اعتادت تركيا على خلق الفتن بين الدول لتحقيق مصالحها وتمرير أجندتها، إذ تشير تقارير حديثة إلى أن أنقرة تعمل على إحداث خلاف بين اليونان وحلفائها الإقليميين وفي مقدمتهم مصر في إطار سياسة جديدة تهدف في النهاية إلى الحفاظ على أطماعها شرق المتوسط. وأبدى الأمين العام لحلف شمال الأطلسي "الناتو" ينس ستولتنبرغ مخاوفه بشأن سلوكيات أنقرة، منوهًا إلى أن الحلف يدرك أن هناك خلافات جدية حول بعض القضايا كالقرار التركي بشراء منظومة صواريخ "إس 400" أو تلك المرتبطة بالحقوق الديموقراطية في تركيا. وأثارت تركيا غضب عدد من حلفائها في التحالف، المؤلف من 30 عضوا، بسبب سلوكها في إطار نزاع على الحدود البحرية مع اليونان، وعلى خلفية تورطها في النزاعات داخل سوريا وليبيا وناغورنو كاراباخ. وشددت اليونان على ضرورة أن تبدي تركيا حسن نواياها واستعدادها للاستمرار في المحادثات الاستكشافية التي انطلقت مؤخرا، وقال وزير الخارجية اليوناني، نيكوس ديندياس إن بلاده لن تقع في فخ تلاعب تركيا بالمحادثات الاستكشافية. وتعلم تركيا جيدا أن سياسة تجاهل التحذيرات الدولية والإقليمية لمشاريعها وانتهاكاتها شرق المتوسط ستكون لها تبعات سلبية عليها مع التهديد الأوروبي بفرض مزيد من العقوبات لذلك فهي تعمل على المناورة هذه المرة بفض التحالف اليوناني المصري بغاية إنهاء العزلة أولا وتقليل الضغوط المفروضة على أنقرة في مرحلة ثانية. وطبقا لصحيفة "نيزافيسيمايا غازيتا" الروسية، فإن ممارسة أردوغان للعبته في زرع الخلاف بين القاهرةوأثينا يأتي في خضم مساع من قبل أنقرة للتقارب ليس فقط مع مصر ولكن كذلك مع دول في المنطقة، إذ تشعر تركيا بقلق كبير من التحالفات الإقليمية التي ترى فيها محاولة لعزلها واستهدافها على غرار منتدى الصداقة الذي جمع كلا من أثيناوالقاهرة ونيقوسيا وأبوظبي والرياض. ويوحي تصريح وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو حول إمكانية توقيع اتفاقية ترسيم حدود بحرية مع مصر والثناء على القاهرة بسبب ما وصفه باحترام الحدود الجنوبية للجرف القاري لتركيا، بمؤشرات جديدة حول خطط أنقرة لفض التحالف المصري – اليوناني. ولكن على الرغم من محاولات تركيا تظل هنالك ملفات عالقة مع مصر التي تطالب أنقرة بأفعال لا أقوال خاصة فيما يتعلق بالتدخل في ليبيا او استضافة قيادات من تنظيم الإخوان الإرهابي. ويرى مراقبون أن التحالف – المصري اليوناني أعمق من مجرد تصريحات ترضية تطلقها الحكومة التركية فالمصالح اليونانية والمصرية أكثر أهمية مما تتطلع إليه أنقرة من طموحات بالتقارب مع الجانب المصري وهذا أمر يعيه جيدا المسؤولون المصريون.