يظل المجتع الشرقي متحفظاً على بعض العادات والتقاليد التي كانت وما تزال سائدة فيه منذ القدم، خاصة اذا كانت متعلقة بالجنس الناعم من فتيات صغيرات ومراهقات، حيث تربى هذا الجنس على بعض القيود التي لا يستطيع فكها او تجاوزها في مجتمعه المحافظ لعل من ابرزها (مذكرات الفتيات) التي يلجأن اليها في محاولة للهروب من واقعهن فيدون فيها قصص حياتهن في دفاترهن كنوع للتنفيس والهروب من الواقع دون خوف أو تردد. فلماذا تلجأ الفتيات لكتابة مذكراتهن، وما هي الاسرار التي يدوننها على تلك الصفحات البيضاء رغم خوف البعض منهن وقوعها في أيدي الأهل خاصة الامهات واستغلالها ضدهن.. وما هو رأي علم النفس في هذا الموضوع؟. الفتيات الصغيرات أسرارنا في مذكراتنا فقط بهذه العبارات رددت بعض الفتيات الصغيرات والتي اخذن آراء شرائح منهن حول رأيهن في دفتر المذكرات، وهل كل فتاة تحوى هذا الدفتر في غرفتها أم تخشى وقوعه في يد ما واستغلال ما كتب فيه ضدها فجاءت الآراء بايجابية ويسر وقصص واسرار كتبنها في ذلك الدفتر، بدأتها الشابة علا أحمد في الصف الثاني متوسط تقول: لثد بدأت بكتابة مذكراتي منذ العام الماضي حيث شعرت برغبتي بالحديث دون خوف أو تردد عما يجول بداخلي في بعض الأمور التي يرفضها الأهل ويغضبهم مني اذا كررت طلبي مرة أخرى، فاضطر الى التعبير عن غضبي وألمي على صفحات الورق التي اسميها مذكرات، اتحدث فيها بصراحة كيف انه لو جادلت أمي مثلا ووقفت بوجهها عن السبب لرفضها النوم ليلة واحدة عند صديقتي مثلما يحدث ذلك مع اخي الصغير الذي تسمح له أمي ذلك وترفض هذا الأمر عليّ، وحقيقة أني اجد كل السلوى والراحة عندما افضفض في دفتر مذكراتي لأني اشعر اني عبرت عن رأيي صراحة دون خوف لكني في الواقع لا أقوى حتى على رفع عيني في عين أمي خوفا منها، ومن معاقبتها لي لو رفضت أوامرها. وبنفس الاحساس بالظلم والذنب ورفض الأهل لطلباتهن البسيطة تؤكد الشابة منى عامر بأن دفتر مذكراتها هو" الصديقة الوفية" لها، فهي تكتب أي شيء فيه دون ان تعارضها السطور، وتدون كل ما يجول في خاطرها من افكار وامنيات بعيدة عن القيود التي تشعر بها عندما تكون وسط اهلها وتخبرهم بمشاعرها فيقابل ذلك بالاستهزاء منها ومن تلك المشاعر الصغيرة. كتابة المذكرات هواية بهذه العبارات خاطبتنا الشابة اشجان. ع والتي اكدت ان كتابة المذكرات بالنسبة لها تعني هواية مفيدة لانها تسمح بأن تعبر عما بداخلها خاصة وان حياءها قد يمنعها من التحدث في أمور كثيرة تشغلها مع اي شخص حتى لو كانت والدتها، وتضيف: انا طالبة في المرحلة الثانوية وهذا يعني ان لدي الكثير من الاسرار في حياتي وارغب الاحتفاظ بها، وايضا الحديث عن بعض منها امام شخص يفهمني ويقدر مشاعري ولكن عبثا دون جدوى فكل ما احس به في الحقيقة اقوم بتنفيذه على موقف كنوع من انواع التنفيس عن النفس، صحيح انني اخاف من يوم ما تقع فيه هذه المذكرات في يد انسان ويستغلها ضدي إلا انني ما زلت مواصلة لاخراج طاقاتي وشحناتي على تلك الصفحات الجميلة، والتي اسميها (دفتر المذكرات). مذكراتي وقعت في بد والدي سهى علي تقول: لأني ضعيفة ولا استطيع المواجهة خاصة امام أبي وأمي كنت الجأ الى كتابة ما يحدث لي في الحياة على دفتر ابيض اسميته فيما بعد (مذكراتي الحزينة) فكنت اكتب واسجل فيها يومياتي وعلاقاتي بزميلاتي بسن الدراسة الثانوية، وتسجيل بعض المواقف الخاصة التي قد لا استطيع ان اقولها معتبرة بأن هذه وسيلة مضمونة للبوح بأي من اسراري الدفينة بصدري. فكنت اذا غضبت من احدى الصديقات اكتب رأيي فيها بصراحة فاشعر براحة نفسية من دون احراج لأحد، ومن المواقف التي سجلتها في مذكراتي رفض والدتي بدون سبب ذهابي في رحلة مدرسية مع زميلاتي مثلهن، وكان ذلك سبب لي احراجا كبيرا في المدرسة بحجة ان أمي تخاف عليّ من هذه الرحلات، وامام حزني وجدت نفسي اسجل في مذكراتي كلاما قاسيا جدا لاخلاق أمي القاسية التي تفضل الأولاد عليّ وتلبي طلباتهم، في حين ان جميع طلباتي مرفوضة. أيضا رأيي في والدي في البنات وتفضيل الاولاد علينا انا وشقيقاتي الثلاث، وظلمه لنا وحزننا وألمنا لسوء هذه المعاملة، لدرجة اني تمنيت الموت لوالدي بسبب ذلك، إلا ان هذه المذكرات لسوء الحظ وقعت في يد والدتي التي صادفت دخولها غرفتي وانا اسجل فيها خواطري فأخذتها مني وقرأت ما فيها ولم تكتف بذلك بل اعطتها لوالدي الذي ما ان قرأ هذه العبارات وما كتب في صفحاته حتى انهال عليّ سبا وشتما، وصب كل غضبه على الكتاب بتقطيعه كاملا وهددني إذا لم اكف عن كتابة تلك التفاهات فإن عقابي سيكون مضاعفا في المستقبل. والدي والمذكرات وبنفس المعاناة تسرد الشابة فاطمة الحربي قصة وقوع مذكراتها في يد والدها حيث قالت: عندي عادة ان اسجل كل موقف يمر عليّ منذ ان كنت في المرحلة المتوسطة وحتى الآن في الثانوية، من ضمنها موقف وقع لي مع والدي حيث طلبت منه في احد الايام التفرغ لنا قليلا واخذنا في رحلة استجمام بعيدا عن عمله الذي يشغل جل وقته، ورده المعتاد رفض ذلك بحجة ان هذا هو عمله، مرت الايام والاسابيع حتى جاءت العطلة الصيفية وبدأ الجميع استعدادهم للسفر والعطلات الجميلة خارج المدينة، ذهبت الى والدي واعدت عليه طلبي وجاءني نفس الرد ولا سبيل للتغيير، فما كان مني إلا ان دفعني دفتر مذكراتي وبدأت أدون فيه رأيي القاسي جدا في هذا الأب الذي يحرمنا من أجمل أيامنا وسوء معاملته لنا كأب، وتمنيت ان لم يكن هذا الأب هو أبي أو مثلي الأعلى، وبسبب تأخيري في النوم وانا أدون مذكراتي غلبني النوم لاستيقظ على والدي وهو يهزني ويوقظني بعد ان لاحظ نور غرفتي مضاءة فجرا ودخوله عليّ وانا على هذا الحال وبيدي مذكراتي التي وقعت مني على السرير وعلامات الحزن بادية على وجهه، فشعرت انه قرأ ما كتبه عنه، وفي اليوم الثاني فوجئت به يُعلن عن رحلة استجمام مدتها اسبوعان لجميع افراد العائلة، بل وتحسنت معاملته معنا وبدأ يتفرغ لنا في العطل الصغيرة ووسط الاسبوع، لقد كانت المذكرات لها دور في تغيير حياتي كلها، وهذا ما دفعني الى المواصلة لتدوين كل ما امر به في حياتي فلعل موقفا او موقفين سجلت رأيي الصريح فيهما بمذكراتي تدفع البعض الى اصلاح وتحسين موقفهم تجاهي في حال وقعت تلك المذكرات في ايديهم. مذكرات المراهقات تعكس شخصياتهن هل صحيح ان مذكرات الفتيات والمراهقات تعكس عن شخصيتهن ومشاعرهن النفسية كون ان تلك المذكرات تنفس عن مشاعرهن المكبوتة، هذا ما يقوله رأي علماء النفس في قضية المذكرات حيث تعلق الاستاذة في علم النفس بكلية التربية بقولها: تلجأ البعض من الفتيات الى كتابة مذكراتهن لأجل التعبير عن مجموعة من المشاعر والاحاسيس التي غالبا ما تكون غير حقيقية، وتحتوي على نقد لبعض الاشخاص الذين لا يمكن توجيه النقد اليهم صراحة، لكن هذه المذكرات مرآة صادقة تعكس تفاعلات هؤلاء الفتيات، ونقدا صريحا لبعض المشكلات التي تتعلق بجوانب مختلفة في الحياة ونافذة تطل من خلالها على الاشياء التي لا يقوى على مواجهتها في الواقع. وتضيف نحن كمجتمع شرقي له عاداته وتقاليده فقد يتشدد بعض الآباء مع بناتهم فلا يعطونهن الفرصة لمحاولة التعبير عن آرائهن والتنفيس عما بداخلهن من افكار وهواجس متباينة، وبالتأكيد هذه المذكرات التي تكون في معظم الاحيان عبارة عن مبررات طبيعية لهذا الكبت الذي قد يترك اثارا سيئة عليهم فيما بعد.