يومان فقط كانت هي المسافة الزمنية بين خبر إدراج سيرة ومنجزات الأسطورة الكروية ماجد عبدالله في المناهج الدراسية الجديدة في السعودية وبين الهزيمة المذلة التي مني بها المنتخب السعودي الأول لكرة القدم أمام أستراليا وقوامها أربعة أهداف لهدفين وأدت إلى خروجه مبكراً من التصفيات الآسيوية المؤهلة لنهائيات كأس العالم 2014 التي ستقام في البرازيل. حينما اختار التربويون ماجد عبدالله وأدخلوا اسمه في المناهج التعليمية كأول لاعب سعودي وخصصوا له أول درس في منهج اللغة الانجليزية الجديد يبدأ به طلاب المرحلة الثانوية فصلهم الدراسي الثاني إنما أرادوا بذلك بناء ثقافة إبداعية للطلاب من خلال الحديث عن موهبة ونجومية هذا النجم الكبير باعتباره "أسطورة نجاح ملهمة" تجمع سمات الموهبة الفذة والشهرة والنجاح مع أمثلة عالميَة مثل مكتشف الكهرباء توماس أديسون وبطل العالم للملاكمة محمد علي كلاي، ومثالاً يحتذى به ويستحق أن تروى سيرته وموهبته ومنجزاته للناشئة. ولأنَ هذا الخبر سبق مباراة المنتخب الأول أمام استراليا بيومين فقط اعتبر بعض المراقبين الرياضيين أنَ ذلك سيكون بمثابة دافع معنوي قوي للاعبي المنتخب الأول ليأكدوا لهؤلاء الناشئة حرصهم على الاقتداء بمن سبقهم من اللاعبين العظماء أمثال ماجد وبرهنة ذلك على المستطيل الأخضر لإثبات وجودهم، ولكن للأسف لم يشاهد الطلاب الأربعاء الماضي لاعبين يحترقون من أجل بلادهم كما سيقرأون عن ماجد لاحقاً بل رأوهم أجساداً متناثرة في الملعب حالمة بالمكافآت المجزية التي وعدوا بها قبل بداية المباراة، تنهار قواهم في دقائق أمام لاعبي منتخب استراليا الرديف فباتوا أشباحاً تجرهم أرجلهم ولولا لطف الله لتكررت ثمانية ألمانيا الشهيرة. المتابع الرياضي الجيد لحال الكرة السعودية في هذه الألفية لم يكن متفاجئاً وهو يرى منتخبه يودع التصفيات فالإرث والمجد التليد الذي تحقق في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي لم يتعزز لأن المنتخب لم يتطور رغم الدعم المادي الحكومي الكبير والميزانيات الهائلة للرئاسة العامَة لرعاية الشباب، فالمستوى الفني للمنتخب يعكس صورة واقعيَة للفشل الإداري والفني ونتاجاً للبرمجة الخاطئة للمسابقات المحلية وعدم تطبيق الاحتراف بالشكل الصحيح بالإضافة إلى القرارات المتسرعة التي تؤثر على برامج الإعداد والتعاقد مع المدربين للمنتخبات بجميع فئاتها السنية والتدخلات في عمل الأجهزة الفنية. لقد أرادت وزارة التربية والتعليم تخصيص درس علمي يحكي سيرة ماجد عبدالله الرياضية في مناهج التعليم طمعاً في رسم صورة جميلة للجيل المدرسي عن ماهية الإبداع ممثلة في مسيرة ومنجزات ماجد ورغبةً في الاهتمام بالمواهب وتعزيز التجارب الناجحة، وكانت لدى الجيل الحالي فرصة يوم الأربعاء الماضي لجعل نفسه امتداداً لجيل ماجد الذهبي، ولكنه للأسف لطَخ سمعة الكرة السعودية وأعادها لنقطة الصفر مدمراً المنجزات والمكتسبات التي حققها ماجد ورفاقه ومن تبعهم من عظماء. كرة القدم لدينا تتجه للانحدار ولا يمكن اختزال حل الأزمة في استقالة الاتحاد السعودي لكرة القدم فقط. فلا يكفي تغيير الأشخاص، كرتنا بحاجة إلى تغيير النهج وتطوير ثقافة العمل الرياضي. وحتى يتحقَق ذلك سيردد الطلاب.. أثناء استمتاعهم بالدرس الماجدي.. وقد كانوا شاهدين على النكسة الكروية الأربعاء الماضي: نعم نحن نرى في ماجد عبدالله قدوة رياضية حسنة ومثالاً للنجاح يحتذى به ولكن هل درس لاعبو هذا الجيل مسيرة ماجد ليأخذوا من موهبته وإبداعاته قدوة؟.