أظهرت دراسة بريطانية أن التوتر الناتج عن الصفع أو الصراخ في وجه الأطفال خلال سنوات عمرهم الأولى، قد يؤدي إلى حدوث تغيرات بيولوجية تجعلهم أكثر عرضةً لأمراض السرطان، والأزمة الصدرية لاحقاً، فيما أوضحت دراسات أخرى أن التعرض لصدمات قوية أثناء الطفولة، كالإساءة البدنية، أو الجنسية، ربما تؤدي إلى زيادة خطر الإصابة بأمراض مزمنة في وقت لاحق. ورأى العلماء أن سبب هذا الرابط بين التأنيب، والإصابة بالأمراض المذكورة، قد يكون وضع الأطفال تحت إجهاد نفسي، وأشارت الدراسة نفسها إلى أن زيادة معدلات هذا الإجهاد من شأنها أن تسبب تغييرات بيولوجية عند الشخص، ما قد يؤدي إلى مشكلات صحيّة خطرة، فالإجهاد النفسي في الحياة المبكرة على شكل سوء معاملة وأذى، قد يخلق تغييرات طويلة المدى تجعل الشخص عرضة لاحقاً للمرض، إلا أن خبراء أكدوا أنه من الصعوبة بمكان استبعاد عوامل أخرى - مثل الفقر والعزلة الاجتماعية المرتبطة غالباً بالإساءة الجسدية أو الشفهية في حياة الأطفال. وتجدر الإشارة إلى شمول عينة الدراسة 700 شخص في السعودية، بينهم 250 بصحة سليمة، و150 مصابون بالربو أو السرطان أو مرض القلب، وسُئل المشاركون في الدراسة عمّا إذا كانوا تعرضوا لتأنيب جسدي أو شفهي كأطفال، وتبيّن أن الذين يعانون السرطان كانوا أكثر بنسبة 1.7 مرة عرضةً للضرب وهم أطفال مقارنةً بالعيّنة السليمة، أما المصابون بأمراض القلب فكانوا أكثر عرضة بنسبة 1.3 مرة للضرب وهم صغار أيضاً، مقابل نسبة 1.6 مرة للمصابين بالربو، وقالت الدراسة إن استخدام العقاب الجسدي قد تراجع عالمياً، لكن 50٪ من الأطفال في أرجاء مختلفة من العالم مازالوا يتعرضون له، وأكدت الدراسة أن الإساءة والتوتر الذي يكون على شكل صدمة في المرحلة الأولى من الحياة، يؤديان إلى تغييرات على المدى الطويل بحيث تقل مناعة المرء ضد الأمراض مع تقدمه في العمر، وتعزز هذه الدراسة البحث بشأن ارتباط سوء المعاملة في مرحلة الطفولة بالأمراض اللاحقة، كما أن سوء معاملة الأطفال قد لا يزيد من مخاطر الإصابة بالأمراض النفسية فحسب، وإنما يسهم في زيادة خطر الإصابة بأمراض أخرى مثل الأزمة الصدرية والسرطان وأمراض القلب. أما عن المخاطر النفسية فقد أثبتت الدراسات النفسية التربوية أن الضرب لا طائل من ورائه، بل على العكس يزيد من حالات العنف عند الأطفال، بحيث يمكن الطفل أن يتجرأ على الأب، ويصرح بمخالفته، ويصر على خطأه، كما أظهرت إحدى الدراسات العلمية أن ضرب الأطفال المتكرر يعوق النمو العقلي والذكاء لدى هؤلاء الأطفال، وأشارت الدراسة إلى أن الأطفال الذين يتعرضون للضرب أكثر من 3 مرات أسبوعياً أحرزوا درجات أقل بنسبة 3% من هؤلاء الذين لم يتعرضوا للضرب.