إلى أي وجهة يسير العالم؟، وما الذي ينتظر الإنسانية إذا لم يوجد إجماع كوني على الالتزام بمبادئ وقيم تضع حدا لتدهور احوالها، وما الذي يمكن عمله ليتمكن البشر بمختلف اديانهم وثقافاتهم ومرجعياتهم العقدية من مواجهة اخطار تهدد امن وسلام العالم والعيش المشترك بين شعوبه؟ تلك الاسئلة وغيرها تشغل ذهن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وهي الدافع وراء اطلاق مبادرته الهادفة الى إرساء حوار عالمي حقيقي بين اتباع الأديان السماوية والثقافات والعقائد التي ينتمي إليها سكان العالم. والى جانب ما يعانيه العالم من مشكلات مزمنة او طارئة، بشرية او طبيعية، يتطلب علاجها التعاون الوثيق بين دوله وشعوبه، من تلوث البيئة وخطر انتشار الأسلحة غير التقليدية والتفكك الأسري والتصحر والفقر ونقص المياه وانتشار الأمراض المعدية، نشأت في العقود الأخيرة ظواهر هزت استقرار العالم بعنف واقلقت دوله وشعوبه. ويأتي في مقدمة هذه الظواهر آفة الإرهاب الذي لا دين له ولا جنس، والذي يحصد ارواحاً بريئة في مختلف دول ومناطق العالم، وتؤججه مشاعر التعصب والكراهية التي نرى ثمارها المرة في نزاعات طائفية ومذهبية دموية، ونشهد نتائجها في تفشي التحامل والعنصرية النابعين من ازدراء الاديان والثقافات. ولطالما تساءل الملك عبدالله بن عبدالعزيز وساءل نفسه: ما العمل لإعادة الإنسانية إلى رشدها؟ وأين موقع الأخلاق في عالم استشرت فيه الأنانية والطمع والبحث عن الربح بأي ثمن وطريق إلى حد يكاد يلقي بالعالم في اتون أزمة اقتصادية طاحنة. لقد أتت الإشارة الأولى التي تترجم تصميم الملك عبدالله بن عبدالعزيز على التصدي بوضوح الى هذه المشكلات والظواهر الكونية المقلقة في خطاب واضح ومعبر ألقاه في مكةالمكرمة اثناء استقباله رؤساء بعثات الحج في أواخر ديسمبر 2007م،وقال فيه: "أيها الاخوة الكرام: إن الأديان السماوية وما أنزل على سيدنا إبراهيم من حنيفية سمحاء تجتمع على مبادئ كبرى وتشترك في قيم عظمى تشكل في مجموعها مفهوم الإنسانية، وتميز الإنسان عن غيره من المخلوقات، مبادئ الصدق والأمانة والتسامح والتكافل والمساواة وكرامة الانسان، والحرص على تلك اللبنة الأساس لكل مجتمع الا وهي الأسرة، فبدون الحرص على تماسك الأسرة والمحبة والاحترام وروح التضحية بين افرادها، بدون الأسرية لما كان هناك مجتمع متماسك، ولفقدنا ذلك الخيط الذي يربط اوصال المجتمع". ثم اخذت الفكرة التي كانت تعتل في ذهن الملك عبدالله طورا آخر، عبر عنه في كلمة القاها خلال استقباله المشاركين في المنتدى السادس لحوار الحضارات بين اليابان والعالم الاسلامي في الرياض في مارس 2008 فبعد تشديده على ضرورة الاتفاق على صيانة الإنسانية من العبث والإشارة الى ظاهرتي التفكك الأسري وكثرة الإلحاد في العالم، صرح بأنه قد عقد العزم على ان تكون هناك وفي اقرب وقت ممكن مؤتمرات، للاستماع الى رأي اخوانه المسلمين في جميع انحاء العالم، ثم الاجتماع في مرحلة لاحقة مع اخوانه في الاديان السماوية، ومن فيهم الخير لانسانيتهم واخلاقهم، للتأكيد على ما يجمع بينهم من مبادئ الاخلاق، ومبادئ الصدق والوفاء والانسانية، وقيم الاسرة، واعلن انه سيتوجه – بعد الاجتماع والاتفاق – الى الأممالمتحدة ليعلن عن ذلك على منبرها. وبالفعل لم يمض شهران على ذلك الحديث الا وقد عقد المؤتمر الاسلامي العالمي للحوار بمكةالمكرمة – تحت رعايته الكريمة – في الاسبوع الاول من يونيو 2008م، ثم المؤتمر الدولي للحوار في العاصمة الاسبانية مدريد – برعاية منه ومن عاهل اسبانيا جلالة الملك خوان كارلوس، في الاسبوع الثالث من الشهر نفسه، وللقارئ ان يتمعن في كلمتي الملك عبدالله بن عبدالعزيز خلال هذين المؤتمرين ليلمس مدى التصميم على المضي بهذا المشروع الانساني السامي الى منتهاه، وبكل ما اوتي من قناعة وقوة وحكمة وعزيمة. نداء مكةالمكرمة الصادر عن المؤتمر الإسلامي للحوار بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، سيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين ، أما بعد : فبعون من الله سبحانه وتعالى، اختتمت أعمال المؤتمر الإسلامي العالمي للحوار، الذي عقدته رابطة العالم الإسلامي في مكةالمكرمة - زادها الله تشريفاً - برعاية كريمة من خادم الحرمين الشريفين، الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود حفظه الله وأدام به نفع العباد والبلاد ، وذلك في الفترة من 30 / 5 إلى 2 / 6 / 1429ه التي توافقها الفترة من 4 إلى 6 / 6 / 2008م . وقد افتتح المؤتمر خادم الحرمين الشريفين ، الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود ، بكلمة ضافية شكر فيها علماء الأمة ومفكريها المشاركين في هذا المؤتمر مؤكداًً على أنهم يجتمعون اليوم ليقولوا للعالم من حولنا إننا صوت عدل، وقيم إنسانية أخلاقية ، وإننا صوت تعايش وحوار عاقل وعادل ، وصوت حكمة وموعظة وجدال بالتي هي أحسن تلبية لقول الله تعالى: ( ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) ( النحل: من الآية 125 ) . وأشار خادم الحرمين الشريفين إلى التحديات التي تواجهها الأمة الإسلامية في زمن تداعى فيه أهل الغلو والتطرف من أبنائها وغيرهم على عدل منهجها بعدوانية سافرة استهدفت سماحة الإسلام وعدله وغاياته السامية . ونوه خادم الحرمين الشريفين بأهمية الحوار في الإسلام؛ مذكراًً بأن الرسالات الإلهية قد دعت جميعها إلى خير الإنسان ، والحفاظ على كرامته وإلى تعزيز قيم الأخلاق والصدق ، وقيم الأسرة وتماسكها وأخلاقياتها التي تفككت روابطها في هذا العصر حيث ابتعد الإنسان عن ربه وتعاليم دينه . وأشار إلى إننا ننطلق في حوارنا مع الآخر بثقة نستمدها من إيماننا بالله ، ثم بعلم نأخذه من سماحة ديننا ، وإننا نجادل بالتي هي أحسن ، فما اتفقنا عليه أنزلناه مكانه الكريم في نفوسنا، وما اختلفنا حوله نحيله إلى قوله تعالى:( لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ )( الكافرون: 6 ). وأعرب فخامة الرئيس على أكبر هاشمي رفسنجاني رئيس هيئة تشخيص مصلحة النظام ورئيس مجلس الخبراء في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، في كلمته في الجلسة الافتتاحية، عن شكره لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود ولرابطة العالم الإسلامي على إقامة هذا المؤتمر الذي يحمل الكثير من المعاني الإسلامية السامية، وأشار إلى أن أهمية المؤتمر قد ازدادت بانعقاده على بعد أمتار من جبل الصفا حيث قام الرسول صلى الله عليه وسلم بعد تكليفه بالرسالة بإعلان دعوته، وأن المملكة العربية السعودية أطلقت نداءً جديداًً وقدمت رسالة عظيمة للبشرية جمعاء ، وتمنى فخامته أن يكون هذا الاجتماع تمهيداًً ومقدمة للحوار مع أتباع الأديان والثقافات والمدارس الفكرية بين البشر . كما تحدث سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ ، المفتي العام للمملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء ، ورئيس المجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي ، مشيراًً إلى أن الحوار بين البشر من ضروريات الحياة وهو وسيلة للتعارف والتعايش وتبادل المصالح بين الأمة ، وأن الاختلاف بين الناس أمر موجود في طبائعهم وأخلاقهم وهم متفاوتون في ألسنتهم وألوانهم وطبائعهم وعقولهم ، كما أنه سنة كونية ، وأن اختلاف الناس في آرائهم ومعتقداتهم قضية وردت في القرآن ، وأكد أن أصول شرائع الأنبياء واحدة أوحى الله بها إليهم ، ودعا سابقهم ولاحقهم إليها، والأنبياء دينهم واحد . وأعرب سماحة الدكتور محمد سيد طنطاوي ، شيخ الأزهر ، في كلمته نيابة عن المشاركين في المؤتمر عن تقديره لرعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز لهذا المؤتمر مشيراًً إلى أن هذا المؤتمر يعد وسيلة جديدة لتوثيق روابط التعاون بين أبناء الأمة الإسلامية. وذكر أن الحوار سنة من سنن الله في خلقه، لأن الإنسان لا يستطيع أن يعيش منفرداً عن غيره في هذه الحياة ؛ لاسيما في هذا العصر الذي أصبح العالم فيه كله كأنه مدينة واحدة ، والحوار متى كان قائماً على الطيب من القول وعلى النيات الحسنة وعلى المقاصد الشريفة كانت نتائجه كريمة ، وكان خير وسيلة للوصول إلى الحقيقة ، وإلى تقليل الخلافات بين الناس ، وأن الذي يتدبر القرآن الكريم يراه زاخراً بأنواع متعددة من حوارات الرسل مع أقوامهم . وأشار معالي الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي ، الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي في كلمته إلى أن خادم الحرمين الشريفين قد أدرك ما تعيشه البشريةُ اليوم من أزمات ، وما يكتنف الأسرةَ من تفكك وفوضى ، وما يعيشه البشرُ من بعد عن هدي خالقهم، وأهميةَ الحوارِ والتفاهمِ والتعاون فيما يجتمع عليه أتباع الرسالات الإلهية والحضاراتِ والثقافات ، من قيم ومبادئ أخلاقية ، مما يخفف من الصراع العالمي، ويعيدُ للأسرة مكانتها الاجتماعية ، ويعمقُ قيمَ العدل والتعاون والتسامح والوسطية في حياة الناس . كما اشار الى ان الرابطة تلقت العديد من الاتصالات والرسائل من قادة الدول الاسلامية وعلماء المسلمين، والمراكز والمنظمات الاسلامية، كلها تقدر موقف خادم الحرمين الشريفين واهتمامه بموضوع الحوار، ومن ذلك رسالة الملك عبدالله بن الحسين ملك المملكة الأردنية الهاشمية التي نقلها الدكتول احمد هليل قاضي القضاة في الاردن. وذكر معاليه أن الحوار منهج قرآني أصيل وممارسة نبوية ، وثقافة راسخة في ذاكرة الأمة اصطبغت بها العلاقة بين المسلمين وغيرهم ، منذ فجر الإسلام وعبر تاريخه الحضاري الطويل ، انطلاقاً من سماحة الإسلام وجوهر الشريعة الإسلامية التي يستمد منها المسلمون نهجهم . وأشاد المشاركون باهتمام خادم الحرمين الشريفين، الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود بالحوار، ودعوته أمم العالم وشعوبه إلى العناية به وإلى نبذ العنف، وتأكيده - وفقه الله - على ضرورة الاهتمام بما تتفق عليه الرسالات الإلهية والكتب المنزلة على أنبيائه عليهم الصلاة والسلام من ترسيخ الأخلاق الفاضلة وغرس القيم الإنسانية السامية ، وتركيز الجهود فيما ينفع الإنسان ويحافظ على الأسرة؛ المقوم الأساس للمجتمع ، ويصون الإنسانية من دعوات الرذيلة والتفكك الأسري والاجتماعي . واعتبر المشاركون كلمة خادم الحرمين الشريفين وثيقة مهمة من وثائق المؤتمر ومرتكزاً في انطلاقة الحوار ؛ لما تضمنته من رؤى مهمة؛ لتحقيق السلم والتعايش الإيجابي . لقد انعقد المؤتمر في وقت يواجه فيه العالم تحديات كثيرة تهدد - بتداعياتها - مستقبل الإنسانية ، وتنذر بالمزيد من الكوارث الأخلاقية والاجتماعية والبيئية العالمية ، وهي صدى وإفراز متوقع لبعد الإنسانية عن ربها وتنكبها عن هديه . وأكد المؤتمر أن الإسلام يمتلك حلولاً ناجعة لتلك الأزمات ، وأن الأمة المسلمة مدعوة للإسهام مع غيرها في مواجهة هذه التحديات بما تملك من رصيد حضاري، لا غنى للبشرية عنه: ( قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ (15) يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (16) (المائدة:15 إلى 16) . كما أن الحضارات الأخرى تمتلك رؤى تجاه هذه التحديات التي تعصف بالجنس البشري برمته، وتشترك مع المسلمين في مسعاها لتقديم الحلول الناجعة لأزماته وتجاوز التحديات التي تواجهه، بما تمتلك من التجربة الإنسانية . إن الرسالات الإلهية والفلسفات الوضعية المعتبرة تمتلك من المشترك الإنساني، ما يدعو إلى الالتزام بفضائل الأخلاق، ويرفض مظاهر الظلم والعدوان والانحلال الأخلاقي والتفكك الأسري والإضرار البالغ بالبيئة البشرية والإخلال بالتوازن المناخي . والحوار المعمق لاستثمار المشتركات الإنسانية ضروري للتعاون في برامج عمل مشتركة تطوق المشكلات المعاصرة، وتحمي البشرية من أضرارها. وقد شارك في المؤتمر عدد كبير من العلماء والباحثين والدعاة ورؤساء المراكز والجمعيات الإسلامية؛ من مختلف مناطق العالم الإسلامي ومن الجاليات المسلمة، وممثلين عن الجهات الإسلامية المهتمة بالحوار مع الحضارات والثقافات الإنسانية . وقد ناقش المشاركون المحاور الرئيسة الأربعة التالية : 1. التأصيل الإسلامي للحوار. 2. منهج الحوار وضوابطه ووسائله . 3. مع من نتحاور؟ 4. أسس الحوار وموضوعاته . إعلان مدريد الصادر عن المؤتمر العالمي للحوار إن المشاركين في المؤتمر العالمي للحوار من أتباع الديانات والثقافات العالمية، والمفكرين والباحثين، والذي دعا إليه خادم الحرمين الشريفين، الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، ونظمته رابطة العالم الإسلامي في مدينة مدريدبإسبانيا في الفترة من 13-15-1429هذ الموافق 16-6-2008م، يعبرون عن بالغ تقديرهم لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود لرعايته المؤتمر وافتتاحه له، وللكلمة التي وجهها لهم، وقد اعتبروها وثيقة رئيسية من وثائق المؤتمر. وإذ يعبرون عن بالغ تقديرهم للملك خوان كارلوس الأول، ملك إسبانيا لمشاركته في المؤتمر بكلمة ترحيبية وتوجيهية ضافية، ولخوسيه لويس رودريغيث ثاباتيرو، رئيس وزراء إسبانيا على مشاركته في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر وعلى جهوده في الحوار الحضاري، وللحكومة الإسبانية لعقد المؤتمر في إسبانيا لما تتمتع به من إرث تاريخي بين أتباع الديانات، أسهم في الحضارة الإنسانية. وإذ يستذكرون مقاصد ميثاق الأممالمتحدة التي تدعو إلى بذل الجهود المشتركة لتعزيز العلاقات الدولية، وإيجاد المجتمع الإنساني الأمثل، وتعميق الحوار، والتأكيد عليه أسلوباً حضارياً للتعاون. وإذ يستذكرون إعلان الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1994 المبادئ الداعية للتسامح ونشر ثقافة السلام، واعتبار عام 1995 عاماً للتسامح، وإعلانها عام 2001 عاماً للحوار بين الحضارات. وإذ يشيدون بنداء مكةالمكرمة الصادر عن المؤتمر الإسلامي العالمي للحوار الذي دعا إليه خادم الحرمين الشريفين، الملك عبد الله بن عبد العزيز ونظمته رابطة العالم الإسلامي عام 2008. وإذ ينطلقون من اتفاق أتباع الديانات والثقافات المعتبرة على قيمة الحوار، وأنه السبيل الأمثل للتفاهم والتعاون المتبادل في العلاقات الإنسانية والتعايش السلمي بين الأمم. فإنهم يؤكدون على المبادئ التالية: 1 وحدة البشرية، وأن أصلها واحد، والمساواة بين الناس على اختلاف ألوانهم وأعراقهم وثقافاتهم. 2 سلامة الفطرة الإنسانية في أصلها، فالإنسان خلق محباً للخير، مبغضاً للشر، يركن إلى العدل، وينفر من الظلم، تقوده الفطرة النقية إلى الرحمة، وتدفع به إلى البحث عن اليقين والإيمان. 3 التنوع الثقافي والحضاري بين الناس آية من آيات الله، وسبب لتقدم الإنسانية وازدهارها. 4 الديانات الإلهية تهدف إلى تحقيق طاعة الناس لخالقهم، وتحقيق السعادة والعدل والأمن والسلام للبشر جميعاً، وتسعى إلى تقوية سبل التفاهم والتعايش بين الشعوب، على الرغم من اختلاف أصولها وألوانها ولغاتها، وتدعو إلى نشر الفضيلة بالحكمة والرفق، وتنبذ التطرف والغلو والإرهاب. 5 احترام الديانات الإلهية، وحفظ مكانتها، وشجب الإساءة لرموزها، ومكافحة استخدام الدين لإثارة التمييز العنصري. 6 السلام والوفاء والمصداقية بالعهود، واحترام خصوصيات الشعوب، وحقها في الأمن والحرية وتقرير المصير، هي الأصل في العلاقة بين الناس، وتحقيقها غاية كبرى في الديانات، وفي أي ثقافة إنسانية معتبرة. 7 أهمية الدين والقيم الفاضلة، ورجوع البشر إلى خالقهم في مكافحة الجرائم والفساد والمخدرات والإرهاب، وتماسك الأسرة وحماية المجتمعات من الانحرافات. 8 الأسرة هي أساس المجتمع، وهي لبنته الأولى، والحفاظ عليها وصيانتها من التفكك أساس لأي مجتمع آمن مستقر. 9 الحوار من ضروريات الحياة، ومن أهم وسائل التعارف والتعاون، وتبادل المصالح، والوصول إلى الحق الذي يسهم في سعادة الإنسان. 10 الحفاظ على البيئة وعلى طبيعة الأرض وحمايتها من التلوث والأخطار البيئية التي تحيط بها، هدف أساسي تشترك فيه الأديان والثقافات. ومن أجل التعاون على تحقيق المبادئ السابقة من خلال الحوار، فإن المؤتمر استعرض مسيرة الحوار ومعوقاته، مستحضراً الكوارث التي حلت بالإنسانية في القرن العشرين، مدركاً أن الإرهاب من أبرز عوائق الحوار والتعايش، وأنه ظاهرة عالمية تستوجب جهوداً دولية للتصدي لها بروح الجدية والمسؤولية والإنصاف، من خلال اتفاق يحدد معنى الإرهاب، ويعالج أسبابه، ويحقق العدل والاستقرار في العالم. وبناء عليه فإن المؤتمر يوصي بما يلي: 1 رفض نظريات حتمية الصراع بين الحضارات والثقافات والتحذير من خطورة الحملات التي تسعى إلى تعميق الخلاف وتقويض السلم والتعايش. 2 تعزيز القيم الإنسانية المشتركة، والتعاون على إشاعتها في المجتمعات، ومعالجة المشكلات التي تحول دون ذلك. 3 نشر ثقافة التسامح والتفاهم عبر الحوار لتكون إطاراً للعلاقات الدولية من خلال عقد المؤتمرات والندوات وتطوير البرامج الثقافية والتربوية والإعلامية المؤدية إلى ذلك. 4 الاتفاق على قواعد للحوار بين أتباع الديانات والثقافات، تكرس من خلاله القيم العليا والمبادئ الأخلاقية التي تمثل قاسماً مشتركاً بين أتباع الأديان والثقافات الإنسانية لتعزيز الاستقرار وتحقيق الازدهار لبني الإنسان. 5 العمل على إصدار وثيقة من قبل المنظمات الدولية الرسمية والشعبية تتضمن احترام الأديان واحترام رموزها وعدم المساس بها؛ وتجريم المسيئين لها. ولتحقيق المقاصد التي ينشدها المؤتمر من الحوار، اتفق المشاركون على الأخذ بالوسائل الآتية: 1 تكوين فريق عمل لدراسة الإشكالات التي تعيق الحوار، وتحول دون بلوغه النتائج المرجوة منه، وإعداد دراسة تتضمن رؤى لحل هذه الإشكالات والتنسيق بين مؤسسات الحوار العالمية. 2 التعاون بين المؤسسات الدينية والثقافية والتربوية والإعلامية على ترسيخ القيم الأخلاقية النبيلة وتشجيع الممارسات الاجتماعية السامية، والتصدي للإباحية والانحلال وتفكك الأسرة وغير ذلك من الرذائل المختلفة. 3 تنظيم اللقاءات والندوات المشتركة وإجراء الأبحاث وإعداد البرامج الإعلامية، واستخدام الإنترنت ومختلف وسائل الإعلام، لإشاعة ثقافة الحوار والتفاهم والتعايش السلمي. 4 إدراج قضايا الحوار بين أتباع الديانات والحضارات والثقافات في المناشط الشبابية والثقافية والإعلامية والتربوية. 5 دعوة الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى تأييد النتائج التي توصل إليها هذا المؤتمر والاستفادة منها في دفع الحوار بين أتباع الديانات والحضارات والثقافات من خلال عقد دورة خاصة للحوار. ويأمل المشاركون في المؤتمر من خادم الحرمين الشريفين أن يبذل مساعيه في عقدها في أقرب فرصة ممكنة، ويسر المؤتمرين المشاركة في الدورة من خلال وفد يمثلهم تختاره رابطة العالم الإسلامي. والتزاماً بما اتفق عليه المشاركون في المؤتمر من مبادئ ومفاهيم، فإنهم يؤكدون على ضرورة أن يظل الحوار مفتوحاً وبصورة دورية. وقد قدم المشاركون شكرهم لنداء ودعوة الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، ملك المملكة العربية السعودية لهذا الحوار العالمي وتقديرهم لرابطة العالم الإسلامي والجهات التي تعاونت معها في تنظيم المؤتمر، وأشادوا بجهود الرابطة المستمرة في مجالات الحوار والتعاون بين الأمم والشعوب، مؤملين أن تتحقق المقاصد الإنسانية المشتركة التي تتطلع إليها البشرية.