(الضوء الأسود) .. مسرحية فلسطينية صامتة تتناول الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة قدمت لاول مرة على خشبة مسرح رام الله الثقافي بمشاركة 25 ممثلا وممثلة. وقال فتحي عبد الرحمن مخرج العمل المسرحي "هذا العرض صرخة احتجاج على ما جرى في غزة وهو وصورة لبشاعة الموت" مشيرا إلى الهجوم الذي شنته إسرائيل في قطاع غزة على مدى 22 يوما في ديسمبر كانون الأول ويناير كانون الثاني الماضيين وأسفر عن مقتل 1300 فلسطيني وتدمير ألوف المباني. واضاف "المسرحية صامتة لتصل الى اكبر عدد من الناس وتتجاوز حاجز اللغات ولتصل صرخة الاحتجاج الى كل العالم وهي للتعبير عن انحيازنا لصمود اهلنا في غزة." وجاء في نشرة وزعت مع بداية العرض المسرحي "لا يكون الضوء الاسود اسود الا اذا كان قرينا للموت والهلاك... لا يكون اسود الا اذا كان حمما من البارود والفوسفور تمزق اجساد الابرياء وتدمر مبانيهم وحياتهم... لا يكون اسود الا اذا استظل به العاجزون الصامتون والمتواطئون." وأضافت النشرة "الضوء الاخر يحمل شعلته الضحايا المستضعفون الذين تصادر حياتهم ودماؤهم وكل ما يملكون. لا يتوقفون عن الحلم والامل يحمل شعلته كل من يعري ويفضح فساد تجار السلاح وتجار الحروب... كل من يقاتل من اجل الحقيقة والحب والجمال وكرامة الانسان." وقالت النشرة عن العرض "هذه المسرحية كي لا ننسى ولا نغفر.. كي نجعل لوجودنا معنى ودورا.. كي تساعدنا على الخروج من عتمة الاحباط واليأس الى امل يوحدنا ويقوينا وينير ارواحنا بالصمود والوحدة." ويبدأ العرض بمشاهد يظهر فيها جنديان مقنعان بالسواد يطلقان النار على امرأة ثم يزداد العدد بعد ذلك وصولا إلى مشاهد تظهر عمليات قتل جماعية من خلال تفجير منازل بأصحابها في اشارة الى سقوط العديد من القتلى الفلسطينيين خلال تواجدهم في منازلهم. وتقدم المسرحية مشاهد لام تحاول حماية ابنها من القصف والقتل والدمار ولكنها لا تنجح فيذهب ابنها ضحية لهذا القتل الذي لا يفرق بين كبير او صغير ولا بين امراة أو رجل. ويعرض عبد الرحمن صورة لاطفال يبحثون عن ذويهم وسط الدمار ويحاولون عبثا ان يوقظوهم من الموت الذي لحق بهم. ويحمل احد مشاهد المسرحية ايحاءات إذ يجري خلف شاشات بيضاء فيرى المشاهد ظلا من ورائها هي مجسمات كرتون لاطفال معلقة على الستار ويظهر بعد ذلك ثلاثة رجال يبدو ان احدهم ضابط يكرم جنوده. ورفض المخرج المسرحي التعليق على هذا المشهد او الرد على سؤال عما اذا كان يقصد فيه حركة المقاومة الإسلامية (حماس) التي تقول انها انتصرت في الحرب ام الجيش الاسرائيلي وقال إن للمشاهد ان يتخيل ما يشاء. وتعرض المسرحية مشاهد للجوء الفلسطينيين للسكن في خيام بعد ان دمرت منازلهم لتعيد إلى أذهان المشاهدين ذكريات النكبة حين رحل الفلسطينيون او اجبروا على الرحيل عن منازلهم في عام 1948 . ويقدم عبد الرحمن صورة تقارب الحقيقة عندما يقف اللاجئون في طوابير امام مراكز توزيع المؤن من قبل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين. ويظهر جليا في العمل موضوع الانقسام بين الضفة الغربيةوغزة ولكن المخرج يقدم رؤيته لكيفية العودة الى الوحدة من خلال جمع قطع قماش ربما ترمز الى الفصائل الفلسطينية لتكون علما واحدا يقترب في خلفيته مجسمان كبيران من البلاستيك يمثلان الضفة وغزة وهما يقتربان من بعضهما بعضا. ويؤدي الممثلون العرض المسرحي الصامت على خلفية موسيقية من الحان وليد الهيثم وفي بعض الأجزاء على اغان من كلمات الشاعر الفلسطيني احمد دحبور. وقال عبد الرحمن ان فكرة العمل المسرحي ولدت لديه خلال الهجوم على غزة. وأضاف "اردت ان يكون لنا نحن الفنانين دور في الاحتجاج على هذه الحرب. وخلال شهرين تمكنا ان ننجز امام الجمهور هذا العمل الذي سننقل عرضه في المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية. ونتمنى ان نحصل على الدعم اللازم لتقديم عروض خارجية." وقال الممثل محمود خليل بعد مشاركته في العرض المسرحي "هذا اقل شيء يمكن ان نقدمه للاهل في قطاع غزة.. عمل مسرحي متواضع يقدم فكرة متكاملة حول ما جرى ويجري لشعبنا منذ عشرات السنوات." وقالت الممثلة روان سلامة التي لم تخف سعادتها بالحفاوة التي استقبل فيها الجمهور العرض "هذا عمل جماعي يقدم رسالة.. اضافة الى عرضه لما شهدته غزة من احداث فانه يدعو الفلسطينيين للوحدة ونأمل ان تكون هذه الرسالة قد وصلت." وصفق الجمهور الذي غصت به القاعة التي تتسع لما يقرب من 850 شخصا طويلا للعرض. وقالت الطالبة الجامعية مها احمد بعد مشاهدتها العرض " رغم انه كان صامتا الا انه نقل وجعا كبيرا. اعجبتني فكرة الدعوة الى الوحدة الوطنية وتقارب غزة والضفة فنحن شعب واحد."