تحدثت سابقاً عن الشيلات وممارساتها من فساد الذائقة السمعية والفنية وعن تمتعها بانتشارٍ غير منضبطٍ إعلامياً وحقوقياً..ولازلت أقف عند هذا الرأي و هذه الرؤية.. واليوم سأتحدث عنها من زاويةٍ أخرى،تتمثل في إفسادها للدور الاجتماعي وتدخلها في خصوصيات اجتماعية وحقوقٍ(شرعية)كفلها الشرع للمتشارعين،وفَصَلَ فيها القضاء للمتقاضين،وما قد يترتب على هذا النوع من الشيلات من مشاكل أسريةٍ واجتماعيةٍ ما كانت لتكن لولا هذا(الوباء)الذي استشرى في جسد الثقافةِ والمجتمع.. فحين تنطلق حملات(إعتاق)رقبة جانٍ في جرائم قتلٍ متعمدةٍ أو شبه متعمدةٍ وعندما تبدأ صيحات(النخوة)لأهل(المغدور)من أجل إعتاق رقبة (قاتل)،فإن أول ما يتم به قص شريط هذه الحملات هي الشيلات.. عندها ينبري شعراء(الشو) ويتسابق منشدي طلب (الشهرة) لهذه المهمة،كونها فرصة قد لا تكرر،فالمجتمع كله يتابع هذا الحدث و ما سينتج من وراء هذه النخوات،فتكون هذه الشيلات في الواجهة أمام كل خبرٍ جديد،والقنوات الشعبية تتسابق في بثهاعلى مدار الساعة..والمصممون يتسابقون في إنتاج مقاطع (اليوتيوب)لإستعراض مهارة التصميم..والكل يتسابق على جراح و حقوق أهل(حقٍ شرعي) يتم الترتيب لاغتصابه بالصيحات و النخوات والشيلات و(المدائحِ المغلوبةِ على أمرها).. وربما يفوت على هؤلاء(المرتزقة)أن شيلاتهم لها مساوئ على أهل(الدم)من عدة زوايا.. فإما أن يُجبر أهل الحق(غصباً)على التنازل خوفاً من(العيب القبلي) وتذهب حقوقهم دون رضاً من طيب خاطر وابتغاء أجر، أوأنهم يصمدون أمام هذه الشيلات للحصول على حقهم الشرعي،وعندها سيتحملون انتقاص وشتائم مجتمع لا يبحث الا عن نجاحه ومدى تأثيره في(اغتصابِ)التنازل.. شيلات الديات تحمل عبارات مديح منقطعة النظير،وترتكز على اسم القبيلة من أجل وضع صاحب(الدم) في أضيق زاوية،ليواجه أعنف قرار وأسوأ مصير..وفي حال إصرار صاحب الدم على حقه الرباني و الشرعي والمكفول له من الله ب(القصاص)!فإن جميع هذه المدائح ستنعكس سلباً عليه ويصبح في موقفٍ قبليٍ ضعيف،و عندها فإنه ينبغي عليه تقبّل(القدح)بعد(المدح).. الشيلات في شكلها العام(غث) وإزعاج،فكيف وهي تغتصب الحقوق الشرعية؟.. رتويت: يا بلشة الدنيا ويا بلشة الناس نمسي و نصبح بين شيله و شيله