علاقات عميقة وضاربة الجذور في أعماق التاريخ تربط بين ساحلي البحر الأحمر في حين تحتضن أفريقيا القارة الأم عشر دول تنضوي تحت لواء الجامعة العربية ويشكل سكانها غالبية العرب. وظلت أفريقيا على مر العصور منافحة عن الحق العربي ومناصرة لقضاياه على كافة المستويات وعلى رأسها قضية فلسطين رغم السعي الحثيث للكيان الصهيوني للتغلغل في القارة السمراء. وكان لابد لهذه العلاقات الراسخة أن تأخذ شكلاً منظماً يضمن لها التنسيق الدائم والاستمرارية ولهذا شهدت حركة التضامن الأفروعربية انعقاد أول قمة أفروعربية في القاهرة عام 1977م. ولكن الأحداث العاصفة التي مرت بها الدول الأفريقية وبعض الدول العربية باعدت بين لقاء الطرفين لنحو 33 عاماً منذ عقد القمة العربية – الأفريقية الأولى لتعقد القمة الثانية في سرت الليبية في أكتوبر من عام 2010م. وأقر زعماء أكثر من 40 دولة عربية وأفريقية في سرت استراتيجية الشراكة العربية – الأفريقية وخطة العمل الأفريقي – العربي المشترك (2011-2016م) وإنشاء صندوق عربي – أفريقي للتصدي للكوارث. ولعل أكبر إنجاز لقمة سرت هو الاتفاق على دورية انعقاد القمة كل ثلاث سنوات، وهو ما تحقق بانعقاد قمة الكويت الأفروعربية الثالثة في 19-20 نوفمبر من عام 2013م حينما افتتح الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت القمة تحت شعار (شركاء في التنمية والاستثمار) بمشاركة 34 رئيس دولة ووفود من 71 دولة إضافة إلى منظمات إقليمية ودولية. وركزت القمة على إنشاء سوق عربية أفريقية مشتركة وتعزيز التبادل التجاري والاستثمار والأمن الغذائي. واعتبر أمير الكويت أن اختيار شعار القمة يعكس إدراك أهمية التعاون الاقتصادي الذي يشكل قاعدة للمصالح المشتركة لتحقيق الشراكة الإستراتيجية. ولكن وبرغم طموحات بعض القادة من الجانبين وتطلعات الشعوب فما زال التعاون قاصراً عن بلوغ أهدافه والارتقاء بالعلاقات إلى آفاق أرحب تتجاوز التنسيق السياسي إلى الشراكة الحقيقية والذكية وهنا نشير إلى أن مبادرة الملك عبدالله ,رحمه الله, للاستثمار الزراعي السعودي في الخارج شكلت فرصة عظيمة لدفع الاستثمار العربي في أفريقيا خاصة وأن الرئيس السوداني المشير عمر البشير قد أعلن أيضاً عن مبادرته لتحقيق الأمن الغذائي العربي والتي تم تبنيها من قبل المجلس الاقتصادي والاجتماعي بجامعة الدول العربية. إن على العرب والأفارقة الاستفادة من مواردهم الضخمة لمواجهة التحديات المستقبلية المحدقة بأوطانهم وشعوبهم من أجل استقرار المنطقة ونمائها وازدهارها.