أشار استطلاع للرأي نشره بالامس مركز بيو الامريكي للابحاث الى أن ثلاثة وأربعون بالمائة من الامريكيين باتوا يعتقدون أن هجمات الحادي عشر من سبتمبر قد تكون نتيجة خيارات أمريكا السياسية ازاء الدول الاخرى.و هو رقم يسجل للمرة الاولى منذ عشر سنوات. فهل يعني ذلك أن الرأي العام الامريكي بصدد تغيير موقفه من تلك الهجمات التي غيرت وجه العالم؟ سؤال قد لا يجد له تفسيرا دقيقا على الاقل في هذه المرحلة و لكنه قد يستوجب أكثر من دراسة بشأن الجوانب الخفية لتلك الهجمات لا سيما عندما يتعلق الامر بالطرف أو الاطراف التي كانت وراءها والتي قد لا تكشف يوما،أما أهداف تلك العمليات فقد بدأ بعضها يتضح أكثر فأكثر مع تبدد حقيقة أسلحة الدمار الشامل الوهمية في العراق بعد سبع سنوات على اجتياحه. عشر سنوات تمر هذا الاسبوع على هجمات الحادي عشر من سبتمبر التي اهتز لوقعها العالم آنذاك وهو يتابع انهيار برجي التجارة العالمية و استهداف العملاق الاول في العالم في عقر داره للمرة الاولى منذ هجوم بيرل هاربير. مرت مرحلة الصدمة وقالت الرواية الرسمية إن تسعة عشر شاباً يحملون هويات عربية تولوا تنفيذ الهجمات على متن ثلاث طائرات مدنية فيما تم اسقاط الطائرة الرابعة تجنباً للاسوأ وحان موعد الحسابات . و بدأت ادارة الرئيس بوش التخطيط للمرحلة اللاحقة الانتقام أولاً ومنع تكرار تلك العمليات ثانياً ."من ليس معنا فهو ضدنا " كان شعار الرئيس السابق جورج بوش في حربه على الارهاب ...ولكن على مدار العقد ظل الامريكيون يحصون آلياً خسائرهم في العراق و افغانستان ويحرصون على تدوين أسماء كل الجنود الذين يسقطون في المعارك و لكن في المقابل ظلت حصيلة الضحايا في العراق غائبة تماماً كما هو الحال في أفغانستان حيث لا يزال المدنيون من نساء وأطفال و شيوخ يدفعون الثمن. من أفغانستان الى العراق أعلنت الادارة الامريكية الحرب على الارهاب الخطير الذي أطل برأسه في العالم ، لكن على مدى عقد كامل غرقت القوات الامريكية في المستنقع الافغاني الذي امتد الى باكستان و منه الى العراق بدعوى البحث عن أسلحة الدمار الشامل قبل أن يتحول الهدف الى مشروع للشرق الاوسط الجديد و هو المشروع الذي سرعان ما كشفت حقيقته معتقلات غوانتانامو وأبوغريب ... "لماذا يكرهوننا" كانت الصرخة التي أطلقها الصحفي الامركي توماس فريدمان و تلقفها رجال الادب و السينما والمسرح وغيرهم لتحقيق الثروات على حساب مآسي شعب العراق .وبعد عشر سنوات كانت نهاية زعيم التنظيم الارهابي في عملية لم تخلُ بدورها من الغموض انتهت بجثمانه الى بحر العرب في محاولة لقبر آخر أسرار المطلوب الأول لأمريكا. لقد تحول العرب و المسلمون على مدى السنوات العشر الماضية الى هدف انتقامي مشروع وباتت تهمة الارهاب تلاحق المسافرين في مختلف المطارات الغربية و تحولت عدوى الإسلاموفوبيا الى ظاهرة سرعان ما امتدت نتائجها الى البرلمانات الاوروبية لتؤثر على الخيارات السياسية و تستهدف المهاجرين من أصول عربية وأفريقية ... سقط العراق تحت الاحتلال وغرق العراقيون في متاهات الصراعات الطائفية الدموية وانتقل تنظيم القاعدة بفضل التدخل الأمريكي إلى بلاد الرافدين وإلى اليمن والصومال وشمال أفريقيا. لقد دفع حتى الآن العرب و المسلمون الجزء الأكبر من فاتورة الحرب الأمريكية المعلنة على الإرهاب و ربما آن الأوان للخروج من عهد الحادي عشر من سبتمبر.