مع بزوغ فجر الجمعة الماضي شهدت ليبيا أول يوم لها بدون معمر القذافي غير أن يومها الجديد هذا مليء بالكثير من التحديات أبرزها إصلاح البلد الذي دمرته الحرب، وبناء نظام ديمقراطي على أنقاض ديكتاتورية استمرت أربعة عقود. المجلس الوطني الانتقالي الليبي وبعد أن يعلن تحرير البلاد يجد نفسه في موقف صعب جراء ما قد يواجهه من صعوبات على الصعيدين الداخلي والخارجي في سعيه نحو معالجة مشكلات ربما لم تطفُ على السطح بعد نظراً للحمة النابعة من توحيد الهدف التي يتمتع بها الشعب الليبي الآن. فعلى الصعيد الداخلي يجد المجلس الوطني الآن نفسه في مواجهة شعب مسلح في ظل انهيار شبه كامل للوضع الأمني الناتج عن الغياب الشرطي، ما قد ينجم عنه انفلات أمني ربما يكون سبباً رئيسياً في إعاقة محاولات النهوض والتنمية للبلاد، في حين عبَّر كثيرون عن مخاوفهم من حدوث تنازع محتمل على السلطة بين القبائل والمناطق وبين الإسلاميين والليبراليين نتيجة الاختلاف الطبيعي في الأيديولوجيات والرؤى التي قد تظهر بصورة واضحة مع شروع المجلس الوطني الانتقالي في تشكيل حكومة انتقالية، فيما أكد المتابعون للوضع الليبي أن الليبيين لا يزالون يواجهون صراعاً سياسياً صعبا، وأكدوا سهولة الانقسامات القبلية والإقليمية الكبرى التي قد تتصاعد بسرعة،وهذا ما أكده الرئيس التنفيذي للمجلس الانتقالي محمود جبريل أن ليبيا انتقلت من معركة وطنية إلى معركة سياسية ،محذرا من سيناريو وصفه بأنه مرعب يتمثل بالانتقال من حرب وطنية إلى الفوضى. بدورهم أكد المحللون السياسيون أن المجلس الانتقالي أمامه خياران لموجهة فلول القذافي أولهما إقامة محاكم التفتيش الثورية والعزل السياسي والإداري لفلول النظام، أو السعي إلى المصالحة السياسية لضمان عدم محاولتهم إجهاض الثورة. لقد حسم الليبيون أمرهم، ونجحوا بالفعل في عبور المرحلة الأولى من حزمة التحديات التي يواجهها هذا الشعب وهي إسقاط النظام، فهل ينجح المجلس الانتقالي في العبور بالبلاد إلى بر الأمان وهي المهمة الأصعب والأخطر؟ وهل سوف نرى في ليبيا الجديدة دولة ديمقراطية مدنية ؟ سؤال ستجيب عنه الأيام القادمة. باحث في السياسة الدولية [email protected]