أكد الشيخ د. على بادحدح ، المحاضر بجامعة الملك عبد العزيز بجدة، والمشرف على موقع اسلاميات، أن الدين الإسلامي شامل بحيث يتضمن تصوري الدين والدولة، مشيرا أن شعار الشمولية رغم وضوحه لغة واصطلاحا إلا أن هناك من يتوهم غير ذلك. جاء ذلك في برنامج "توقيعات" الذي يبث في العاشرة والنصف من مساء كل جمعة في قناة الرسالة الفضائية. وتطرق الشيخ بادحدح في حديثة لبرنامج "توقيعات"، إلى التصور الإسلامي للعلاقة بين الدعوة والدولة، لافتا النظر إلى النموذج النبوي في ذلك، حيث أشار إلى أن الرسول، صلى الله عليه وسلم، بدأ حياته النبوية كداعية في مكة والتي كانت مرحلة تمهيدية للدولة، إذ هيأت تلك الدعوة الأسباب وأعدت الأفراد وأوجدت الأرض التي استقبلت ورحبت برجالات الدعوة ، ومن ثم قامت الدولة التي أصبحت فيما بعد حاضنة للدعوة وحاميتها وناشرة لها. وأضاف بادحدح انه من خلال هذا النموذج لا يوجد ما يظنه البعض صراعا بين الدولة والدعوة، وإنما علاقة تكاملية وليست تنافرية، مشيرا انه لا يعني وجود دولة انقطاع عمل الدعوة بل لابد من بقاء الدعوة لتتوجه للدولة بالنصح والتذكير. كما ان من واجب الدولة التوجه للدعوة بالتحفيز والتقويم وتوفير الأسباب . إلي ذلك ، تناول الشيخ بادحدح مفهومي الدعوة والدولة، حيث أوضح أن مفهوم الدعوة مأخوذ من الدعاء والطلب والترغيب في الإسلام وأحكامه وشرائعه وآدابه، مبينا انه مفهوم يشير إلى الجانب التعريفي والاثباتي ولا يتجاوزه إلى الإكراه أو الإرغام، كما أن الدعوة واجب كل مسلم بحيث لا تختص به بدوائر معينه، وهو واجب على كل من لدية العلم كالعلماء والفقهاء، وكل من لديه سلطة كالحكام. أما حول مفهوم الدولة، فقد أشار بادحدح انه مفهوم واسع ومر بأطوار متدرجة، معتبرا أن مفهوم الدولة الحديثة ظهر إبان القرن السادس عشر وذلك عندما انتهت الدولة الإلهية أو الثيوقراطية في عهد الثورة الفرنسية، حيث بدأت المجتمعات تخرج وتشكل تشكيلات مختلفة وباتت الدولة هي الكيان السياسي الذي ينظم شعبا على رقعة من الأرض، في ظل سيادة القانون وتحمى فيها الحقوق وتتم فيها رعاية المصالح. وفي ختام الحلقة، تناول بادحدح الإشكالية الجدلية وما يثار حول توهم البعض من خشية انه إذا تمكنت الدولة الإسلامية فإنها ستكرر تجربة الدولة الدينية التي سادت في أوربا في القرون الوسطى، حيث أبان بادحدح أن الإسلام جاء بدولة ليست بعيدة عن مبادئ الدولة الحديثة، فالعدالة موجودة في الإسلام حتى مع الكفار، وهناك التنمية الاجتماعية، مؤكدا أن الدولة الإسلامية هي دولة مدنية بالاعتبار العملي وهي إسلامية باعتبار المرجعية، حيث تظهر هذه الصورة الإسلامية في كليات العقيدة وشعائر الإسلام، بالإضافة إلى تنفيذ الأحكام الشرعية، وأخيرا ضابط الامر بالمعروف والنهى عن المنكر للحفاظ على هذه المكتسبات. وأشار بادحدح إلى انه ليس في الإسلام عدوان على العلم أو تسلط على الخلق كما كان يحصل في عهد الدولة الدينية في أوروبا، مؤكدا أن التطبيقات، وإن انحرفت، ليس حكما على أصل المشروعية الإسلامية الواردة في الكتاب والسنة.