يتبنى رجال الاعمال الصينيون رؤية طويلة المدى ويواصلون التوسع الاستراتيجي في افريقيا رغم فقدان استثمارات الصين المتعددة بالقارة السمراء بعض البريق في الازمة المالية العالمية. وتتعهد بكين والشركات الصينية بتقديم عشرات المليارات من الدولارات في صورة قروض واستثمارات بافريقيا ومعظمها لتدبير المواد الخام للاقتصاد الصيني الضخم الأسرع نموا في العالم. ولم يتغير هذا الاهتمام طويل المدى رغم الأزمة المالية العالمية التي أضرت بصادرات الصين الى الدول الغنية وأدت الى تراجع حاد في شحنات المعادن من افريقيا إلى الصين. ونمت التجارة بين الصين وافريقيا 30 بالمئة سنويا في المتوسط هذا العقد وقفزت إلى حوالي 107 مليارات دولار في 2008. وقال ديفيد شين السفير الامريكي السابق لدى اثيوبيا وبوركينا فاسو والمحاضر في كلية اليوت للشؤون الدولية بجامعة جورج واشنطن "الصين ستظل في افريقيا للمدى الطويل ولأسباب استراتيجية. "لن يحيدوا عن هذا في رأيي." وأفادت وسائل إعلام في زامبيا أن مؤسسات صينية وهندية أبدت رغبتها في شراء شركة لوانشيا كابر ماينز اكبر منتج للكوبالت في زامبيا منذ أوقفت عملياتها في ديسمبر كانون الأول. وقال بنك ستاندرد الجنوب افريقي الذي يملك البنك الصناعي والتجاري الصيني 20 بالمئة منه الشهر الماضي إنه يقدم المشورة لعملاء تعدين صينيين بشأن فرص شراء في افريقيا وأماكن أخرى. وبخلاف التعدين تمضي الشركات الحكومية الصينية قدما في استثمارات في قطاع الطاقة الاستراتيجي والبنية التحتية وتواصل الشركات الخاصة التوسع في مجالات التكنولوجيا. وقال كوي يونجشيان سفير الصين السابق لدى جمهورية الكونجو الديمقراطية وجمهورية افريقيا الوسطى امام منتدى للتجارة بين الصين وافريقيا هذا الشهر "بعض الدول الغربية المتقدمة التي تضررت من الأزمة المالية تخفض استثماراتها في افريقيا ... هذه فرصة قوية للشركات الصينية للتوسع في استثمارها وحصتها من السوق في افريقيا." وبلغ حجم التجارة مع انجولا اكبر مصدر افريقي للنفط الخام إلى الصين 25.3 مليار دولار عام 2007 وقد قدمت بكين للواندا قروضا مدعومة بالنفط قيمتها خمسة مليارات دولار. وحتى أبطأ معدلات النمو للاقتصاد الصيني تتجاوز معدلات نمو الاقتصادات الكبرى الأخرى. وتقول بكين إنها تستطيع تحقيق نمو يبلغ ثمانية في المئة عام 2009. ويقول صندوق النقد الدولي إنه ربما يخفض توقعاته الى نحو خمسة في المئة عن نسبة التسعة في المئة التي تكهن بها في اكتوبر تشرين الاول. وفي حين يقوم منافسون بتسريح العمال وإرجاء المشاريع الجديدة تفتتح شركة المعادن غير الحديدية الصينية مصهرا للنحاس هذا الشهر في بلدة تشامبيشي التي حولتها زامبيا الى منطقة اقتصادية معفاة من الضرائب لجذب الاستثمارات الصينية. وقال روبيا باندا رئيس زامبيا "زامبيا مازالت مقصدا استثماريا جذابا "وهذا سيعطي" ثقة للمؤسسات الموجودة التي تعمل هنا لكي لا تبدأ في تقليل حجم عملياتها." وفي ليبيريا وقعت مجموعة تشاينا يونيون عقدا قيمته 2.6 مليار دولار لتطوير مكمن بونج لخام الحديد. وتؤكد الصين ايضا أن التباطؤ الاقتصادي لن يقلل من اهتمامها بالقارة. وقال وزير الخارجية الصيني يانج جيه تشي في جنوب افريقيا منتصف هذا الشهر " سنواصل برنامجا نشطا للمساعدات هنا وسنواصل الاستثمار باقصى قدر ممكن في افريقيا لأنه مفيد لجميع الأطراف." لكن الازمة العالمية أجبرت بعض الشركات الصينية على إغلاق عملياتها في افريقيا ودفعت الى إعادة النظر في صفقات كبرى بمليارات الدولارات وهي السابقة الأولى من نوعها في أنحاء أفقر قارة بالعالم. ولعل جمهورية الكونجو الديمقراطية وغينيا امثلة على ذلك. فقد استغلت جمهورية الكونجو الديمقراطية طفرة أسعار السلع الأولية لاستقطاب موجة من الاستثمارات الأجنبية الى مواردها الغنية التي طالما أهملت من النحاس والكوبالت والذهب والمعادن الأخرى في أعقاب الانتخابات التي أجريت بعد الحرب عام 2006. لكن هذا الحلم بدأ يتلاشى الآن. وقال مدير تسويق احدى الشركات الخاصة في اقليم شيجيانج شرق الصين الذي يوفر مركبات الكوبالت والنيكل لاستخدامها في بطاريات الهواتف المحمولة "لدينا مصنع واحد للمعالجة والعديد من الورش في الكونجو. أغلقناها. هناك الكثير من الشركات باستثمارات صينية في الكونجو وأنا أفهم أن معظمها أغلق عملياته." وصرح دبلوماسي في كينشاسا بأن حزمة من القروض الصينية والاستثمارات ومشاريع البنية التحتية أحيطت بالكثير من الدعاية قيمتها تسعة مليارات دولار مقابل معادن من الكونجو قد تخفض الى ستة مليارات دولار لاسترضاء صندوق النقد الدولي الذي عبر عن مخاوفه من قبول الكونجو هذه الديون الضخمة. اما غينيا اكبر دولة مصدرة لخام البوكسيت في العالم فكانت تأمل أن تتم صفقة بمليارات الدولارات بينها وبين الصين لبناء سدود لتوليد الكهرباء من المساقط المائية وطرق وجسور في مقابل مناجم. وقال احمد تيدياني ديالو مدير عام مشاريع التعدين بوزارة المناجم إن المحادثات تعثرت مع تردي المناخ الاقتصادي كما أعاقها انعدام الاستقرار في غينيا وانقلاب جرى الشهر الماضي بعد وفاة الرئيس لانسانا كونتي. "شارك في التغطية جو بافيير في كينشاسا وساليو سامب في كوناكري وايريك اونستاد في لندن وديفيد لويس في دكار ولوسي هورنبي وكريس باكلي في بكين ومومين نجارمباسا في شنغهاي ومابفوتو باندا في ليلونجوي ودانييل واليس في نيروبي" .