فاز الإسلاميون في تونس .. وفي ليبيا أعلن الثوار على لسان مجلسهم " لا بديل عن ليبيا الإسلامية " .. ولم يبق من الزمن إلا ما ينبئ بحتمية النظام الإسلامي في دول الربيع العربي بعد اكتمال العقد بانضمام أرض الكنانة ، ما يثير في الأمر ليس وصول الأحزاب الإسلامية لمنصات الحكم فقد تجلى ذلك منذ زمن الاستبداد في النظم السابقة التي أقصت هذه الأحزاب بالحديد والنار ليس لأنها أحزاب إجرامية أو إرهابية كما كانوا يزعمون ؛ بل لأنها الخيار الأول للشعوب في المنطقة ، كنت أقول إن ما يثير في الأمر تصريحات مرشحي تلك الأحزاب التي تبعث حقيقة على الشفقة ، فتارة تخاطب ود واشنطون بضمانات الديمقراطية والحقوق المدنية ، فتنهال عليهم نبال الإسلام التقليدي "غير السياسي" بالتقريع تارة والتحذير تارات أخر ، وتارة تخاطب الإسلاميين باليمين المغلظة أنها لن تحيد عن التزاماتها بإرجاع الدولة لأكناف الهوية الإسلامية بكل حزم وتصميم حتى تنجلي كل مظاهر التغريب والتحرر ، ناهيكم عن دوامة الضغط الإعلامي التي لم تتركهم على قرار لاسيما المؤسسات الإعلامية المدارة من قبل الأحزاب "الخاسرة" الليبرالية والعلمانية التي لها حظوة كبيرة وكلمة مسموعة عند الدول الغربية وعلى رأسها أمريكا التي ما فتئت تلمح بقلقها السياسي من بروز الإسلاميين على المشهد السياسي في الشرق الأوسط . فهل باتت الأحزاب الإسلامية في مأزق حقاً بعدما بدت للعالم من خلال تصريحات بعض قيادتها المتناقضة وكأنها تعيش حالة من القلق السياسي؟. على أية حال .. التعويل كثيراً على رضا المراقبين في الخارج لن يقدم أو يؤخر مادام الداخل "الشعب" قد منح شهادته الانتخابية لتلك الأحزاب ، ومهما كانت ردة الفعل شرسة فإنها لن تعدو في وصفها غير هراء الخاسرين ، فكما رضيت وباركت خيار الشعب في الثورة فعليها كذلك احترام خيار الشعب في ترشيح حكومته ، لذا على الأحزاب الإسلامية أن تعي أن الشعوب التي شرعت لها أبواب الحكم تعقد عليها آمالا عريضة في أن تعيش الحياة الكريمة كما أمر بها الإسلام شاملة العدل والحرية واحترام الإنسانية وكافة الحقوق المدنية ، والفرصة أصبحت مواتية للإسلاميين اليوم لإثبات سماحة الإسلام وعدله وصلاحيته في إدارة البلاد والعباد ، والفرص بطبيعتها شحيحة بخيلة ، فقد لا تتكرر مرتين. [email protected]