في بيئة عالمية مشحونة بثقافة الصدام الحضاري والإسلاموفوبيا، يتأكد الحديث عن العلاقات المفترضة بين الحضارات والثقافات في هذا العالم، التي مازالت تحتفظ لنفسها بمقومات البقاء والاستعداد للنمو والنهوض، لذلك عرض شباب المملكة المشاركين في فعاليات منتدى حوار الشباب السعودي الإسباني، مبادرات مقترحة لتطوير وتنظيم الأنشطة المتصلة بالهوية والتراث العمراني في المملكة، على المستويين الإقليمي الخليجي والدولي. وشملت المبادرات المطروحة أولا مبادرة «أصالة» للحفاظ على الهوية العمرانية والتراث في دول مجلس التعاون، ومبادرة اللجنة العليا للحفاظ على الهوية والتراث العمراني، ومبادرة تأسيس موقع إلكتروني بالتعاون مع منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة «اليونسكو» لتوثيق التراث العمراني والمواقع الأثرية حول العالم، ومبادرة إنشاء مجمع سكني للسفارة السعودية بمدينة دبلن في جمهورية أيرلندا. وتبلورت مبادرات الشباب المقترحة نتيجة حوارات وزيارات شهدها المنتدى، الذي تناول موضوع الهوية العمرانية والمحافظة عليها بوصفه محوراً رئيساً، وكان العمل عليها بناءً على مرئيات الشباب والفائدة التي تحققت لهم من مشاركتهم في المنتدى، حيث عملوا على الأفكار المقترحة بعد عودتهم من المشاركة، كما حرص الشباب، الذين عملوا على المبادرات المطروحة، على تسليمها للجهة المعنية بها، للاطلاع عليها، والنظر في إمكانية تبنِّيها والاستفادة منها. وفي سياق متصل، كان مساعد وزير الخارجية الأمير خالد بن سعود بن خالد، عضو مجلس إدارة الهيئة العامة للسياحة والآثار قد أشار إلى أن الحوار بين الشباب السعودي والإسباني من شأنه أن يمنح أملاً مشرقاً لمستقبل أفضل للتعاون المشترك ليس على المستوى الثنائي فحسب، بل وعلى المستوى الدولي، وهو الأمر الذي يضفي أهمية بالغة لما سيبلوره شباب البلدين من مقترحات ومرئيات حيال قضية الهوية والتراث العمراني والحفاظ عليهما. ورأى المشاركون بالمنتدى أنه فرصة للاستفادة على المستوى الشخصي والمهني متمنيين أن تعود تلك التجربة بما اكتسبوه من معارف بالفائدة للوطن، مشيرين إلى أن التبادل الفكري مع النظراء الإسبان أسهم في إعطاء صورة واضحة عن الحضارتين السعودية والإسبانية. كما أن موضوع الحوار كان مهماً جداً ويشغل المتخصصين في المملكة، وبين أن النقاشات مع الشباب الإسبان كانت في نقاط تهم الطرفين فيما يتعلق بالهوية العمرانية والتراث العمراني معربين عن أملهم في الوصول إلى مبادرات تخدم البلدين وتحقق عدة غايات يسعى الجميع لأجلها ومنها تحقيق بيئة عمرانية تعبر عن المملكة العربية السعودية ودورها الريادي والتاريخي في خدمة الإسلام وتعبر عن الطبيعة المكانية والتنموية لهذا البلد. كما أوضحوا أن الوصول لمثل هذه الغايات يكون عبر الحوار الحضاري وتبادل المعرفة مع البلدان العالمية مثل مملكة إسبانيا التي حافظت على تراث عمراني لعدة حضارات تواجدت في هذا البلد ومنها الحضارة الإسلامية وتجد الهوية العمرانية الإسبانية في أغلب مبانيهم وبيئتهم المبنية لتكون جزءا لا يتجزأ من ثقافتهم. وقد أقامت وزارة الخارجية، الحفل الختامي لفعاليات منتدى حوار الشباب السعودي الإسباني، برعاية مساعد وزير الخارجية، الأمير خالد بن سعود بن خالد، وحضور ممثلين عن جهات حكومية سعودية: الهيئة العليا للسياحة والآثار «راعية المنتدى»، وزارة الشؤون البلدية والقروية، وزارة التربية والتعليم، ووزارة التعليم العالي. يذكر أن منتدى حوار الشباب السعودي الإسباني، الذي عقد في مملكة إسبانيا، هو ثامن منتدى يعقد ضمن سلسلة منتديات حوار الشباب السعودي الدولية، التي تنظمها وزارة الخارجية، كامتداد لمبادرة حوار أتباع الديانات والثقافات، التي أطلقها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود.