تكتسي منطقة الباحة حللاً من جمال الطبيعة الخلابة التي نسجت خيوطها على جبالها الباردة وسهولها الربيعية وتهامتها الدافئة، مزدهرة بالأمطار التي تغمرها خلال فصل الصيف مع سحب الضباب التي تخيم على رؤوس زوار متنزهاتها لترسم في عيونهم لوحة طبيعية إبداعية تضفي على المكان رونقًا يبعث في النفس الراحة والسرور. ولقد حبا الله سبحانه وتعالى منطقة الباحة الطبيعة الأخاذة المتوشحة بالغطاء النباتي في مختلف أودية وجبال محافظاتها ومراكزها، فظهرت في شكل غابة واحدة خاصة في المناطق التي تنتشر فيها أشجار العرعر والطلح والزيتون الجبلي وغيرها من الأشجار والشجيرات، ما جعل الباحة أحد أبرز مصائف المملكة التي يقصدها السياح. وتزدهر الباحة بالنباتات الطبيعة التي تنمو بقدرة الله عز وجل دون تدخل بشري في الجبال والسهول والأودية، وفي أحيان أخرى ما بين أسوار المنازل والطرقات، وتعد من المصادر الدوائية التي يعتمد عليها الأطباء في علاج المرضى فيما يوصف ب "الطب التكميلي" فضلاً عن أن هذه النباتات مصدر غذائي للكثير من الكائنات الحية . وتسهم النباتات الطبيعية في عملية التمثيل الضوئي باستخدام الطاقة الشمسية في امتصاص ثاني أكسيد الكربون وإنتاج غاز الأوكسجين اللازم لتنفس الكائنات الحية على سطح الأرض ومنع ظاهرة الاحتباس الحراري. ويعمل الغطاء النباتي في الباحة على فلترة وتخليص الجو من الغازات السامة والغبار والمعلقات الضارة في الهواء، كما يوفر لأبناء المنطقة الموارد الطبيعية التي يستخدمها في الغذاء والكساء وخامات التصنيع، إلى جانب كونه من أهم العوامل للمكونات الاحيائية والتوازن البيئي الذي يتربع على رأسه الإنسان. ويمثل الغطاء النباتي بالمنطقة ما نسبته 80 بالمائة من مساحتها الاجمالية، متكونا من أربعة محاور تشمل الغابات التي تمثل نسبة 45 بالمائة من النسبة العامة، وهي دائمة الخضرة وتشمل أشجار العرعر والطلح والزيتون "العتم " وكثيراً من أشجار الأكاسيا وشجيرات الشث والطباق، وغطاء نباتي زراعي يتمثل في المزارع الموجودة في سهول تهامة والعقيق، إلى جانب النباتات العشبية الحولية التي تعتمد على موسم الأمطار . وتعد الباحة واحدة من أكثر المناطق المحتضنة للغابات على مستوى المملكة سواء في السراة أو تهامة، مما هيأها في إيجاد تنوع كبير في غطائها الشجري والنباتي، بالإضافة إلى توفر الأودية الخصبة والمصاطب الزراعية المنتشرة. ويوجد في المنطقة أكثر من 40 غابة من أبرزها غابة رغدان وشهبة والجبل بمدينة الباحة، وفي محافظة بلجرشي هناك غابة جبر والعسلة والقمع المطلة على السهول الساحلية وغابة ماطوة الكثيفة بالأشجار والأزهار الطبيعية، وكذلك غابة حزنة والعطفين بالأزاهرة. كما تنتشر في محافظة بلجرشي غابات حوالة والملتقى وشرى والحدب ووادي الحبقة الجميل وأودية المرزوق والعذبة، بينما تنتشر في محافظة المندق عدد من الغابات والأدوية الشهيرة مثل وادي برحرح بدوس، وغابة عمضان وعويرة وآل نعمة وغابة الزرائب وجدر ومياهها الجارية على مدار العام وغابة الخلب المطلة على مدينة المندق من الجهة الشرقية. وتشتهر بقية محافظات منطقة الباحة بالعديد من الغابات والأودية التي تتميز بجريان المياه بها حتى أضحت متنفساً سياحياً للكثير من مصطافي وأهالي المنطقة. وتحظى منطقة الباحة برعاية كريمة من صاحب السمو الملكي الأمير مشاري بن سعود بن عبدالعزيز أمير المنطقة الذي يؤكد أهمية المحافظة على الغطاء النباتي الذي أصبح أحدى عوامل الجذب السياحي للباحة، بينما يتابع وكيل إمارة منطقة الباحة الدكتور حامد بن مالح الشمري توفير الخدمات والمرافق الخدمية لأهالي المنطقة وزوارها. ووفي تقرير ل ( واس) أشار إلى ماتبذله مديرية الزراعة بمنطقة الباحة من جهود كثيفة من أجل المحافظة على الغطاء النباتي بالمنطقة من خلال عقد ورش عمل حول التنمية المستدامة وتوعية المواطنين وإجراء دراسة لبعض المساحات في الغابات من أجل استغلالها وزراعتها بالأشجار البيئية الطبيعية التي لوحظ عليها التدهور من خلال المشاتل الموجودة بمحافظتي بلجرشي والمندق بالتنسيق مع منظمة الفاو العالمية . وتجري وزارة الزراعة حالياً مشروعًا بحثيًا بالتعاون مع منظمة الأممالمتحدة للأغذية والزراعة "الفاو" يهدف إلى حصر أشجار الغابات في المنطقة ومعرفة نسبتها وعددها لوضعها ضمن دليل استرشادي لغابات منطقة الباحة.