أكد الدكتور ( عبدالرزاق بن حمود الزهراني ) رئيس مجلس إدارة الجمعية السعودية لعلم الاجتماع والخدمة الاجتماعية وأستاذ علم الاجتماع في جامعة الإمام محمد بن سعود الاسلامية , على ان الهوية ضمانة للاستمرارية التاريخية للأمة , وانه إذا انقطعت الهوية فإن الامة ستندثر كما اندثرت أمم سابقة كعاد وثمود , موضحا أن الهوية هي التي تميز ثقافة عن ثقافة , ومجتمع عن مجتمع .. جاء ذلك خلال القائه لمحاضرته بعنوان ( هويتنا في زمن العولمة ) في منتدى ابن حنش الثقافي بمدينة المندق بمنطقة الباحة , بحضور نخبة من المثقفين والاعيان ورواد المنتدى , تقدمهم محافظ المندق الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله برقوش . وقد بدأ الدكتور عبدالرزاق محاضرته بالتعريف بالهوية , ثم بتحديد وظائف الهوية موضحا انها تحقق الانسجام والتجانس بين مجموع الناس , ونحن هنا كسعوديين كمثال نتمثل الهوية عندما نسافر شرقا وغربا , مشيراً إلى أن هوية الأمة كلما كانت واضحة المعالم كان ذلك ادعى لان تكون شخصيتها واضحة , ولذلك فالأمة الاسلامية ذات شخصية واضحة , مؤكدا على ان الهوية الاسلامية هي في الايمان بعقيدة هذه الامة والاعتزاز بالانتماء لها وابراز الشعائر الدينية والعمل بها . وانتقل الدكتور عبدالرزاق إلى الحديث في الجزء الثاني من محاضرته عن العولمة مشيرا إلى أقوال تتحدث عن انها قديمة العهد , وثمة آخرون يؤرخون لها في العصر الحديث تزامنا مع سقوط الاتحاد السوفياتي سنت 1989 وظهور القطب الواحد (الولاياتالمتحدة) . وأورد المحاضر حادثة الجنود الامريكيين البيض الثلاثة الذين ضربوا مواطنا امريكيا اسود بعنف شديد , ثم بعد ان انتشار صورة الحادثة , تمت محاكمة الجنود البيض وصدر حكم البراءة عليهم الامر الذي اثار غضب السود في امريكا , وبالتالي قيامهم بأعمال شغب واسعة احتجاجا على الحكم الذي رأوه مسيسا , فكان ان خسرت امريكا 30 بليون دولار , الى ان تمت بعد ذلك اعادة المحاكة وادانة الجنود . وعاد المحاضر ليؤكد أن تعريفات العولمة اختلفت وتعددت , فالاقتصاديون يرونها تتمحور في تجارة السوق , والسياسيون يرونها في ازالة الحدود , وغيرهم يراها نشرٌ للثقافة الامريكية , ولكن الذي بقي لافتاً هو : من الذي ينتج هذه الثقافة ومن يسوقها ؟ فالغرب وامريكا تحديدا كان لهم قصب السبق , وثمة في الواقع من يشتكي منها حتى إن فرنسا بدأت تشتكي والرئيس الفرنسي - وكما قرأنا - منع افتتاح فرع لمطعم ماكدونالدز في برج إيفل , مصراً على أن يبقى البرج فرنسياً خالصاً. وذهب المحاضر إلى القول بأن من مظاهر العولمة انتشار اللغة الانجليزية في كل مكان , حتى انك – وكمثال قريب – تشعر بالغربة في دبي حيث تنتشر الانجليزية في كل مكان فيها . مضيفا ان من مظاهر انتشار العولمة طغيان اللباس الغربي , وانتشار الدولار كعملة عالمية , وتعاظم الانتاج الغربي للأفلام حيث تنتج امريكا منها ما قيمته 120 بليون دولار , بما يوازي ميزانية السعودية في افضل حالاتها . ومضى المحاضر مُعددا مظاهر العولمة التي وصلت الى انتشار عولمة الاستهلاك كتقليد للغرب , وما تبع ذلك عندنا من تراجع لثقافة الافادة الكاملة من كل محتويات المادة الواحدة , اضافة الى انتشار عولمة الفنون المعمارية , حتى اننا لم نعد نرى ملامح وجماليات نقوش بيوت الطين في نجد , ولا جماليات الرواشين في بيوت الحجاز , ولا طابع البناء التقليدي في بيوت الجنوب , وحلت بدلا من ذلك المباني ذات الواجهات الزجاجية , وتعمم ذلك على كل العالم , حتى انني ذات مرة وانا في زيارة للصين تعبت في العثور على الفن الصيني التقليدي المعروف . وابدى الدكتور عبدالرزاق خوفه على الاجيال القادمة من رياح العولمة , خصوصا اولئك الذين تفتحت عيونهم على التلفاز والهواتف النقالة , وما سوف تكرسه هذه التقنية من منظومة قيم جديدة ترفع من النفعية والمادية والانانية , بل وقد ترفع من قيمة الغرائز . وختم المحاضر محاضرته بعرض بعض النقاط التي يمكن لها ان تكون حاجزا ضد سلبيات العولمة , ومن ذلك بناء الانسان بناء متكاملا يجعله قادرا على مواجهة التحديات , وان نسعى لامتلاك المفيد من حضارة الغرب والشرق ومن اخلاقيات العمل , وان تضطلع الاسرة بدورها التربوي الكامل في التنشئة , ويساندها في ذلك كل من المدرسة والحي والاعلام , اضافة الى اهمية تصحيح عدة مفاهيم لدى الشباب ومن ذلك عدم تحويل العبادة الى رهبنة , والعمل الجاد على استخدام الاعلام في تقديم الاسلام للآخرين وللعالم بطريقة راقية . (( لقطات من المحاضرة )) *** شهدت المحاضرة حضورا جيدا زاد عن 70 شخصا . *** أبدى المحاضر تفاؤله بالربيع العربي لاستعادة الهوية العربية والاسلامية . *** حمل المحاضر على بعض القنوات الفضائية , معاتبا بعض قنوات ال mbc في بعض ما تعرضه , ومؤكدا بشكل مجمل على اهمية الالتزام بأخلاقيات المهنة الاعلامية للإعلام الفضائي . *** شارك عدد من الحضور بطرح اسئلتهم , وتداخل كل من الاعلامي مهدي ود. صالح درباش والشيخ عبدالعزيز الزهراني . *** ختم الجلسة صاحب المنتدى ( الشيخ عبدالعزيز بن حنش) بشكر المحاضر والحضور , وملبيا رغبة البعض الذين اقترحوا تواصل عقد المنتدى خلال شهر رمضان بعد صلاة التراويح , ومقدما شكرا خاصا للأستاذ بادي بن غلة لتكفله بنفقات وجبة العشاء . *** قام المحاضر بتقديم عدد من كتبة الاجتماعية ودواوين شعره الى الحضور في ختام الامسية .