرين عام 2001م. والتزاما بتعاليم الشريعة الإسلامية تحفظت المملكة على أحكام بعض الاتفاقيات التي لا تتوافق مع تعاليم الإسلام. كما أن المملكة طرف في كثير من الصكوك الإقليمية والعربية والإسلامية. فعلى المستوى الإقليمي بادرت المملكة إلى الانضمام إلى إعلان القاهرة لحقوق الإنسان في الإسلام" والصادر عن مؤتمر وزراء خارجية الدول الإسلامية عام 1990م، وإعلان القاهرة لنشر وتعليم حقوق الإنسان عام 2000م، وإعلان الرياض حول حقوق الإنسان في السلم عام 2003م، والميثاق العربي لحقوق الإنسان عام 2004م، وعهد حقوق الطفل في الإسلام عام 2005م. وعلى المستوى التعليمي فقد أقر مجلس جامعة الدول العربيه في قمة الرياض عام 2007 وضع خطة عربيه نموذجية للتربية على مبادئ حقوق الإنسان للفترة مابين 2009 إلى 2014. وتميز عهد خادم الحرمين الشريفين بتخصيص أكبر الموازنات لوزارة التربية والتعليم منذ تأسيس المملكة لخدمة التربية والتعليم في بلادنا فكان من ثمارها نهضة في التعليم العام من حيث البناء والتجهيزات، حيث بلغ عدد مدارس التعليم العام أكثر من (14790) مدرسة للبنين و(17329) مدرسة للبنات في جميع المراحل وزاد عدد الطلاب عن (5991080) طالباً وطالبة. ومن أبرز ما تحقق للتعليم في عهده مشروع الملك عبدالله لتطوير التعليم الذي تم تصميمه بتوجيهاته والذي يحظى بمتابعة مباشرة منه ومن سمو ولي عهده الأمين حفظهما الله، والميزانية الضخمة المقدرة بتسعة مليارات ريال مما يجعله نقلة نوعية في تاريخ التعليم السعودي، وتغييرًا نحو الأفضل في مسيرته الممتدة. كما حقق التعليم العالي في المملكة في عهد خادم الحرمين الشريفين قفزات هائلة من خلال ارتفاع عدد الجامعات الحكومية الى 25 جامعة في فترة قياسية بالإضافة إلى عشرات الكليات والجامعات الأهلية، وتم ابتعاث عشرات الآلاف من الطلاب والطالبات من أبناء الوطن لتلقي العلم والمعرفة من كل بقاع العالم. ويأتي افتتاح جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية برعاية خادم الجرمين الشريفين امتدادا وتجسيدا للرعاية والمتابعة والاهتمام الشديد الذي أولاه حفظه الله لهذا الصرح التعليمي الشامخ حتى أصبح حقيقة ومنجزا عالميا واضحا للعيان. كما يأتي افتتاح الجامعة متوافقاً مع عيد الفطر المبارك واليوم الوطني لهذه البلاد الطاهرة كدلالة واضحة على عصر جديد آخر من عصور التنمية والرخاء منذ عهد مؤسس هذه البلاد المغفور له باذن الله الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن ال سعود والذي سار على نهجه ابناؤه البررة حتى وصلنا الى هذا العهد الزاهر لملك الانسانيه والبناء عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله. وثُمّنت الهيئة جهود خادم الحرمين الشريفين أيده الله على كل المستويات مشيرة إلى فوز الملك عبدالله بن عبدالعزيز بجائزة الملك فيصل العالمية نظراً لجهوده في خدمة الاسلام والمسلمين في كل مكان، كجمعه الفرقاء العراقيين في مكةالمكرمة، ورعايته للمصالحة الفلسطينية في مكةالمكرمة، ومساعدة المملكة للدول الاسلامية وغيره التي توالت عليها الكوارث في مختلف بقاع الأرض. كما حصل أيده الله على جائزة "ليخ فاوينسا" الأولى اعترافا بعمله في المجال الانساني والخيري، ولإسهاماته في "الحوار بين أتباع الأديان والتسامح والسلام والتعاون الدوليين". كما منح برنامج الغذاء العالمي خادم الحرمين الشريفين جائزة البطل العالمي لمكافحة الجوع لعام 2008م. وما ذلك العطاء من خادم الحرمين الشريفين السخي إلا بمثابة الأمل للأشخاص الأشد فقراً واحتياجاً، وإثراءً لمبدأ المسؤولية المشتركة تجاه مكافحة الجوع، ورسالة من المملكة إلى العالم مفادها أن التحرر من الجوع يعد من أولويات حقوق الإنسان، وهذا هو الهدف النبيل الذي يقودنا إليه ملك الإنسانية، وهو دليل على نهج المملكة الإنساني والخيري الذي تأسست عليه وسار على نهجه قادة هذه البلاد إيمانا منهم بأن العمل الخيري ملتقى الحضارات، و جامعها، والمقرب بين الشعوب، وبريد السلام واستقرار العالم، وصمام أمان لمجتمع آمنت قيادتُه وأفراده بمسؤوليتهم تجاه ربهم ودينهم وتجاه بعضهم البعض. وتطرقت الهيئة في تقريرها إلى بعض ما صدر من المنظمات والهيئات الدولية من تقدير لإنجازات المملكة في مجال حقوق الإنسان وإلى المكانة التي حظي بها خادم الحرمين الشريفين في مجال حقوق الإنسان .