حذر متخصص في أمراض القلب في جدة، من زيادة اصابات القلب والشرايين والسكري والضغط، وخصوصا في ظل غياب وحدات ومراكز للفحص الوقائي الشامل في المملكة العربية السعودية .. وقال الدكتور عبد المقصور الجنادي استشاري امراض القلب بجدة : ان نسبة حدوث الاصابات بامراض القلب في السعودية تتزايد ، بينما النسبة تتناقص في الغرب، لوجود مراكز فحص شامل للقلب هناك ، واوضح ان المواطن هناك يذهب الى تلك المراكز وهو غير مريض ، ولكن من اجل ان يفحص نفسه بشكل دوري ، لمعرفة ما اذا كان لديه ارتفاع في مستوى الكولستيرول في الدم، او الضغط، او السكري ، وهي كما هو معروف ليست امراضا، ولكنها سبب لأمراض، ولا يمكن كشفها الا من خلال التحاليل التي توفرها مراكز الفحص الشامل الوقائية ، وقال انا متأكد أنه لو تواجدت هذه المراكز بالمملكة لتراجعت الاصابات بالقلب 50% تقريبا. 17% وفيات القلب من جانب آخر اختتمت مؤخرا بجدة فعاليات المحاضرة العلمية لبحث آخر المستجدات في علاج امراض القلب والشرايين والتي القاها البروفيسور بيتر لانسبيرج احد كبار الهيئة التعليمية في قسم الطب الوقائي والمدير التنفيذي لمركز ابحاث امراض القلب والجينات بالمركز الطبي الاكاديمي بجامعة امستردام بهولندا ورئيس عيادة الدهون بمستشفى سلوتيرفارت بامستردام. وتطرق البروفيسور بيتر خلال الحلقات النقاشية التي اجراها بالعديد من مستشفيات المملكة الى الدراسات المنشورة حول تصلب الشرايين والاسس الجينية لهذا التصلب وكيفية علاج المرضى المصابين بأمراض القلب التاجية والطرق المثلى للسيطرة على السكري والضغط والكوليسترول وخصوصا في حالات ارتفاع الكوليسترول عند مرضى السكري. وقد تناول لانسبيرج خلال زيارته للمملكة بعضا من هذه الابحاث والمستجدات في العلاج ، خصوصا بعد نشر دراسات عديدة تظهر أن التركيبة الدوائية التي تخفض من تصلب الشرايين وحالات الاصابة بالجلطة القلبية والسكتة الدماغية عند مرضى السكري بنسبة 37% طبقا للدراسة، كما اشار الى النتائج التي اظهرتها دراسة تي . ان . تي TNT بوجود انخفاض في الازمات القلبية الكبرى بنسبة 25% من مرضى السكري عند تعاطيهم الدواء ، مما يستوجب وصف ذلك لهؤلاء المرضى حتى اذا كان مستوى الكوليسترول لديهم عند حدوده الطبيعية. وأكد البروفيسور بيتر على اهمية حماية مرضى السكري من الازمات القلبية الكبرى التي يمكن ان يتعرضوا لها مشيرا الى ان هذه الجولة التي يقوم بها في المملكة العربية السعودية لا تعتبر الاولى، حيث كانت هناك زيارات اخرى قد قام بها مؤخرا لإلقاء المحاضرات واقامة الحلقات النقاشية العلمية مع نظرائه من الاطباء السعوديين في المستشفيات المختلفة لتبادل الخبرات ولتوسيع اطر التعاون العلمي. ما يجدر ذكره ، طبقا لآخر البيانات الاحصائية الصادرة عن منظمة الصحة العالمية بأن نسبة الوفيات الناتجة عن امراض تصلب الشرايين والاوعية الدموية هي 17% من العدد الكلي للوفيات في المملكة العربية السعودية ، كمان ان نسبة حدوث عوامل الخطورة المرتبطة بارتفاع الكوليسترول في المملكة قد بلغت 45 بالمائة والتي تعد النسبة الاكبر لغاية يومنا هذا . المرأة أكثر إصابة ورداً على سؤال ل"البلاد" حول مخاطر اصابات القلب ، قال البروفيسور بيتر : ان النساء يشكلن الاكثرية في حالات الوفاة باصابات القلب، وذلك على عكس ما هو متوقع من ان الرجال يشكلون النسبة الاكبر ، وقد كان من بين الاسباب لزيادة المعدل عند النساء ، ان عددا من السيدات يعتقدن أن الهرمونات الانثوية يمكن لها ان تكون درعا مساعدا ، وعنصر وقاية لهن من متاعب القلب ، وصحيح ان ذلك قد يكون حاصلا لدى المرأة عندما تكون في سن صغيرة ، لكن الامر يختلف بعد ان يمتد بالسيدات العمر. وقال البروفيسور بيتر : ولذلك نجد أن المرأة أكثر وفاة من الرجل في اصابات القلب في الجملة للسبب السابق، وكذلك لأن السيدات يعتقدن ان الانجاب يخفض الاصابة بالقلب ، ولذلك فهن اقل اتباعا لارشادات الطبيب في مسألة التعامل مع عوامل الوقاية والعلاج من امراص القلب ، واضاف : ان هذا اعتقاد خطأ من السيدات، خصوصا ان الرجال يفوقونهن في اتباع التعليمات الطبية ، ولذلك فإن اكثرية وفيات القلب تكون اوسع في اوساط النساء. مشكلات التدخين ومضى البروفيسور بيتر يقول : ان عادة التدخين عند النساء شكلت كذلك عاملا آخر من عوامل الوقوع في مشكلات الاصابة بأمراض القلب والشرايين وبالأزمات القلبية المختلفة ، اضافة الى الانعطافة الكبيرة للناس اجمالا نحو الوجبات السريعة ، وكذلك الى مخاطر التلوث البيئي الذي ساهم هو الآخر في زيادة المعضلة ، وكذلك الى ارتفاع وتيرة التوتر ،الذي صار يسود العديد من المجتمعات الغربية . وقال : ان الملاحظ الآن ان كل الاسباب السابقة بدأت تظهر في عدد من بلدان الشرق ومنها السعودية ، خصوصا بعد الطفرة الحضارية ، التي صارت تشكل علامة مميزة لتبدل احوال الحياة في البلدان ، التي صارت تدخل الى انماط حياة مماثلة لحياة الغرب، بينما ما زالت المجتمعات البدائية اقل عرضة للمشاكل التي تسبب امراض القلب والشرايين . زيادة السن وحول ما يربطه بعض الناس من زيادة العمر أو التقدم في السن والاصابة بامراض القلب والشرايين قال البروفيسور بيتر : انه لا علاقة بين هذا وذاك ، لانه ثبت علميا انه لا تلازم بين هذين العاملين ، وبذلك يظل كل من يتصور هذا الامر ، مجرد اعتقاد شائع فقط ، ليس له اي اساس علمي موثق ، وثابت بالدراسات والتجارب العملية ، التي يمكن ان تكون مرجعا صحيحا يعول عليه في الطب. الخماسي الخطر واعرب عن قناعته التامة بان هناك ما يمكن ان نصفه بالخماسي الخطر والمزعج ، والذي يعد المؤثر الرئيسي لامراض القلب والشرايين ، وهذا الخماسي هو : " ارتفاع معدل الكوليسترول في الدم، وارتفاع ضغط الدم ، وعادة التدخين ، وامراض السكري ، وانخفاض الكوليسترول الحميد او الجيد " واضاف : لقد تم اكتشاف هذه الحقيقة قبل حوالي نصف قرن من الزمن ، ولم يستجد على هذا الخماسي عامل سادس جديد ، سوى بعض العوامل التي لا يمكن وصفها بأن لها نفس تأثير احدها. وقال : لقد وجد ان الكوليسترول السابح في الدم يمكن ان يؤدي الى تصلب الشرايين ، كما ان هناك اسبابا عائلية ، او ما يمكن ان نقول عنها اسباب وراثية ، مثل ان تكون طبيعة بقاء عائلة ما تمتاز بانها مرتفعة لديها عناصر الكوليسترول الطبيعي عن معدله العادي 200 الى نسبة اكبر بكثير ، كأن تصل مثلا إلى نسبة 500 وهذا فقط لأن السبب هو وراثي فقط. 25% السكري واضاف : لقد تم التوصل خلال العشرين عاما الماضية إلى أساليب طبية يمكن لها أن تعمل على خفض مستوى معين من الكوليسترول في الدم ، ولقد تحدثت كثيرا مع عدد من الاطباء السعوديين هنا، وكذلك مع عدد من الاطباء العرب وذكروا لي ان السكان في المملكة العربية السعودية لديهم مشاكل في امراض السكري ، وان واحدا من بين اربعة من البالغين في السعودية هو مصاب بمرض السكري ، وبذلك تكون النسبة في المملكة العربية السعودية هي الاعلى وفي المرتبة الاولى عالميا عندما صارت تقترب الاصابات من 25% من عدد السكان. خفض الكوليسترول وأضاف: إن مسألة خفض الكوليسترول وبناء على نتائج الدراسات الطبية ، ثم كيفية المحافظة على خفض الكوليسترول، فإن اول الامور المهمة في هذا الجانب هو الالتزام التام بتعليمات الطبيب وخصوصا اذا طلب من المريض المداومة على تناول العلاج ، ولعل من الاخطاء التي يقع فيها عدم المرض هو محاولة التوقف عن تناول الدواء مخالفا بذلك تعليمات طبية ، ولأن السكري ليس مثل الانفلونزا او ما شابهها اذا توقف الانسان عن العلاج لا تكون هناك مؤثرات كبيرة على صحته، فإن التوقف عن دواء الكوليسترول من عند المريض نفسه انما يشكل بالنسبة له خطرا صحيا، ومشكلة كبيرة ، بل وخطورة بالغة ، اضافة الى ان من عناصر تخفيف الكوليسترول المداومة على الرياضة ومنها رياضة المشي ، وكذلك الامتناع عن التدخين، ولعلنا نلاحظ هنا ان المشي والتوقف عن تناول التبغ هي من الامور التي بيد المريض وحده. أهمية الوعي وفي تعليق من جانب آخر للاستشاري الدكتور عبد المقصود الجنادي ، قال ان التوعية مهمة ، واظن أن عددا من السعوديين يمتلك وعيا كبيرا ، وقد لاحظنا هذا من خلال عملنا ومن المراجعين الذين يزوروننا، حيث ان المرضى المهددين بالأزمات القلبية والمخيّة، نجد أنهم اكثر وعيا بمعرفة المخاطر التي تحيط بصحتهم، ولذلك وجدناهم اكثر دقة في اتباع الارشادات والتقيد بأخذ العلاج وفق الوصفات المقدمة لهم .. غير ان من الملاحظ ان عدم وجود مراكز للفحص الشامل الوقائي، والذي يمكن لها ان تكتشف عددا من الاعراض التي تسبب امراض القلب ، ساهم مساهمة سلبية كبيرة في زيادة معدلات الاصابة بامراض الشرايين والقلب في السعودية.