من أقاصي الزمن وتفاصيل الحياة في الماضي وأصوات الباعة والمشترين ومشاهد السقا والحوات واللبان وغيرها من سيناريوهات مغسولة بنغم وتقاسيم الماضي، تستعيد حارات جدة التاريخية العديد من الفعاليات، وتمزج بين المشاهد في بانوراما مدهشة؛ حيث يلتقي الموروث والحداثة على أنغام الموسيقى وتفاعل المشترين في بسطات البليلة والكبدة والأكلات الجداوية المعروفة، وهي تعكس الموروث التجاري الخاص بها؛ كونها إحدى أقدم المناطق التجارية. ووفر الموسم في منطقة الباعة أكثر من 50 موقعاً للأكشاك الشعبية وعربات الطعام التي تقدم أطباقاً تجمع بين الماضي والحاضر، ومنطقة الدكاكين التي تعرض أشهر الصناعات المحلية ويعرض فيها الباعة على طريقتهم البسيطة منتجاتهم وتصاميمهم المميزة. كما تشهد جدة التاريخية عرض العديد من المهن القديمة في المنطقة وتاريخها مثل السقا "بائع الماء" والحوات "بائع السمك" واللبان "بائع اللبان" بأداء حيّ لممثلين ارتجاليين بالإضافة لورش العمل وبعض الألعاب القديمة للأطفال التي تستهوي الزوار ببساطتها. وليس هذا فحسب، بل إن مقاهي جدة التاريخية جذبت الزوّار بجلساتها الشعبية وذكرياتها الجميلة التي تعيد للأذهان جلسات الطيّبين ونقاشاتهم الجميلة التي تعيد للزائر "أيامنا الحلوة". وعلى مسافات بعيدة، تجذب رائحة القهوة السعودية زوّار جدة التاريخية التي تفوح رائحتها من رواشين وشرفات بيوتها القديمة، التي يعود تاريخها لمئات الأعوام، والتي تحولت إلى مقاهٍ شعبية تقدم القهوة والتاريخ معاً. وتمثل تجربة المقاهي العالمية في جدة التاريخية رحلة فريدة في عبق الماضي، حيث يجد الزائر نفسه داخل أحد أعتق بيوتها تاريخياً ليجلس على "الكرويتة" وهي المقعد القديم لأهالي جدة، ويحتسي القهوة العربية والعالمية والعصرية؛ في مشهد يجمع التاريخ والقهوة في مكان واحد، إضافةً إلى تجربة تناول أشهى المأكولات، ومشاهدة العروض الفنية الحيّة التي تجمع الحضارة والتراث العمراني داخل منطقة جدة التاريخية. وتتميز المنطقة التاريخية بالعديد من المناظر الجميلة، خصوصاً في الأجزاء العليا من المباني القديمة، حيث خُصصت أسطحها لتحتضن أشهر المطاعم المحلية الحديثة، ضمن تجربة متكاملة يتخللها العزف الحي على الآلات الموسيقية. كما ستوقفت منطقة جدة التاريخية زوارها بالفن الأصيل ونغمات الطرب التي يستحضرها تاريخ هذه المنطقة العريق والتي تحكي كل حارة فيها مسيرة من الحضارة والتراث والثقافة بصورها وأشكالها البديعة. وتقدم الفرق الفنية المتنوعة بألوانها الشعبية ووصلاتها الغنائية الجميلة على مسرح البحر الأحمر ضمن ليالي جدة التاريخية الفنية وسط حضور وتفاعل كبيرين. وتمثل هذه العروض الفنية استقراء لواقع الأغنية العربية التي تعبر عن الحياة المجتمعية بتركيبتها الموسيقية وتوظيف الإيقاعات المعاصرة، خاصةً مع وجود أشهر فرقتين غنائيتين في مصر، بالإضافة لفرقة من الأردن وفرقة من اليمن نجحت جميعها في تقديم أنواع جديدة من الموسيقى الحديثة مع مجموعة من الفنون الشعبية العريقة، التي لا تزال تحظى بشعبية وإقبال كبيرين من عشاقها. وتواصل العروض الفنية في منطقة جدة التاريخية استقطاب المزيد من زوار الموسم الذين يجذبهم الهواة والمبدعون وسط أحيائها القديمة مع مجموعة من العروض الثقافية والحِرف اليدوية ذات الأهمية التاريخية والثقافية التي تربط الجيل الحالي بالماضي. ويشهد موسم جدة خلال فعالياته المتنوعة التي تلبي الرغبات والأذواق كافة، مع الاهتمام بالفنون الشعبية القديمة، مجموعة من الحفلات الغنائية العربية والعالمية لعشاق الفن الحديث في ليالٍ فنية غنائية مشوقة.