استنكرت المملكة التصريحات المسيئة لوزير خارجية الجمهورية اللبنانية في حكومة تصريف الأعمال شربل وهبة خلال مقابلة تلفزيونية، والتي تطاول فيها على المملكة وشعبها. وأعربت وزارة الخارجية عن تنديدها واستنكارها الشديدين لما تضمنته تلك التصريحات من إساءات مشينة تجاه المملكة وشعبها ودول مجلس التعاون الخليجية الشقيقة، مؤكدة مجددًا على أن تلك التصريحات تتنافى مع أبسط الأعراف الدبلوماسية ولا تنسجم مع العلاقات التاريخية بين الشعبين الشقيقين. وقالت الوزارة: "نظرًا لما قد يترتب على تلك التصريحات المشينة من تبعات على العلاقات بين البلدين الشقيقين فقد استدعت الوزارة سعادة سفير الجمهورية اللبنانية لدى المملكة للإعراب عن رفض المملكة واستنكارها للإساءات الصادرة من وزير الخارجية اللبناني، وتم تسليمه مذكرة احتجاج رسمية بهذا الخصوص". فيما أكدت رئاسة الجمهورية اللبنانية، أن اتهام وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، شربل وهبة، المملكة من دون أن يسميها، بتمويل تنظيم داعش الإرهابي، هو رأي شخصي ولا يعبر عن موقف الدولة اللبنانية. وأشار بيان أصدره المكتب الإعلامي للرئاسة أمس (الثلاثاء)، إلى أن بعض ما جاء في حديث وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال شربل وهبه إلى محطة "الحرة" مساء أمس الأول، أثار ردود فعل هدفت إلى الإساءة إلى العلاقات الأخوية القائمة بين لبنان ودول الخليج الشقيقة . وقال البيان: "إن رئاسة الجمهورية إذ تؤكد على عمق العلاقات الأخوية بين لبنان ودول الخليج الشقيقة وفي مقدمها المملكة العربية السعودية الشقيقة وعلى حرصها على استمرار هذه العلاقات وتعزيزها في المجالات كافة، تعد أن ما صدر عن وزير الخارجية والمغتربين ليل أمس يعبر عن رأيه الشخصي، ولا يعكس في أي حال من الأحوال موقف الدولة اللبنانية، ورئيسها العماد ميشال عون الحريص على رفض ما يسيء إلى الدول الشقيقة والصديقة عموما، والمملكة العربية السعودية ودول الخليج خصوصا". كما أعرب رئيس الوزراء المكلف، سعد الحريري، عن رفضه للتصريحات التي أدلى بها شربل، مؤكدا أنها قد تضر بالعلاقات الخارجية في وقت يواجه فيه لبنان أزمات متعددة. وقال المكتب الإعلامي للحريري في بيان له على "تويتر": "إن الحديث الذي أطلقه وزير الخارجية على قناة الحرة، لا يمت للعمل الدبلوماسي بأي صلة، وهو يشكل جولة من جولات العبث والتهور بالسياسة الخارجية التي اعتمدها وزراء العهد، وتسببت بأوخم العواقب على لبنان ومصالح أبنائه في البلدان العربية"، في إشارة إلى سياسة "حزب الله" التي أضرت بعلاقات لبنان مع الدول الأخرى. وأضاف :"كما لو أن الأزمات التي تغرق فيها البلاد والمقاطعة التي تعانيها، لا تكفي للدلالة على السياسات العشوائية المعتمدة تجاه الأشقاء العرب"، لافتا إلى أن هذه التصريحات لا تعني اللبنانيين الذين يتطلعون لتصحيح العلاقات مع الأشقاء في الخليج العربي ويرفضون الإفراط المشين في الإساءة لقواعد الأخوة والمصالح المشتركة. في السياق ذاته، قال المستشار الأول لرئيس حكومة تصريف الأعمال خضر طالب ل"البلاد": "لا يمكن لعاقل أن يسيء إلى الشقيقة المملكة وإلى دول الخليج العربي وجميع الدول العربية الشقيقة، فلبنان يجد في أشقائه دائماً ملاذاً آمناً وحضناً دافئاً ووقفة أخوية تساعده في الملمّات، والتجارب كثيرة"، مؤكداً أن لا أحد يستطيع تشويه العلاقة التاريخية بين لبنان وأشقائه أو العبث بمسار هذه العلاقة الراسخة. وأضاف "لقد كان الرئيس الدكتور حسان دياب واضحاً في الموقف الذي أعلنه لجهة تأكيده الحرص على أفضل العلاقات مع المملكة ومع جميع الدول الشقيقة والصديقة، وعدم الإساءة إليها، خصوصاً أن هذه الدول وقفت إلى جانب لبنان لتجاوز أزمتها، ونحن واثقون أن ما بيننا لن تلغيه تصريحات غير مسؤولة، وواثقون أكثر أن الأشقاء في المملكة ودول الخليج الذين لم يتخلوا عن لبنان في المحطات الصعبة على مرّ التاريخ، لن يتخلوا عنها اليوم". من جهته، أكد مستشار رئيس الحكومة المكلف والنائب السابق الدكتور مصطفى علوش ل"البلاد"، أن التصرف المشين الذي صدر من وزير خارجية لبنان تعبير صريح عما يدور في أذهان مسؤولي "حزب الله" الهادف إلى نزع لبنان من محيطه العربي. وأضاف: "نحن نأخذ أفكارهم من صغارهم، وهذا دليل واضح على فكرهم ومخططاتهم ونواياهم الخبيثة. ولفت إلى أن الدول التي أساء إليها شربل تقف دائما إلى جانب لبنان ودعمها ومساندتها وتحرص على استقرارها، مبينا أن دعم دول الخليج عامة والمملكة خاصة سخي لإعمار لبنان المدمر ولا يمكن إنكاره. وأشار إلى علوش إلى أهمية معاقبة وزير الخارجية وإقالته مع اعتذار رسمي من رئاسة الجمهورية ومجلس الوزراء على هذا التصرف الخارج عن كل الأصول الدبلوماسية والأخلاقية والذي يضر بعلاقات لبنان مع دول الجوار والدول الصديقة الصادقة في دعمه. ويرى الوزير اللبناني السابق معين المرعبي، أن وزير الخارجية بتصريحاته المسيئة يمثل محور الشر والإرهاب المتمثل بإيران وذراعها الإرهابي في لبنان، لافتاً إلى أن هذا المحور يضر كثيراً بمصالح لبنان واللبنانيين، ويأخذه إلى مزيد من الدمار بعيداً عن بيئته العربية من خلال أفكارهم الطائفية والعنصرية التي تسيطر على الفريق العوني الذي يجر لبنان إلى الهاوية، بينما أكد عضو اللقاء الديمقراطي النائب بلال عبد الله، أن هذه التصريحات تسيء للبنان ولعمقه العربي ولعلاقاته مع أصدقائه، مشيراً إلى أن الشعب اللبناني يدرك مدى خطر هذه الطبقة على بلادهم، ويعرفون جيدا الداعم الأكبر لهم والمساهم الحقيقي في إعمار لبنان بعد الحروب بعيداً عن الشعارات المزيفة. إلى ذلك، قال الوزير اللبناني السابق إيلي ماروني: "لا يمكن القبول بما صدر عن الوزير شربل وهبة بحق المملكة التي وقفت إلى جانب لبنان في سيادته واستقلاله واقتصاده وسياحته ولم تتركه في يوم من الأيام، حيث دعمته بقوة، وكان لا بد لوهبة احترام المملكة الداعم الأول لبلاده"، مشددا على ضرورة إيقاف وزير الخارجية عن تصريف الأعمال، لأنه ليس مقبولاً أن يخرج عن الأطر الدبلوماسية والأخلاقية والأخوية بين الدول.