يستعد السودان لاستقبال جثمان الكاتب والروائي الطيب صالح الذي غيّبه الموت فجر أمس الأربعاء في بريطانيا ليوارى الثرى في موطنه الذي تركه مهاجرا إلى بريطانيا ليضيف بذلك معنى جديدا لرائعته "موسم الهجرة إلى الشمال".وذلك بعد رحلة طويلة في مجال الأدب والثقافة والصحافة، ما حدا بالكثير من النقاد إلى تسميته ب"عبقري الرواية العربية"، لا سيما وأن إحدى رواياته اختيرت لتنضم إلى قائمة أفضل 100 رواية في القرن العشرين. وظلت روايته "موسم الهجرة الى الشمال"، التي أكسبته شهرة عالمية على مدى أكثر من 40 عاما، المقياس الذي توزن به قيمة أعمال أخرى تالية تناول فيها روائيون عرب الصدام بين الشرق والغرب، ووصفتها الاكاديمية العربية ومقرها دمشق عام 2001 بأنها أهم رواية عربية في القرن العشرين. وأكد سفير السودان لدى بريطانيا وإيرلندا عمر صديق أن السفارة تتابع إجراءات نقل جثمان الروائي الراحل إلى السودان. وقال صديق إن الطيب صالح من الأدباء القلائل الذين كتبوا بصدق عن واقع السودان وثقافته وله معجبون ومحبون في السودان وفي العالم، إذ إن رواياته ترجمت لأكثر من 35 لغة عالمية، وبوفاته انطوت صفحة مهمة من تاريخ الأدب السوداني. وذكر الإعلامي السوداني خالد الأعيسر أن الراحل كان يعاني من فشل كلوي يستوجب غسيلا للكلى ثلاث مرات في الأسبوع، وهو ما كان يحدث له ارتفاعا في الضغط، فيما كان عدم الغسيل يحدث له آلاما كبيرة في الكلى. وأشار الأعيسر إلى أن الطيب صالح كان في الآونة الأخيرة يرقد في المستشفى في غيبوبة طويلة إلى أن وافته المنية فجر أمس عن عمر يناهز الثمانين، والفقيد كان متزوجا من بريطانية وله ثلاث بنات كلهن متزوجات. وخلف صالح ثروة أدبية زاخرة تضم عددا كبيرا من الروايات أكثرها شهرة "موسم الهجرة إلى الشمال". وبدأ الأديب الراحل الكتابة منذ أواخر الخمسينيات من القرن الماضي، ومن بين أعماله أيضا "ضو البيت" و"عرس الزين" و"مريود" و"دومة ود حامد" و"منسى" و"بندر شاه". ونالت روايته "موسم الهجرة إلى الشمال" شهرتها من كونها أولى الروايات التي تناولت بشكل فني راق الصدام بين الحضارات وموقف إنسان العالم الثالث ورؤيته للعالم الأول المتقدم. وولد الروائي الراحل عام 1929 في إقليم مروي شمالي السودان بقرية كَرْمَكوْل قرب قرية دبة الفقراء، وهي إحدى قرى قبيلة الركابية التي ينتسب إليها. وتقلب الطيب صالح بين عدة مواقع مهنية، إذ أدار مدرسة في السودان، ثم عمل إعلاميا في القسم العربي لهيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" وترقى بها حتى وصل إلى منصب مدير قسم الدراما. ثم عاد الراحل إلى السودان وعمل لفترة في الإذاعة السودانية، ثم هاجر إلى دولة قطر وعمل في وزارة إعلامها وكيلا ومشرفا على أجهزتها. ومن بعد عمل الطيب صالح مديرا إقليميا بمنظمة اليونيسكو في باريس، وعمل ممثلا لهذه المنظمة في الخليج العربي. وقالت الرئاسة السودانية في نعيها للأديب الراحل اليوم إن "الفقيد كان له القدح المعلى في نشر الأدب والثقافة السودانية في مختلف أنحاء العالم من خلال رواياته ومؤلفاته وكتاباته الرائعة التي ترجم العديد منها باللغات العالمية".