أعتذر للقارئ العزيز عن تأجيل الحلقة الثانية حول ( حلول صحة جدة 2 ) وذلك لكون هنالك ما يوجب الحديث ، وذا علاقة بالشأن الصحي ، حيث تحت العنوان اعلاه كتبت مقالا هنا مشابها حينما فقدنا الدكتور عبدالرحمن بخش ، وبالأمس ودعنا رفيق دربه الدكتور سليمان فقيه رحمهما الله رحمة الابرار ، وحقيقة مع إيماننا الصادق بأن ذلك قضاء وقدر ، وتماشياً مع قول المصطفى عليه افضل الصلاة والسلام بأن القلب ليحزن وإن العين لتدمع. أن خبر وفاة الدكتور سليمان فقيه كان حقا خبرا محزنا وحدثا جللا ، في وقت كنا فيه بأمس الحاجة إلى وجود أمثال الدكتور الفقيد ، حيث أنه من اوائل الأطباء السعوديين المتخصصين وكذلك من اوائل من مارسوا الإستثمار في المجال الصحي ، وحينما أقول الإستثمار الصحي أعني الإستثمار النزيه الذي يتوافق مع مهنة الطب وكرامة الإنسان وسمو التعامل بعيدا عمّا نعايشه اليوم في معظم المستشفيات الخاصة ، تسنم قمة العطاء والإدارة من عيادة خاصة إلى مدير مستشفى إلى نائب مدير الشؤون الصحية إلى مدير عام الشؤون الصحية حتى قام بإنشاء اكبر منشأة طبية خاصة كنت احرص على السلام عليه كلما زرت مريضا في مستشفى الدكتور سليمان ، وأن تعذر ذلك في الاشهر الاخيرة، والذي تعود أن يكون في مكتبه او متجولا في الاقسام وفي واجهة المراجع قريبا من كل مريض وهذه ميزة تذكر فتشكر له (رحمه الله). حكى لي رفيق دربه الدكتور عبدالرحمن بخش(رحمه الله ) ذات مرة قصة أول عملية أجراها في حياته برفقة طبيبين آخرين أعتقد إذا لم تخني الذاكرة أن الاول الدكتور المطبقاني والثاني الدكتور سليمان فقيه ولها حكاية بليغة وطريفة في ذات الوقت ، كما أذكر أنه حينما تم ترشيحي من قبل صاحب السمو الملكي الأمير عبدالمجيد بن عبدالعزيز امير منطقة مكةالمكرمة رحمه الله عضوا في لجنة الإستشارات لتطوير الخدمات الطبية بمنطقة مكةالمكرمة ، ذهبت للدكتور سليمان رحمه الله حيث كان من ضمن من استشيره في المجال الطبي ، لإستشارته في بعض ما قد يخفى عليّ من امور ، فوجدته بفضل الله خير معين رحم الله الدكتور سليمان فقيه . لن أستطرد كثيرا في الحديث عن المغفور له بإذن الله ، لكن من باب ما حثنا عليه الشارع الحكيم من ذكر محاسن موتانا ، أرى أنه من الواجب علينا وبكل صراحة وبعيدا عن المبالغة أن نشيد بأولئك المتميزين العصاميين بتوفيق الله سيما في مجال الإستثمار الطبي حيث هنالك ( إسطوانه مشروخة ) يتناقلها ارباب هذه المهنة وهي ( أن الضمير في مجال الإستشمار الصحي يجب عدم إيقاظه وإلا فإن الخسائر المادية محدقة ) وهنا يعلم الله أنني وجدت الفقيد رحمه الله ضد هذه الإسطوانة ، واحسبه كذلك ولا نزكي على الله احد . ولا أدل على ذلك من كوني لمست ذلك عن قرب حينما عملت عملية ( القلب المفتوح ) بمستشفى سليمان فقيه قبل خمس سنوات تقريبا ولمست الجودة في الخدمة وكانوا مثالا للنزاهة والعمل بأمانة وصدق وترجمة حقيقة رسالة الطب وإنها خدمات إنسانية بعيدة عن المبالغة سواء في الأسعار او متطلبات الفحص والمراجعة من إشعة وتحاليل وعمليات وخلافه. واشتهر الدكتور سليمان بتلك الميزة بالتركيز على مستشفاه الوحيد ليتحول خلال اكثر من 30 عاما إلى اكبر مدينة طبية خاصة في الشرق الاوسط . ولعل عدم التشعب ثم التركيز على الاتقان حقق تلك المنجزات والمعجزات تحت سقف واحد . حيث يعتبر مستشفى الدكتور سليمان فقيه اول مستشفى تمت فيه عملية (نقل قلب ) هذا بخلاف عمليات زراعة الكلى . مما جعل مدينته الطبية تغطي كافة المجالات الطبية وبتميز متفرد . وركز ايضا المغفور له بإذن الله على الجودة أكثر من الدعاية فالدعاية قد تأتي بمراجع مرة واحدة فإذا كان المنتج سيئا لم يعد . لكن الجودة ترسخ الثقة والإقبال المتكرر بإطمئنان. لذلك فلا عتب إذا أكدت أن مجال الإستثمار الطبي قد فقد احد ابرز مؤسسية وممن نشعر بأنه كان وفيا لمهنته بكل صدق وأمانة ولا نزكي على الله احد . رحم الله الدكتور سليمان فقيه وأسكنه فسيح جنانه والهم آله وذويه الصبر والسلوان وطرح البركة في انجاله الدكتور مازن والدكتورة منال والدكتور عمار. ووفقهم الله ليكملوا ما بدأه والدهم وأن يكونوا خير خلف لخير سلف والطيب لايستغرب من معدنه جدة ، والإستثمار في المجال الصحي بحاجة إلى أمثال الفقيد ليحفظ التوازن بين خدمة المريض والأداء المتميز دون مبالغة في الأسعار وطلب مالا يلزم طمعا في الكسب على حساب المريض الذي عادة مايكون في حالة تتطلب الشفقة وسمو الروح الإنسانية . وختاما صادق التعازي والمواساة للِشيخين الجليلين عبدالرحمن وعمر فقيه ولأبناء واسرة الفقيد "إنا لله وإنا اليه راجعون". ص ب 8894 تويتر - saleh1958