مثّلت زيادة عدد سكان العالم المزيد من الضغط على المدن والموارد الطبيعية، ونظراً لأهمية المسطحات المائية للإنسان فقد اقترح مفهوم اليوم العالمي للمحيطات عام 1992 في قمة الأرض في مدينة ريو دي جانيرو لأجل زيادة الوعي بشأن الدور المهم للمحيطات في حياتنا ولفت أنظار العالم إلى المشاكل التي تعاني منها المحيطات؛ لأن موارد المحيط هي الضمان لتطور الحضارة البشرية وبقائها، فالصيد الكثير للكائنات التي تسكن المحيط وتغييرات الجو والتلوث تمثل خطرا جسيما على المحيطات. وقد أطلق الصندوق الدولي لحماية الحياة البرية تحذيرا ب«نهب الثروة السمكية من بحار العالم»، معتبرا أن الأمر قد يقضي على الأسماك عالميا بحلول العام 2050، في حال لم يتم تقنين عملية الصيد دوليا بصورة صارمة. فالتخوّف من ظاهرة الصيد العشوائي ظهر جليا في بيان الصندوق الدولي لحماية الحياة البرية الذي أكد «أن قطاع الصيد البحري يحصل وفق البيانات المعلنة على 90 مليون طن من الأسماك سنويا، وتستخدم الشركات لهذا الغرض تقنيات هائلة». كما حمّل الصندوق الاتحاد الأوروبي المسؤولية الكاملة عن إعادة ترتيب لوائح الصيد البحري في نطاقه الجغرافي لا سيما أن ثلاثة بحار تابعة له تعاني عملية سوء استخدام في مجال الصيد. وهنا يستند الصندوق في مخاوفه إلى تقارير الأممالمتحدة التي تؤكد أن 40 في المئة من الكائنات البحرية التي يتم اصطيادها أثناء صيد الأسماك يُعاد إلقاؤها مرة أخرى في البحار بعد نفوقها، الأمر الذي يسبب مشكلات بيئية جسيمة. وثبت أن منطقة بحر الشمال وحدها تستقبل سنوياً نحو طن من الأسماك والكائنات البحرية النافقة مؤكدة أن استمرار هذه الوتيرة لا يهدد البيئة فحسب بل عملية الصيد أيضاً. لذلك يطالب الصندوق بضرورة وضع خطط بعيدة المدى تنظم عملية الصيد البحري وتقلل من كميات النافق منها وتحافظ على معدلات الثروة السمكية وحماية المناطق التي تنمو فيها صغار الأسماك إلى جانب مراقبة صارمة على حظر الصيد في المحميات الطبيعية. وقد أشار خبراء البيئة إلى أن عملية ضبط معايير الصيد البحري تضمن استدامة التوازن البيئي في البحار والمحيطات وتؤمن مستقبل الحصول على الأسماك والكائنات البحرية الأخرى للاستهلاك من دون تأثير سلبي على البيئة البحرية. فالمحيطات هي التي تمدنا بمعظم الأكسيجين الذي نحتاجه للتنفس، فضلاً عن أنها تؤدي دوراً حاسم الأهمية في المحيط الحيوي. ويُعد "الاقتصاد الأزرق" المراعي للمحيطات عنصراً أساسياً في حياتنا اليومية، إذ يعتمد واحد من كل أربعة أشخاص على الأقل على المنتجات الغذائية البحرية كمصدر رئيسي للحصول على البروتين. كما تمثل الموارد والصناعات البحرية والساحلية أكثر من 5 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي على الصعيد العالمي، فضلاً عن أن 90 بالمائة من التجارة العالمية تتم بالنقل البحري. ومع التقدم التكنولوجي، تتكاثف الأنشطة الاقتصادية في المناطق الساحلية والمياه العميقة وتتنوع أكثر.. غير أن الضغوط المتزايدة الناجمة عن مختلف أنواع التلوث والاستغلال المفرط، وانبعاثات ثاني أكسيد الكربون، فقد يفضي ذلك إلى زيادة حموضة المحيطات بما يعادل 150بالمائة بحلول عام 2100، وهو ما يعرض السلسلة الغذائية بأكملها للخطر إضافة إلى النظم الإيكولوجية الرئيسية، مثل الشعب المرجانية.