وضع عدد من المختصين والمواطنين روشتة من الأسئلة الساخنة والمقترحات على طاولة وزير الصحة الدكتور توفيق الربيعة، تمثلت في ضرورة تفعيل مفهوم البحث العلمي في القطاع الصحي، وإيجاد حلول عاجلة لطوابير الانتظار خصوصا في عيادات الأسنان وأقسام الباطنية، فضلا على وضع المبضع الجراحي على تدني الخدمة ببعض المستشفيات العامة ، والعمل على تطوير مراكز الرعاية الصحية ، لافتين إلى أن المملكة تحتضن أكبر قطاع للرعاية الصحية بين دول الخليج، مستحوذة بذلك على نحو 48% من إجمالي إنفاق الحكومات الخليجية على الرعاية الصحية وبكلفة من المتوقع أن تصل الى 150 مليارا ريال في العام القادم 2020 ، كما تعتزم المملكة إنشاء مدن طبية خصصت لها ميزانية تصل الى نحو 16 مليار ريال، وهذه الميزانيات الضخمة تؤكد أهتمام الدولة بالقطاع الصحي من أجل النهوض بهذا القطاع الحيوي. وأضافوا أنه رغم هذا الاهتمام الكبير بقطاع الرعاية الصحية .. فإن واقع الخدمات المقدمة للمرضى والمراجعين لا يتوازى مع هذه الميزانيات الضخمة. الأمر الذي يطلق حزمة من الأسئلة، خصوصا في ضوء تدني الخدمات في بعض المرافق الصحية. "البلاد" تفتح الملف الصحي واتساقا مع ذلك حملت "روشتة " الأسئلة الساخنة والتقت بعدد من المختصين والمهتمين بالشأن الصحي فضلا عن الجلوس مع المراجعين لسماع صوتهم ووضع كل المقترحات والتساؤلات والشكاوى على " طاولة " وزير الصحة ، داعين في الوقت نفسه إلى ضرورة ايجاد حلول لطوابير الأنتظار ، وتطوير الخدمات الصحية بصورة عامة والأهتمام بالبحث العلمي. في البداية قال أوس بن حسين محمد نوح، رغم الصرف الكبير على المنظومة الصحية ولكن أسال ما سبب الكم الهائل من الوصفات العشوائية التي يضعها البعض على مواقع التواصل الإجتماعي، ويحذر الأطباء بعدم الأخذ بها ، لذا فإن على وزارة الصحة والجهات ذات العلاقة القضاء على مثل هذه السيناريوهات خصوصا في ضوء انتشار مواقع التواصل الإجتماعي. اصلاح الخلل ويتحدث احمد الشريف، مرشد طلابي في معهد النور للمكفوفين "سابقا "ويقول مع الاسف إن الخدمات متدنية في بعض المستشفيات والمراكز الصحية، كما أن من لديه معرفه تقدم له الخدمات بسهوله ومن ليس له معرفه ينتظر دوره حتى ولو كان مستعجلًا وحالته طارئة… فكيف يمكن إصلاح هذا الخلل وليس هناك عقوبات للقضاء على المحسوبيه في خدمة المراجعين، وكذلك مواعيد الأسنان حدث عنها ولا حرج لذا لابد من ايجاد الحلول الناجعة . طول المواعيد ويقول طلال كركشان لا يزال طول مواعيد المراجعات في المستشفيات الحكومية يشكل الهاجس الأكبر أمام بعض المرضى، ورغم المطالب والوعود التي يقطعها عدد من مسؤولي القطاعات الصحية على انفسهم بإيجاد حل لهذ المشكلة التي تؤرق وتجهد المرضى إلا أن الوضع بقي كما هو عليه بل في كل عام تزداد الفترات طولا. وهناك مواطنون يتكبدون معاناة السفر لمسافات طويلة من اجل زيارة طبيب فى مستشفى حكومى، ولكن ربما لا يجدون موعدا قريبا . قلة الأطباء وتقول منى النمرسي "المستشفيات العامة بالمملكة افضل كثيراً من المشافي الخاصة وذلك لإنها لا تستغل المرضي مادياً…الا أن المواعيد بها متباعدة بسبب الازدحام وقلة الاطباء المتخصصين..كما يوجد احيانا سوء ادارة وخاصة في أقسام الطوارئ مما قد يؤدي الى موت مريض الطوارئ اذا لم يتم إسعافه سريعا وخاصة قسم الحوادث.. استغلال المرضى اما المستشفيات الخاصة فبعضها تستغل المرضى أسوأ استغلال وهناك تجربة لطفلة من العائلة عمرها خمس سنوات كانت تعاني من إمساك وتبكي عند دخول الحمام، وراجع بها أهلها مستشفى خاص فما كان من طبيب الاطفال الا الإشارة بضرورة جراحة عاجلة .. ولكن لم تقبل اسرتها بهذا الحل وذهبوا بها الى لندن وتم عرضها علي طبيبة أطفال هناك وكان رأيها أن الطفلة خائفة من دخول الحمام بسبب الآلام …وقد بدأت معها علاج بإعطائها كمية من الألياف الدوائية وتعويدها دخول الحمام في أوقات محددة يوميا مما ساهم في علاجها بدون جراحة وأصبح الوضع طبيعي. التنظيم الإداري أما الدكتور محمد أبو بكر أخصائي الأمراض الباطنية فيقول إن المشاكل والصعوبات التى تواجه بعض المراجعين بالعيادات الخارجية تتمثل في أمور كثيرة فمنها ضعف التنظيم الاداري للمؤسسة الطبية ونقص الكوادر وعدم خبرة موظفي الاستقبال وعدم توزيع الحالات بشكل صحيح على العيادات . تطوير المنظومة ويوضح عبد الهادي السبيعي مدير عام أحد المجمعات الطبية بجدة أن المشكلة تتمثل في زيادة عدد المرضى عن القدرة الاستيعابية للمؤسسات الطبية سواء الحكومية أو الخاصة ، والحل الأمثل للحد من معاناة المرضى هو التوسع في القطاع الصحي الخاص كي يخفف العبء عن القطاع الحكومي مع الالتزام بمعايير الجودة وتقديم الخدمة الطبية اللائقة، مشيرا أنه في حال التوسع في مشاركة القطاع الخاص للقطاع الحكومي في المجال الطبي سوف تقل معاناة المرضى من طول قائمة الانتظار وتغطية الخدمات بصورة أسرع ، وتقليل الضغط على القطاع الحكومي مع توفير كل الامكانيات والمساعدة للقطاع الخاص من أجل النهوض بالقطاع الصحي الخاص والطبي في المملكة . قلة الأطباء في سياق متصل يرى الدكتور محمود الغلبان المدير الطبي لأحد المجمعات الطبية بجدة ان مشكلة ومعاناة المرضى في العيادات الخارجية تتمثل في زيادة عدد المرضى عن استيعاب مراكز تقديم الخدمة الطبية في المستشفيات والمجمعات الطبية مع بعض القصور في الكوادر البشرية من موظفي الاستقبال ومنسقي الخدمة وكذلك نقص الكوادر الطبية . إجهاد الأطباء ويتحدث الدكتور كامل اسعد كتوعة من منسوبي صحة جدة سابقاً ان جميع الأنظمة واللوائح والتعليمات لا تجيز في كل الأحوال الجمع بين العمل في القطاع الصحي الحكومي والقطاع الصحي الخاص.. ورغم ذلك هناك من الممارسين العاملين في القطاع الحكومي من يخالف هذه الأنظمة والتعليمات .. كما ان الكثير من أعضاء هيئة التدريس في الجامعات يعملون في القطاع الخاص وبدون موافقات مراجعهم .. مما يعتبر مزاولة غير نظامية، إضافة الى ان ممارسة عملين في جهتين مختلفتين يؤدي الى اجهاد هؤلاء الأطباء ويحرم الآخرين من تفرغهم وخدماتهم الكاملة مما ينعكس سلباً على عملهم الأساسي في القطاع الصحي الحكومي، مما قد يؤدي لاسمح الله الى حدوث الأخطاء الطبية-وما أكثرها- وكذلك يؤدي الى ضعف المردود التعليمي والإشرافي على طلبة كلية الطب، لضيق وقتهم ، مما يخّرج اجيالاً ضعيفة من الأطباء. كثرة الإجراءات وأوضح المستشار القانوني ماجد الاحمري أن معاناة المرضى مع المستشفيات كثرة الاجراءات، والانتظار لساعات داخل المستشفيات الحكومية اصبحت تشكل مصدر ازعاج وارهاق للمريض ربما أكثر من المرض نفسه وفي احدى المرات عند دخولي الى احد المستشفيات الحكومية بمرافقة مريض .. بدأت رحلة المعاناة والتعب من الاجراءات الروتينية القاتلة داخل المستشفى. ففي الساعات الاولى للدوام يحتشد عشرات المراجعين لأخذ دور عند الطبيب المتخصص. وأحيانا يأتي الطبيب في موعده وأحيانا يتأخر. وأضاف انه يمضي وقت انتظار «الدور» من ساعة الى ثلاث ساعات، مع ضرورة التذكير بأن موعد المريض المعطى له من سجل المواعيد في المستشفى تم تحديده قبل نحو 3 أشهر ومعاناة المرضى المراجعين للمستشفيات الحكومية لا تقتصر على المرض نفسه الذي يعاني منه المريض بل يتعداه الى التعب الجسدي من طول الانتظار. إعادة النظر في مناهج كليات الطب البروفيسور زهير السباعي استاذ طب الاسرة والمجتمع يضع المبضع على " الجرح " الصحي ويقول علينا أن نعيد النظر في النظام الذي يضع مراكز الرعاية الصحية الأولية تحت إشراف المستشفيات ، وذلك حتى لا يتمحور دور المراكز الصحية حول استقبال المرضى. وأدعو إلى الرجوع إلى وثيقة منظمة الصحة العالمية بعنوان «المستشفيات من أجل مراكز الرعاية الصحية الأولية». كما أدعو إلى الأخذ بالتوجه العالمي لجعل المستشفيات معزّزة للصحة كما يلزم أن نعيد النظر في مناهج كليات الطب والمعاهد الصحية والدراسات العليا لكي تخرّج لنا أفراد الفريق الصحي الذين يعنون بالوقاية عنايتهم بالعلاج. وأضاف البروفيسور السباعي أن الاسئلة الملحة تتمثل في كيفية اقناع المسؤولين عن الدراسات الطبية العليا – والذين لا ننكر جهودهم المتواصلة – بأن فصل برنامج الدراسات العليا لطب الأسرة عن برنامج الدراسات العليا لطب المجتمع أمر لا مبرر له. والأولى أن نحافظ على مفهوم «طب الأسرة والمجتمع» معا كيما تلتحم الوقاية مع العلاج في التصدي للمشاكل الصحية. ويختتم البروف السباعي بقوله : لا يسعني هنا إلا أن أثني على اهتمام وزارة الصحة بالرعاية الصحية الأولية. إذ جعلتها من بين أولياتها، وهو نفس الاتجاه الذي اتخذته رؤية 2030. وإذا ما كانت هناك اختلافات في وجهات النظر حول وسائل الإعداد والتطبيق فيمكن حلها عن طريق الجلوس إلى مائدة مستديرة يدعى اليها ممثلون عن التعليم الطبي، والخدمات الصحية، والقطاع الأهلي، ليجيبوا عن السؤال: ما الذي يمكننا أن نفعله معا لكي نرتفع بالرعاية الصحية الأولية إلى مستوى المعايير الدولية؟ غياب الرقابة من جانب آخر أوضح الدكتور عبدالغفور التركستاني استشاري الكيمياء الصيدلية بكلية الصيدلة بجامعة الملك سعود بالرياض (سابقاً) أن هناك غيابا لمفهوم البحث العلمي وهذا يجعلنا في حيرة من امرنا خاصةً اذا علمنا أن تشخيص المرض يعتمد على البحث والتقصي للخروج بالتشخيص السليم، لافتا في الوقت نفسه أن نقص أو سوء الخدمات الصحية مرجعه حزمة من الأسباب منها عدم وضع الموظف المناسب في مكانه المناسب حسب تخصصه وميل معظم الأطباء للإدارة وعشقهم للمناصب، كما أن شهادات الزمالة ومعادلتها بالدكتوراه أدى الى غرور بعض الأطباء وعدم إتقانهم لعملهم الذي يتطلب البحث والتمحيص للخروج بالتشخيص، فضلا عن ضياع مفهوم الرقابة سواءً الذاتية او الرقابة المهنية المختصة، وضعف مفهوم عمل الفريق الواحد واستعلاء بعض التخصصات على زملائهم وغياب مفهوم الرعاية الصحية، فضلا عن سوء استخدام الموارد المتاحة وهدرها وتعدد المدارس العلاجية واختلافها ما بين عربية وآسيوية وأوربية من بنغلاديش الى باكستان إلى غيرها، وتداخل الواجبات والمهام في مختلف وحدات المنشأة الصحية، واهتمام بعض الأطباء بتطوير وتحسين دخلهم المادي على حساب تقصيرهم بالبحث العلمي. وفيما يتعلق بطول المواعيد والاجراءات فيقول التركستاني: اما المواعيد فحدث ولا حرج. فالطبيب يغضب كثيراً من مكتب الاستقبال والمواعيد اذا تم احالة اكثر من مريض في اليوم الواحد. اما بالنسبة لأطباء الأسنان فالكلام يطول حيث معظم المراكز والمستشفيات تحوي عيادة واحدة يتناوب عليها اكثر من خمسة أطباء بحيث يتوزعون الأيام فيما بينهم حيث يداوم الواحد منهم خمسة ايام في الشهر فقط. الصحة: برامج التحسين والمبادرات لتخفيف قوائم الانتظار أوضحت الادارة العامة للتواصل والعلاقات والتوعية في وزارة الصحة أنه تم إطلاق مجموعة من برامج التحسين والمبادرات التي تهدف إلى رفع كفاءة تشغيل العيادات، وتسريع الوصول للخدمات والحصول على المواعيد، وتخفيف قوائم الانتظار عن طريق برنامج (أداء الصحة) والذي يطبق في المستشفيات المرجعية والتحويلية في جميع مناطق المملكة، وتم التوسع فيه لشمول عدد أكبر من المستشفيات والتي بلغ عددها حاليا 151 مستشفى وكذلك شمول المراكز المتخصصة بالإضافة إلى ما يزيد على 700 مركزًا للرعاية الصحية الأولية ضمن نطاق الخطة المرحلية، وقد ساهمت المبادرات في تحسن مؤشر الحصول على المواعيد ضمن النطاق المستهدف بنسبة 60% تقريبا مقارنة بالعام الماضي. وتم خفض متوسط عدد الأيام للحصول على موعد بالعيادات من 59 يوم إلى أقل من 20 يوما. كذلك تم تفعيل برنامج (موعد) كحل تقني لإتاحة المواعيد وتمكين المستفيدين من سهولة الوصول وإدارة حجز المواعيد، وتقييم الخدمات المقدمة، وذلك عبر التطبيق أو الموقع على الإنترنت، أو بواسطة الرقم (937) .. ويواكب ذلك زيادة في توفير نطاقات الخدمات المتخصصة ، وانتشار وتجويد لخدمات عيادات طب الأسرة وعيادات الرعاية الأولية، والتي شهدت ارتفاعًا ملحوظًا في إقبال المجتمع لتلقي خدماتها.