تجربة فريدة – بكل ما تعنيه هذه الكلمة في البناء والاسكان التنموي في منطقة الرياض يجب ان تحذو حذوها كافة مناطق هذا الوطن للقضاء مع الوقت على مشكلة عويصة عانى ولا يزال يعاني منها المواطنون، وهي: مشكلة تملك مسكنا بتكلفة مناسبة للمواطنين الذين يعانون الامرين بسبب عدم توفر قطعة الارض او مغالاة هوامير العقار في بيعها بسعر يتناسب مع ما يحصل عليه من دخل او ايراد من ذوي الدخول المحدودة يتفنن هوامير العقار في المغالاة في بيعها، او ايجارها او استثمارها وهناك من يبالغ في تسويقها تسويقاً يساير جشعهم واطماعهم بسبب غياب (وجود) نظام عقاري يرفع الضيم ويذلل الصعوبات في حصول المواطن على وحدة عقارية تأويه وتأوي اسرته الذي اكتوى بنار الايجارات التي ترتفع عاماً بعد عام، ودخل لا يمكن ادخار شيء منه من اجل تملك مسكن مريح في يوم ما! ولعل صدور نظام اسكان تنموي في كافة المناطق يحذو حذو مشروع الاسكان التنموي في منطقة الرياض تحت مظلة امراء المناطق لما في هذا المشروع من منافع جمة لسكان المناطق كلها عن طريق انشاء مجمعات سكنية وفق معايير هندية واقتصادية واجتماعية كاختيار الطابع المعماري للبيئة المحيطة لكل مجمع سكني على حدة مع توفير البعد الجمالي الذي يربط الوحدات العقارية مع بعضها البعض. انطلق المشروع بمجرد نقل الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله الى اسماع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان – ايده الله – ابان توليه امارة منطقة الرياض عام 1412ه (1992م) تصدع وتشقق منازل سكان منطقة الرياض نتيجة هطول الامطار بغزاة وقام الملك سلمان في حينها بانشاء (مشروع اسكان الاسر المحتاجة) تحت مظلة (جمعية البر الخيرية) تحول الى مشروع خيري مستقل عام 1428ه حتى اصبح هذا المشروع عام 1428ه الى (جمعية خيرية) عام 1429ه. ومع انشاء جمعية البر الخيرية انبثق عنها (مشروع الاسكان التنموي) للاسر المحتاجة والمتضررة من الامطار ويرعاها الامين العام للجمعية المهندس علي بن صالح العمودي. لقد استطاعت الجمعية ان تدحض النظرة القاصرة في وصف (الاسر المحتاجة) التي تعرضت لازمات وتغييرها الى انها (اسر فاعلة) لديها القدرة على الانخراط في المجتمع والاسهام في بنائه كبقية الاسر الاخرى. كما استطاعت (الجمعية) ان تغير من مفهوم (المجمعات السكنية) ليست مكانا للسكن فقط بل تجاوز الى تنمية الساكن وكأنه في دورة حياة تتجدد باستمرار. ولوحظ ان هناك تناغما في المجمعات السكنية جنوب غرب مدينة الرياض بالاندماج السكاني مع الحي المأهول بالسكان مما ادى الى رفع مستوى الحركة والنشاط التجاري والاجتماعي في المحيط المجاور للمجمع بالاضافة الى ان الخدمات العامة استقطبت (سكان الحي) للاجتماع مع قاطني الاسر من المسنين (كبار السن) والشباب والاطفال في جو من الترابط والتآلف والتعاون إذ اصبح لكل وحدة سكنية مجموعة من المتخصصين في مجالات الاجتماع والتربية وعلم النفس والادارة وتطوير الذات بهدف تطبيق البرامنج التنموية التي تقدم للاسر المقيمة في اي مجمع سكني شمل: التدريب والتوظيف ومشروعات الافراد والاسر المنتجة والقروض متناهية الصغر والمساعدات التنموية والاصلاح الاسري. ويهدف برامج الاسر المنتجة لتوفير فرص العمل لربات البيوت او احد افراد الاسر من خلال ممارسة انواع من المهن في المنزل كالطبخ والحياكة وتسويق على الغير في حين يقدم برنامج القروض الصغيرة مبالغ مالية على شكل قروض ميسرة للمستفيدين من الاسر لتنفيذ اي مشروع يعود بالنفع والفائدة ويركز برنامج الخدمات التعليمية على تحفيز ابناء وبنات الاسر المقيمة في المجمعات السكنية للدراسة ومعالجة ما يعوق ذلك الهدف وتشجيع من يتميز دراسياً وتكريمه مع تفعيل دور اولياء الامور في تهيئة اجواء الدراسة للابناء. تعميم المجمعات السكنية في جميع مناطق الوطن وفقاً للترتيبات والتنظيمات والنماذج التي وضعت (جمعية الاسكان الخيري) في منطقة الرياض ستمصي قدماً – ان شاء الله – في القضاء على مشكلة السكن والفقر والفاقة مع الوقت. فهل تبادر وزارة الاسكان عاجلا في صدور نظام اسكان تنموي وطني (اهلي) في كافة مناطق ومحافظات هذا الوطن لينعم المواطنون بمجمعات سكانية مماثلة لما هو على ارض الواقع في منطقة الرياض ولا ضير في اطلاع مسؤولي الاسكان على تجربة غريبة في البناء والاسكان التنموي في منطقة الرياض. للتواصل :ص. ب 45032 جدة 21512