في ليالي شهر رمضان المبارك تنتشر العديد من الهوايات والألعاب التي يجتمع عليها الأصدقاء بعد الإفطار للتسلية وتمضية الوقت وقضاء أوقات ممتعة. ولكن في هذا العام أبت الألعاب الشعبية القديمة في المملكة إلا أن تعيد مكانتها من جديد بين العديد من الشباب لسهولة تأديتها وبساطتها وبثها روح الحماسة والمنافسة والتسلية والمرح لمؤديها، لاعتمادها بشكل أساسي على المهارات والقدرات البدنية وخفة الحركة والمناورة والدقة والملاحظة والذكاء والتفكير وسرعة اتخاذ القرار بالوقت المناسبة. ومن بين هذه الألعاب لعبة شعبية تحمل مسمى"القطرة"، وهي رياضة عقلية تشبه إلى حد ما لعبة الشطرنج، وتأتي على ثلاثة أنواع هي أم ثلاث وأم تسع وأم اثنا عشر، وتنتشر هذه اللعبة في كثير من أنحاء المملكة، وهي عبارة عن ثلاثة مستطيلات متداخلة ينصفها أربعة أعمدة ويتوسطها دائرة صغيرة تسمى بالسوق ويوضع بها أحجار الخاسر في اللعبة، وتلعب بتسعة أحجار أو أي نوع آخر كنوى التمر وغيره للتمييز بين أحجار اللاعبين، وكانت تلعب سابقاً على (الصفا) وتخطط بالفحم أو بالنحت والنقش بالحجارة أو الأدوات الحادة أو بالتخطيط على الأرض. ويلعب القطرة شخصان يقومان بإنزال الحصى والمرو ويتنافسان من أجل وضع ثلاثة أحجار أو مرو بخط واحد ليأكل على الخصم حجرة أو حصى أو نواة تمرة. وتتركز ممارسة هذه اللعبة تحديداً في مناسبات سوق المسوكف الشعبي بعنيزة حيث يتابع عدد كبير من الزوار المنافسات التي تشهدها ساحات المجلس القديم، من خلال إقامة الدوري الرمضاني بين عشاق اللعبة من المحترفين والشباب وكذلك الضيوف المتواجدين في الجلسات الشعبية. وقد وجدت لعبة "أم تسع" خلال الفترة الأخيرة اهتماماً رسمياً من خلال اهتمام الملتقيات والمهرجانات السياحية والخيام الخاصة بالأحياء والمتقاعدين بها، حيث تحرص على تنظيم منافسات للعبة تطلق عليها دوري أم تسع التراثي وتخصص لها جوائز وميداليات وجوائز للفائزين. وبالإضافة إلى تلك اللعبة هناك العديد من الألعاب الأخرى منها لعبة "طاق طاق طاقية... رن رن يا جرس" حيث يجتمع مجموعة من الشباب يصل عددهم من سبعة إلى عشرة أشخاص بشكل دائري ويخصّص واحد منهم لحمل الشماغ والطاقية ويدور حولهم باستمرار ويردد "طاق طاق طاقية... " ثم يرددون "رن رن يا جرس". وفي سياق متصل، تحتاج لعبة "المقامز " أو "سبت السبوت" إلى خفة الحركة والمهارة والقدرات البدنية العالية، وتعتمد على الرشاقة واللياقة أيضاً لأن مزاولتها تتطلب مهارة رياضية خاصة. أما عن طريقة اللعب، فهي تبدأ بعد أن تجرى قرعة بين مجموعة من الأولاد لتحديد من يقع عليهم الدور في الانحناء والقفز من فوقهم ثم يقف من تقع عليهم القرعة منحني الظهر، كما لو أنه في وضع الركوع، ثم يبدأ الأولاد الواحد تلو الآخر بتخطيهم بوضع اليدين على ظهرهم بطريقة القفز بعد أن يبتعدوا عنهم لمسافة تصل لعدة أمتار ومن لم يتمكن من التخطي أو يقع على الأرض يكون عليه الدور بالانحناء حتى يقوم زملاؤه بالقفز فوق ظهره، وتبث هذه اللعبة روح الفكاهة من خلال البدناء اللذين يجدون مشكلة في القفز عند وقوعهم على الأرض. جدير بالذكر أن هذه الألعاب الشعبية القديمة قد أسهمت بشكل رئيس وفاعل في تقوية الروابط الاجتماعية وبث روح الألفة بين الشباب من الجيران والأصدقاء وساعدتهم على تمضية أوقات فراغ مليئة بالأنس والمحبة في السابق لأنها كانت تمثل التسلية الوحيدة لهم لانعدام أماكن الترفيه في الماضي، كما أسهمت أيضاً في المحافظة على التراث الشعبي من الاندثار بوصفه من المورثات الشعبية التي يتوجب المحافظة عليها في الوقت الحالي.