احتضان المملكة للقمة الخليجية في العلا ، منح هذه المدينة العريقة عنوانا عريضا لعبقريتها التاريخية الجامعة للحضارات ومراياها العاكسة لطموح مستقبل سياحي واعد أكدت عليه (رؤية العلا) التي سبق وأطلقها سمو الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع رئيس مجلس إدارة الهيئة الملكية لمحافظة العلا، لتحويلها إلى وجهة عالمية للتراث، كأحد أهداف رؤية المملكة 2030 ، بصياغة استراتيجية ، أشار إليها سمو وزير الثقافة الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان ، وتقوم على العمل المتوازن بين حفظ وصون التراث الطبيعي والثقافي الغني، الذي يثري تجربة الزوار من جميع أنحاء العالم. ولأن الإنسان السعودي هو محور الرؤية والهدف الأساسي للتنمية الشاملة ورافعتها الأولى ، فهو الحاضر الأول في تحقيق الاستراتيجية السياحية ، لذلك حققت الهيئة الملكية للعلا برنامج الابتعاث الدولي، الذي يوفر لأبناء وبنات العلا فرصة الدراسة في العديد من العواصم العالمية مثل الولاياتالمتحدة، والمملكة المتحدة، وفرنسا ، ما يسهم بشكل كبير وفعال في دعم هذه المشروعات وإعطائها طابعا محليا بمعايير وخبرات عالمية من خلال أيدي أبنائها ، في إطار التطوير المستدام لقطاع السفر والسياحة وجهة سياحية عالمية ضمن الخطوات والنجاحات العملية للمملكة في بناء مستقبل السياحة السعودية الأكثر أمنا وسلامة في العالم، أطلقت منظمة السياحة العالمية مؤخرا مسمى (العلا) على إطار "تنمية المجتمع الشاملة من خلال السياحة" في كتاب ممارسات وإطار التنمية السياحية الشاملة للمجتمعات المحلية، وذلك كأحد مخرجات اجتماع وزراء السياحة لمجموعة العشرين، تحت رئاسة المملكة، ترجمة لدعم ولي العهد رئيس مجلس إدارة الهيئة الملكية لمحافظة العلا لقطاع السياحة ودورها المحوري في دعم التنمية المستدامة والاقتصاد المحلي. وتسير العلا بخطوات واسعة لتحجز موقعا مميزا كوجهة سياحية عالمية ، ستكون للجميع وسيجد السائح كما يجد في أي وجهة سياحية عالمية ما يناسب ميزانيته ومستوى الإقامة التي ينشدها وبرامج السياحة التي يرغبها، مع ضمان تطبيق المعايير العالية للهيئة التي تعمل على تقديم العلا كعنوان سياحي عالمي . اقتصاد سياحي أما خطط ترجمة هذه الأهداف ، فتتمثل في برامج الهيئة الملكية للحفاظ على التراث وجعل الفن والثقافة والمجتمع في بؤرة اهتمامها، وقد تجلى ذلك جيدا في مؤتمر مستقبل الضيافة الافتراضي، الذي ضم أكثر من 2500 شخص من جمهور عالمي من الرياديين والقادة وبمشاركة اليونسكو ، وكان فرصة ذهبية للمشاركين والمتابعين في المملكة العالم ، حيث اطلعوا على معلومات ورؤى مهمة حول الأهداف التي تنوي الهيئة الملكية الوصول إليها، والمتمثلة بتحقيق مليوني زيارة سنوية إلى العلا، وخلق 38 ألف فرصة عمل، والمساهمة بما قيمته 120 مليار ريال في الناتج المحلي الإجمالي، وحماية الموروث التاريخي والثقافي للعلا والحفاظ عليه. فهي كما قال عبد الرحمن السحيباني مدير المعارض والمتاحف في الهيئة، والباحث في حضارات العلا القديمة ، مكان استثنائي بدأ فيه الوجود البشري قبل أكثر من 200 ألف عام، وقد تركت الحضارات المتوالية تنوعاً وثراءً يشكل إرث مجتمع العلا الغني اليوم. وتظل أكبر متحف مفتوح في العالم ، مثلما تمثل كتابا مفتوحا ، تحرص رؤية العلا على سرد فصولها للعالم ، حيث تواصل الهيئة كشف كنوز هذه المدينة ومعالمها وروائع تنوع طبيعتها الفريدة. ثراء الموسم السياحي حققت العلا في موسمها الماضي عبر مهرجان " شتاء طنطورة" نجاح واضحا من خلال فعالياته للسياح والزوار من مختلف دول العالم والذين استمتعوا بالعروض الفنية والثقافة والمغامرات، ودعمت ذلك الخطوات التي انتهجتها المملكة مؤخرا لدعم السياحة واستقبال السياح عالمياً منها إطلاق التأشيرة السياحية الإلكترونية، فيما أتاحت خدمة الحجز وتحديد مدة الرحلة السياحية ، بالتوازي مع برامج سياحية مختلفة عززت لتصبح العلاء أحد أهم الوجهات العالمية المسجلة بمنظمة اليونسكو. أرقام وآفاق سياحية ووفقاً للتقرير السنوي الصادر عن البنك المركزي السعودي "ساما" بلغ إجمالي حجم الإنفاق على السياحة المحلية والمغادرة نحو 123 مليار ريال (32.8 مليار دولار) مقابل 123.3 مليار ريال (32.9 مليار دولار) بنهاية عام 2018 . أما الإنفاق على السياحة الداخلية بالسعودية فقد ارتفع أيضاً خلال عام 2019 بنسبة 8.8% بالمقارنة مع عام 2018 بنحو 12.5 مليار ريال ، وبلغ حجم الإنفاق على النشاط السياحي الداخلي بالمملكة للمحليين والوافدين نحو 154 مليار ريال مقابل 406 مليار ريال . وهكذا تستعيد السياحة السعودية إيرادات قوية واعدة في المرحلة المقبلة مع انتهاء آثار الجائحو وتعافي الاقتصاد العالمي مع اكتمال منظومة المشروعات السياحة الضخمة في المملكة ومنها العلا .