بدأت الدوائر الأمنية والقانونية في إسرائيل، الاستعداد لمواجهة دعاوى دولية قانونية تقاضيها بسبب ما ارتكبته من جرائم حرب وانتهاكات ضد المدنيين الفلسطينيين خلال عدوانها على قطاع غزة، وتتهمها بمخالفة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمواثيق الدولية، كما تقوم الحكومة ببلورة خطة متكاملة لإعادة تحسين صورة إسرائيل في الخارج. ويأتي ذلك في إطار تخوف إسرائيل من تقديم منظمات حقوقية وإنسانية في دول أجنبية دعاوى قضائية ضد مسئوليها السياسيين والعسكريين، الضالعين في العدوان على غزة أمام محاكم أوروبية محلية فضلاً عن المحكمة الجنائية الدولية، وتحسبا من اتهامهم بارتكاب جرائم حرب في القطاع. وقبل إعلانها وقف إطلاق النار من جانب واحد مساء السبت الماضي، أدى عدوان إسرائيل الذي استمر 22 يوما على قطاع غزة إلى استشهاد 1300 فلسطيني وإصابة 5400 آخرين نصفهم من النساء والأطفال فضلاً عن 118 مسنًّا و14مسعفًا. "ملف جنائي" وفي هذا الصدد، ذكرت صحيفة "هاآرتس" الإسرائيلية اليوم الإثنين، أن الجيش الإسرائيلي بدأ في إعداد "ملف جنائي" لكل منزل تم قصفه، حيث ستحاول إثبات أن عملية القصف تمت بناء على وجود مسلحين به، وأنه كان قد استعمل كمخزن للسلاح. ونقلت "هاآرتس" عن مصادر سياسية إسرائيلية قولها: إن التخوف الأساسي هو من دعاوى قضائية يقدمها أفراد أو منظمات حقوقية، وليس من سعي بعض الدول إلى تشكيل لجان تحقيق، واعتبرت المصادر السياسية أن زيارة ستة زعماء أوروبيين لتل أبيب أمس الأحد، وتبريرهم للحرب على أنها كانت دفاعا عن النفس سيساعد إسرائيل على مواجهة دعاوى محتملة أمام محاكم دول أجنبية. ووفقا لمصادر سياسية وعسكرية إسرائيلية، فإنه من المقرر أن تركز الدوائر القانونية الإسرائيلية في الدفاع عن الجرائم التي ارتكبتها في غزة، على أنها كانت بمثابة عمليات "دفاع عن النفس"، وأنها "بذلت جهودا كبيرة" لتحذير السكان ومطالبتهم بإخلاء بيوتهم، بواسطة "ربع مليون محادثة هاتفية وبلاغات عبر الهواتف الخلوية وإلقاء منشورات من الجو". كما من المقرر أن تركز إسرائيل على جانب اتهام حماس بتعمد استخدام أبنية ومنشآت مدنية "المساجد، المستشفيات، المدارس" من أجل تنفيذ هجماتها العسكرية وتخزين السلاح. أما عن قصف قوات الاحتلال المباني تابعة للأمم المتحدة، فقد نقلت يديعوت أحرونوت عن ضباط في الجيش الإسرائيلي، قولهم: إن هذا الأمر لا يزال تحت التحقيق الداخلي، في الوقت الذي قام فيه الجيش بتجميع الكثير من الأسلحة والوسائل القتالية التي يقول إنه جمعها من البيوت والمنشآت المدنية والأممية المقصوفة، للتدليل على صحة الدعاوى الإسرائيلية بأنها كانت تستخدم لأغراض عسكرية. حملة إعلامية وفي نفس الإطار، أشارت الصحف الإسرائيلية خلال الأيام القليلة الماضية إلى أن الحكومة تقوم ببلورة خطة متكاملة لإعادة تحسين صورة إسرائيل في الخارج، لاسيما فيما يتعلق بمجال حقوق الإنسان على خلفية عدوانها على غزة. كما أعلنت وزارة الخارجية الإسرائيلية أنها قامت بتكوين "طاقم عمل" مهمته العمل إعلاميا ودبلوماسيا على تبرير العمليات العسكرية لإسرائيل في القطاع، والترويج لعمليات المساعدات الإنسانية والإمدادات الطبية التي من المقرر أن تقدمها إسرائيل لغزة لاحقا. وحسب هاآرتس، فإنه من المقرر أن يتولى وزير الرفاه الاجتماعي يتسحاق هرتسوغ- الذي ينسق حاليا إمداد القطاع بالمساعدات الإنسانية الواردة من الخارج- ملف الحملة الإعلامية الإسرائيلية ضد دعاوى تتهم إسرائيل بتنفيذ جرائم حرب. تعليمات من النيابة العسكرية من ناحية أخرى، أعربت أوساط داخل الجيش الإسرائيلي خاصة بين كبار الضباط، عن مخاوفهم من أن يتم ملاحقتهم دوليا لاسيما أوروبيا على أنهم "مجرمو حرب"، فقد ذكرت صحيفة يديعوت أحرونوت، أنه سيتعين على الضباط الإسرائيليين الذين يعتزمون السفر إلى أوروبا، بصفة شخصية أو في إطار العمل، الحصول قبل ذلك على تعليمات من النيابة العامة العسكرية وجائز أن يتم منع بعضهم من مغادرة إسرائيل. وأضافت الصحيفة أن السبب يعود إلى التخوف من صدور أوامر اعتقال دولية ضد وزراء وضباط إسرائيليين كبار بتهمة اقترافهم جرائم حرب في غزة، مشيرة إلى وجود تقارير وصلت إسرائيل مؤخرا تفيد بأن منظمات حقوقية دولية بدأت العمل على جمع شهادات وصور في غزة بهدف تقديم نوعين من الدعاوى ضد شخصيات إسرائيلية. وأوضحت الصحيفة أن النوع الأول من الدعاوى سيقدم إلى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي ويتهم إسرائيل بتنفيذ جرائم حرب، بينما النوع الثاني والذي يثير قلقا أكبر في إسرائيل، هو تقديم دعاوى ضد سياسيين وضباط إسرائيليين إلى محاكم محلية في دول أوروبية، يتوقع أن ينتج عنها صدور أوامر اعتقال دولية بحقهم.