أسفر الضغط الشعبي على نظام الملالي عبر الاحتجاجات العارمة الممتدة لشهرين، عن إعلان المدعي العام التخلي عن "شرطة الأخلاق"، وإلغاء دوريات الإرشاد، أي شرطة الآداب، مؤكداً فك ربطها عن القضاء، مبيناً أنه تم إلغاؤها من قبل نفس الجهة التي أسستها في الماضي. وهزّت التظاهرات الشعبية النظام الإيراني على مدى الأيام الفائتة عقب مقتل الشابة مهسا أميني على يد شرطة الاخلاق، التي أسست تحت هذا الاسم في عام 2005، وقبل ذلك كانت تعمل بأشكال مختلفة منذ ثمانينات القرن الماضي، فبعد عام 1979 تم تشكيل دوريات مختلفة للتعامل مع القضايا الاجتماعية التي كانت تعتبر خطاً أحمر للحكومة، مثل ملابس النساء أو العلاقة بين الفتيان والفتيات، بينها دوريات "جند الله" التابعة لقوات الدرك، في الستينات، قبل اندماج القوتين في قوات الشرطة، ودوريات أخرى تابعة للحرس الثوري بالتعاون مع قوات الباسيج. ومنذ مقتل أميني في 16 سبتمبر 2022، بعد ثلاثة أيام من اعتقالها من قبل شرطة الأخلاق، لم تهدأ التظاهرات في البلاد، فقد أشعلت وفاتها منذ ذلك الحين نار الغضب حول عدة قضايا، من بينها القيود المفروضة على الحريات الشخصية والقواعد الصارمة المتعلقة بملابس المرأة، فضلاً عن الأزمة المعيشية والاقتصادية التي يعاني منها الإيرانيون، ناهيك عن القوانين المتشددة التي يفرضها نظام الحكم وتركيبته السياسية والدينية بشكل عام. فيما عمدت القوات الأمنية إلى العنف والقمع، ما أوقع مئات القتلى واعتقال الآلاف، وحكم على العشرات بأحكام مشددة، بينها إعدامات. ويرى ناشطون سياسيون، أن النظام الإيراني ألغى شرطة الأخلاق كتكتيك لوقف الانتفاضة التي تجتاح البلاد، إذ قالت الناشطة مسيح علي نجاد، إن الشعب لم يواجه الرصاص لإسقاط شرطة الأخلاق وإنما لإسقاط النظام. ومع مواصلة الاحتجاجات في إيران، تستمر موجة الدعوات للمشاركة الواسعة في تظاهرات جديدة تنطلق اليوم وتستمر حتى السابع من الشهر الجاري، حيث أصدر عدد من الشباب الإيرانيين من مدن مختلفة، بياناً مشتركاً للانضمام إلى الإضراب والاحتجاجات على مستوى البلاد. ونزل المتظاهرون إلى الشوارع لتوزيع المنشورات والدعوة لما أسموها "انتفاضة ديسمبر"، كما أظهر فيديو نساء محتجات في طهران يوزعن منشورات، يدعين إلى "الإضراب، والاحتجاج، والثورة" في الفترة من 5 إلى 7 ديسمبر الحالي. وعلى وقع الاحتجاجات التي ضربت البلاد منذ سبتمبر الماضي، يواجه 28 إيرانياً على الأقل بينهم 3 أطفال، أحكام الإعدام باتهامات شتى، فقد أفادت منظمة العفو الدولية بأنه حتى الآن حُكم على 6 أشخاص على الأقل ممن قُبض عليهم خلال احتجاجات إيران بالإعدام في محاكمات صورية. وذكرت أن سلطات النظام الإيراني تستخدم عقوبة الإعدام كأداة "للقمع السياسي من أجل خلق الرعب بين المواطنين، وإنهاء الانتفاضة الشعبية". وأعلنت المنظمة عن صدور أحكام إعدام أولية حتى الآن بحق كل من سهند نور محمد زاده، وماهان صدارت مدني، ومنوشهر مهمن نواز، ومحمد بروقاني، ومحمد قادلو، وأبو الفضل مهري حسين حاجيلو، ومحسن رضا زاده قراقلو، وسامان (ياسين) سيدي، وسعيد شيرازي، مشددة على إمكانية استئناف هذه الأحكام، وأصدرت دعوة عامة لجميع الناس في جميع أنحاء العالم لكتابة رسائل إلى سفارة إيران في الاتحاد الأوروبي في بروكسل والمطالبة بإلغاء عقوبة الإعدام، كما ذكر بيان هذه المنظمة أن 15 شخصاً آخرين حوكموا بتهمة "الحرابة" في محكمة كرج الثورية بمحافظة البرز.