حينما استمع أو أشاهد وسائل الإعلام اليوم وأركز على ملكة المذيع وبصمته من خلال إبداعاته وجهده في عصر ارتفعت فيه أجور المذيعين المميزين واستذكر مذيعي ماقبل 40 عاماً تقريباً اترحم كثيراً على مامضى في عقود حينما كان المذيع يشق طريقه بصعوبة متوشحاً بتوفيق الله ثم الصبر والجهد الكبير فقد كانت المراجع صعبة المنال والبحث يأخذ جلّ الوقت والزمان . اليوم المعلومة متوفرة بزر وفي ثواني لاتتجاوز نصف دقيقة تجد المعلومة تحت ناظريك فقد يدخل المذيع الاستديو بدون أن يكون معداً لمادته لكن بمجرد تشغيل جهازه المحمول تتوفر تحت بصره آلاف المعلومات التي تدعم موضوع الطرح ، لذلك نرى اليوم تغلب الشكليات على المضمون . ثم إن كل شيء متوفر داخل الاستديو حتى الضيف من خلف المحيطات تتجاذب معه الحوار أو اللقاء وجهاً لوجه . ومع ذلك سهل نشر وإذاعة الغث بجوار السمين بعد أن كان المعد والمذيع والمخرج يحرصون بروح الفريق الواحد على جودة الإنتقاء وأن لاينشر إو يبث إلا ما ينفع الناس وفي الغالب ماهو جديد على المتلقي . دفعت إلى هذه المقدمة على عجل وأنا اسبر غور تاريخ إعلامنا المسموع ثم المرئي في حقبة كان الإعلام المرئي والمسموع فيها جاداً لا يبحث إلا عن كل جيد سيما في المجالات الثقافية والاجتماعية . استذكر معه رموزاً كانوا فعلاً أعلاماً في عصر الإعلام المعرفي الشامل .أولئك ومن حولهم معدون ومخرجون بدون مجاملة كانوا نجوماً لامعة في سماء الإعلام الجاد في زمن كان العالم العربي فيه مضطرباً وكانت المملكة يومها مستهدفة للتقليل من دورها الريادي والقيادي في العالمين العربي والإسلامي ، وكان أولئك جنوداً مجندين للذب عن حياض هذا الكيان الشامخ . ومن يستذكر تلك الحقبة يتبادر إلى ذهنه كوكبة من رموز الإعلام السعودي في شتى المجالات منهم على سبيل الاختصار/ بدر كريم / محمد صبيحي /حسين نجار /عبدالرحمن الشعلان / عبدالله راجح / غالب كامل / ماجد الشبل / جميل سمان / مطلق الذيابي / سليمان العيسى وأرى اليوم أن أتناول اليوم بمنظور شخصي محدود للغاية شيئاً من رحلة الإعلامي المميز ( بدر أحمد كريم ) التي كانت مع بداية الإعلام السعودي ولكنني شخصياً استذكر منها الثمانينات وانصاف التسعينات الهجرية . والتي كما أشرت سابقاً كانت فيها المملكة تتعرض لحملات شعواء من قبل بعض الإعلاميين خصوصاً من إذاعة صوت العرب ومذيعها المشهور أحمد سعيد الشهير بقلب الحقائق والهجوم المباشر على المملكة بحنق وألفاظ نابية وألقاب مستهجنة. كان بدر كريم وبصوته المميز ولغته السهلة وأسلوبه الراقي وصياغاته المتمكنة خلقاً وأدباً وصدق المعلومة من أولئك الإعلاميين المميزين يدحض الإفتراءات بالحقائق ويدفع الشر بالتي هي أحسن وخاصة من خلال ( تعليق الإذاعة ) والذي عادة يعقب نشرة أخبار الظهير والمساء ويتناول حينها الهم السياسي ، وقد أبلى بدر كريم في هذا المجال بلاء حسناً لازال يرن أجراساً وطنية في أذهان معاصريه . كذلك لازلنا نذكر رحلاته المكوكية مع الملك فيصل رحمه الله في إفريقيا والتي تعاقبت الدول الإفريقية حينها بقطع علاقاتها مع إسرائيل أثناء تلك الزيارات وكذلك الحال في رحلات الملك فيصل إلى الدول الأسيوية وإنشاء مؤتمر القمة الإسلامي وكان بدر كريم بلغة الإعلام اليوم ( المتحدث الإعلامي ) عن تلك الفعاليات والأحداث نقلاً ووصفاً حيث جعل المشاهد والمستمع يعايش الأحداث بكل حواسه . كما نذكر له بالعرفان برنامج طلابنا في الميدان والذي بث روح التنافس الشريف بين الطلاب وبرنامج ( تحية وسلام ) والذي كان ينتظره السعوديون كل جمعة بشغف لأنه همزة الوصل الوحيد مع السعوديين المبتعثين في الخارج . وبرنامج في الطريق وكان برنامجاً جماهيرياً ينقل نبض الشارع بعفوية ، أيضاً ذلك الإبداع المثير في نقل صلاة آخر جمعة في عشر ذي الحجة ويوم عرفة وثاني أيام الحج حيث يكرم الملك ضيوف الرحمن من زعماء العالم الإسلامي وما يتخلله من كلمات وقصائد وأذكر حينها قدم بدر كريم ابنه ياسر لٌالقاء قصيدة في إحدى تلك الاحتفالات من قصائد المرحوم الغزاوي رئيس مجلس الشورى آنذاك .أكتفي بهذا مذكراً بأن من لم يعايش تلك الأحداث قد يعتبر ذلك سرد معلومات لكن ما صاحب تلك الفترة من أحداث ووضع لبنات للبنى التحتية يجعل تلك السيرة توثيقاً لمرحلة مهمة ساهم في ذلك بجدارة الدكتور : بدر كريم راجياً أن لا أكون مخلاً في طريقة طرحها فهي صور ذهنية تجلت في لحظة تأمل رأيت أن أشرك فيها القاريء العزيز. هذا وبالله التوفيق. جدة ص ب 8894 فاكس 6917993