" لو وجدت وصفاً أعمق وأصدق من الكراهية لاخترته لأصف ما أكنه لهذا الإنسان" بهذه العبارة انطلقت إحدى السيدات تصف لي معاناتها البشعة مع شخص أطبق ببراثن الإذلال والذكورية الشرسة على زوجته وأم أبنائه . وبنبرة ألم وحسرة واجترار تابعت وصف مشاهدها اليومية معه التي وصفتها بالمعتقل السياسي الذي يمارس أبشع أنواع الإذلال والتعذيب الذهني والقلق النفسي قبل الجسدي فقالت " تخيلي انه يقوم بإقفال الأبواب علينا بشكل يومي مصطحبا مفاتيحها معه إذا أراد الخروج للتنزه أو التبضع أو لقضاء مستلزماته " مفسحاً المجال لكل أنواع الجنون والشك يعبثان بمخيلته التي صادر جميع حساباتها العقلية والإنسانية ... أما الأطفال فقد تركهم لقمة سائغة لكل أنواع الإحباط والاكتئاب والاعتلال النفسية التي ظلت مصاحبة لهم جراء مشاهد الذل والاحتقار التي تمارس على مرأى ومسمع منهم " والسؤال : لماذا لا تستثنى هذه العقليات المتأزمة نفسياً وإنسانيا من المسؤولية تفادياً لنتائج فادحة تلقي بظلالها على المجتمع الذي يتلقف هؤلاء وأبنائهم وأحفادهم والجميع يعاني نفسياً ؟ أم هل بالإمكان إدراج بند الكشف النفسي والعقلي كأحد شروط إتمام الزواج وإخضاع احد الزوجان أو كليهما عليه ؟ كما لا يجب إغفال إخضاع الطرفان إلى برامج نفسيه وتأهيلية قبل الزج بهما في مشروع إنساني ستنعكس نتائجه سلباً أو إيجابا على المجتمع اللي يلاقيها منين ولا منين ؟ حيث لا تفتأ مسلسلات مآسي العنف والقمع الأسري تُضخ الينا وتربكنا بها الصحف اليومية بكرة وعشياً ونحن " صماً بكماً لا يعقلون" متى سننفض غبار الغباء واللامبالاة الإنسانية التي تعصف في أذهاننا لتخدر استجابتنا واستفاقتنا لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من ضحايا مسلسلات مهازل السطوة الذكورية وتقييدها في قالب متزن للارتقاء بها فكرياً ومعنوياً وإنسانيا.... ان تقضي المرأة وقتها بالبيت أسيرة للفراغ القاتل , وحبيسة آلام الوحدة والعزلة , اليس هو الوأد المعنوي ؟ وهو أشد ايلاماَ من الوأد الجسدي , أن يحبس ولي الأمر النساء في بيته ويمنعهن حتى من الخروج للتنزه او لقضاء حوائجهن , فقط لأنه يسير على مبدأ قاس وشديد الخطورة , خلاصته أن الأصل في المرأة الخطيئة والرذيلة والمعصية , وهو أمر مؤسف بحق عقله أولاً.... قد يقول البعض أنني هنا من أجل شن حرباً شعواء على قبائل الرجال وقمع سلطتهم لترك الحبل على الغارب للمرأة كي تفعل ما تشاء ..... أعود وأقول لهم ما قاله شكسبير : يرضع الطفل من أمه حتى يشبع ..ويقرأ على ضوء عينيها حتى يتعلم القراءة والكتابة ... ويأخذ من نقودها ليشتري أي شيء يحتاجه .....ويسبب لها القلق والخوف حتى يتخرج من الجامعة.. ..وعندما يصبح رجلاً يضع ساقاً فوق ساق في أحد مقاهي المثقفين ويعقد مؤتمراً صحفياً يقول فيه : إن المرأة بنصف عقل ... تبا لسطحية سكنت عقول الرجال !!! أو كما قال زميلي تركي الدخيل في كتابه "الدنيا ....امرأة" ! " المرأة هي عنوان الرقة والأنوثة , تمدنا بالأمل الذي يخفف من قسوة الحياة , ومن تصاريف الوجوم الذي تسببه بعض الأحداث والمآسي والآلام " " إن نوع الخطاب الديني الذي يحرض ضد براءة المرأة ونواياها الجميلة ,ينطلق من فهم سيء لطبيعة المرأة ,يصورها فتنة مدسوسة تذهب بدين المرء, وتتحين الفرصة للفتك بالرجل وعفته"! وكأن سلالة الرجال منزهة عن كل خطيئة ومعصية !!! وفحيح الأفاعي وأقداح السم والسنة اللهب تصدر جميعها من المرأة !!! سنحتاج إلى سنين طوال لإعادة هيكلة مجتمع اختار عبودية الرجل وجعلها هي المحكم والقائم بشؤونها جميعها موقناً ان المرأة ليست أهلاً لأية دور فيه ....