مواصلة لمسلسل الخروقات الحوثية لقرار وقف إطلاق النار في محافظة الحديدة، نفذت المليشيا الانقلابية المدعومة من إيران مناورة مكشوفة تتحدث فيها عن الانسحاب من ميناء الحديدة الاستراتيجي، مايعد تهديدا جديدا لاتفاق ستوكهولم. وكان الاتفاق قد نص على انسحاب المليشيا من ميناء الحديدة خلال 14 يوما من توقيعه، يعقبه الانسحاب من مدينة الحديدة إلى أطرافها في غضون 21 يوما، ومن أجل ذلك، أوفدت الأممالمتحدة فريقا دوليا لمراقبة وقف إطلاق النار وإعادة الانتشار برئاسة الجنرال الهولندي باتريك كاميرت. وعقدت لجنة إعادة الانتشار، التي يشارك فيها 3 من الجانب الحكومي، اجتماعات مكثفة على مدار الأيام الثلاثة الماضية، وأعلنت الأممالمتحدة أن اللجنة ستتسلم يوم الثلاثاء، 1 يناير، خططا تفصيلية بشأن إعادة الانتشار ووقف إطلاق النار، فيما تم الاتفاق على فتح الممرات الإنسانية، ابتداء من السبت الماضي . وكعادتها في نكث العهود والاتفاقات حتى وإن كانت برعاية دولية، انقلبت المليشيا الحوثية على اتفاق فتح الممرات الإنسانية عبر طريق الحديدة-صنعاء، فيما أعلنت بشكل أحادي إعادة الانتشار في ميناء الحديدة وخروج مسلحيها. وقوبلت الخطوة باستياء بالغ في الشارع اليمني كونها تكشف عن نوايا الحوثيين تجاه إفشال عملية السلام، فيما اعتبرها مصدر حكومي “محاولة التفاف على اتفاق ستوكهولم”. ونقل موقع “سبتمبر نت” التابع لوزارة الدفاع اليمينة عن مصدر حكومي قوله : إن المليشيا الحوثية أعلنت، عبر رئيس وفدها التفاوضي محمد عبدالسلام، استلام قوات خفر السواحل للميناء بحضور فريق الأممالمتحدة، في تضليل للفريق الأممي الموجود في المدينة الساحلية منذ الأحد الماضي. وأشار المصدر إلى أن الاتفاق ينص على انسحاب الحوثيين من الميناء وتسليمه للقوات التي كانت تعمل قبل اجتياح المليشيا للحديدة، بقيادة العميد عبدالجبار زحزوح، مدير شرطة ميناء الحديدة وقائد في قوات خفر السواحل اليمنية. وكشف المصدر عن أن المليشيا الحوثية بعد اجتياحها للحديدة، أواخر 2014، قامت باستبدال العقيد الموالي للشرعية “زحزوح”، وتنصيب القيادي الموالي لها عبدالرزاق المؤيد خلفا له في الإشراف على ميناء الحديدة. ومن أجل تضليل المجتمع الدولي والفريق الأممي، عملت المليشيا الحوثية على تجهيز قوات جديدة تحت اسم “خفر السواحل”، وقامت خلال الأسبوع الماضي بتقديمها للفريق الأممي بأنها “قوات محلية” تتبع القيادي الموالي لها عبدالرزاق المؤيد الذي نصبته قائدا لقوات خفر السواحل اليمنية أيضا. وتسعى المليشيا الحوثية إلى مماطلة المجتمع الدولي في عامل الوقت، حيث أكد اتفاق ستوكهولم ضرورة تنفيذ اتفاق الحديدة كاملا خلال مدة 21 يوما، وذلك قبيل الذهاب لجولة مشاورات جديدة أواخر يناير المقبل. وخلافا لاتفاق الحديدة، بدأت المليشيا الحوثية بالتنصل أيضا من اتفاق تبادل الأسرى والمعتقلين، حيث أعلنت عدم وجود أكثر من 2800 شخص في معتقلاتها، كان الوفد الحكومي قد رفع بهم إلى الأممالمتحدة في مشاورات السويد. وتشكل المناورات الحوثية والخروقات المتواصلة انتكاسة كبيرة لعملية السلام التي يتوق لها الشارع اليمني، ومن شأنها إنهاء الانقلاب الجاثم على اليمن منذ أكثر من 4 سنوات. هذا فيما اعتبر خبراء ومسؤولون يمنيون ما قامت به مليشيا الحوثي الانقلابية من انسحاب وهمي في ميناء الحديدة بأنه مسرحية بلهاء و”انقلاب جديد” تم هذه المرة على اتفاق ستوكهولم. قال نائب مدير أمن الحديدة العقيد صادق عطية إن “ما قامت به مليشيا الحوثي في ميناء الحديدة هو انقلاب واضح على اتفاق ستوكهولم”، مشددا على أن “التسليم يجب أن يتم للسلطة المحلية التابعة للحكومة الشرعية”. وقال عطية في تصريحات صحفية أن “المليشيا الحوثية قامت بمغالطة الرأي العام والأممالمتحدة، وذلك بتسليم الميناء إلى مليشيا أخرى ارتدت بزات الأمن، في تنصل واضح عن اتفاق ستوكهولم واجتماعات لجنة إعادة الانتشار التي يرأسها الجنرال الهولندي باتريك كاميرت”. وأكد العقيد عطية أن “العواقب ستكون وخيمة على مليشيا الحوثي هذه المرة في حال انقلبت على الاتفاق، وأنه لا مناص من عودة الحديدة وموانئها الثلاثة إلى السلطات الشرعية”. وأشار المسؤول الأمني اليمني إلى أن “قوات الجيش الوطني والمقاومة التزمت بفتح الطريق أمام القوافل الإنسانية، إلا أن مليشيا الحوثي احتجزتها، السبت، ومنعتها من المرور”. ولفت عطية إلى “أن تسليم الميناء يجب أن يكون وفق القانون اليمني والمرجعيات الثلاث التي تنص على تسليمه للسلطة المحلية التابعة للشرعية، لافتا إلى أن ما أعلنه الحوثيون “إجراء انفرادي لم يتم عبر أعضاء لجنة الانتشار جميعا”. وقال إن “مراحل تنفيذ اتفاق الحديدة التي طرحها رئيس لجنة إعادة الانتشار باتريك كاميرت تستند على محاور أساسية، هي فتح المنافذ المغلقة، وتثبيت قرار وقف إطلاق النار، وإعادة الانتشار الأمني”، مشددا على أن “السلطات الشرعية لن تسمح بالانقلاب على هذا الاتفاق”. بدوره كشف المحلل السياسي اليمني أدونيس الدخيني أن “مليشيا الحوثي أجرت مسرحية رخيصة أمام رئيس البعثة الأممية (الجنرال الهولندي باتريك كاميرت)، في أعقاب استغلال حضوره لتدشين القافلة الإنسانية التي كان يفترض أن تسير صباح السبت، حسب اتفاق لجنة إعادة الانتشار”. ولفت في تصريح صحفي ” إلى أن “الانسحاب من ميناء الحديدة بالتزامن مع تسيير قافلة مساعدات عبر المنفذ الشرقي للمدينة على طول خط الحديدة-صنعاء بعد إزالة تحصينات الألغام من قبل مليشيا الحوثي المدعومة من إيران خطوة حاولت المليشيا فصلها لممارسة الالتفاف في التسليم”. وأشار إلى أن “الانسحاب من ميناءي الصليف ورأس عيسى وإعادة الانتشار المشتركة ستكون بعد اجتماع اللجنة، وسيصل عدد آخر من مراقبي الأممالمتحدة إلى جانب كاميرت وحراسته وفريقه الفني لمراقبة الانسحاب الأخير من المحافظة”. من جانبه قال عضو الوفد الحكومي في مشاورات السويد عسكر زعيل إن “ادعاء الحوثيين انسحاب مليشياتهم من ميناء الحديدة يمثل بداية سلبية تجاه التطبيق العملي لاتفاقيات مشاورات السلام في السويد”. وذكر زعيل، في تصريح نقلته الوكالة الرسمية “سبأ”، أن “هذه الخطوة تقلل من فرص السلام، وتكشف عن نوايا المليشيا ومساعيها الحثيثة في إفشال الاتفاق الذي تم برعاية أممية”. وتابع “إقدام الحوثيين على إعلان قيامهم إعادة الانتشار في ميناء الحديدة وتسليمه لعناصر تابعة لهم، وبحضور رئيس لجنة إعادة الانتشار الأممية الجنرال الهولندي باتريك كاميرت أمر مرفوض وغير مقبول، ويعد تناقضا صريحا لاتفاق ستوكهولم، ويستوجب التوضيح الكامل من المبعوث الأممي لهذا الإجراء غير المسؤول”. وأكد زعيل رفض الجانب الحكومي هذه الخطوة جملة وتفصيلاً، وقال إن “اتفاق ستوكهولم بشأن مدينة الحديدة وموانئها واضح وصريح ولا لبس فيه، وهو أن من يتسلم إدارة الموانئ وأمنها هي الجهات الرسمية التابعة للحكومة اليمنية وفقاً للقانون اليمني”. وأشار إلى أن “الحكومة تنتظر موقف المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن جريفيث واللجنة المشرفة على تنفيذ الاتفاق برئاسة الجنرال باتريك كاميرت، من هذه الادعاءات التي تناقض ما أقر في مشاورات ستوكهولم. في غضون ذلك أعلن تحالف دعم الشرعية في اليمن، عن ارتكاب ميليشيات الحوثي الإرهابية 14 خرقا لوقف إطلاق النار خلال ال24 ساعة الماضية. وقال التحالف في بيان إن الخروق وقعت في مناطق التحيتا وحيس والفاز والجبلية والحيمة، مشيرا إلى أن الميليشيات الانقلابية استخدمت كافة أنواع الأسلحة لخرق وقف إطلاق النار.