لا شيء أقسى من صراع الموت غرقاً , ولهذا تم تصنيف موتاه بالشهداء . فمابالكم بوقوعه القاصف على جسدٍ غضٍ طري كجسد طفلة لم تتم عامها العاشر؟ إن الحديث عن معاناة ومآسي صغارنا الذين حرموا من العيش الكريم ومن الاهتمام من قبل المؤسسات الخاصة والعامة او من قبل ذويهم تجعلهم يعيشون حياة مأساوية للغاية , بيد ان البعض منهم يلقى حتفه قبل الاستمتاع بطفولته كما يجب , والكثير منهم لا يذكر من طفولته سوى القسوة والحرمان والكبت فالصحف اليومية لا تزال تضخ اخبارا عن العنف الاسري تدمي القلوب وتتأسف لأجلها الانسانية . وحينما نبحث عن حلول لهذا العنف المستبد ندخل في منعطفات الاهمال .. فهذه طفلة تبوك التي قضت نحبها في بئر مجهول المعالم ظلت تصارع الموت غرقاً على مدى يومين بلياليها وساعاتها وظلماتها اللجية المفزعة في بئر مخيف . والأشد ايلاما هي محاولاتها التشبث بالحياة بعد ان سمعت محاولات فاشلة لإنقاذها وأقول فاشلة لان فرق انقاذ الدفاع المدني لم تستوعب الدروس من الحوادث المشابهة والتي احدى ضحاياها فتاة قرية ام الدوم التي ظلت ايضا تصارع الموت قرابة اسبوع في بئر عميق مهجور قرابة 35 سنة حتى وافتها المنية !! كما لم نسمع عن محاكمة صاحب البئر الذي تركه مكشوفا والقضايا المشابهة لهكذا اهمال كثر . المهم نعود الى قصة طفلة تبوك التي ذهبت اسرتها للتنزه غير ان امواج العبث والإهمال اغرقت اصغر افرادها . فليست قضية طفلة تبوك الاولى من نوعها ولا الثانية بل هي استكمال لفوضى العبث وإهمال حفاري القبور وليس الآبار . فهم بفوضى صنيعهم وإهمالهم يتسببون بقتل أرواح بريئة فالشخص المسئول عن بقاء هذه البئر مفتوحة لابد ان يمثل للمحاكمة بتهمة التسبب في القتل وان يتم الحجز على ممتلكاته ويمنع من السفر حتى تستكمل التحقيقات ليكون عبرة لمن يعتبر وليأخذ الباقون العظة والعبرة ممن تسول لهم انفسهم اللامبالاة وعدم الاكتراث بترك تلك المقابر مفتوحة لتتلقف ابرياء البشر . فلا زال هناك العديد منها مفتوحا يتربص بالمارة والمشاة وفي مدينة تبوك ايضا التي لم تفق بعد من الحادثة المؤلمة. كما ان الدفاع المدني مسئول ايضا عن عدم وجود فرق مدربة على احتواء الأزمات كالغرق في السيول او الآبار فالدول المتقدمة تدرب افراد الدفاع المدني على انقاذ حتى الحيوانات. واخيرا عظيم عزائي لأسرة الطفلة المكلومة . [email protected]