هناك من قال عن المفكر السعودي الكبير عبدالله القصيمي كلاماً كثيراً.. لا أعرف حقيقة السبب الرئيس وراء اختزالنا لعبدالله القصيمي المفكر في ما كان يعتقد وفي ما مات عليه ، متجاهلين عنوة الإرث الفكري الثقيل والعملاق الذي خلفه لنا ذلك العملاق والذي أعتقد بأنه ظاهرة لن تتكرر مرة أخرى ولن تنجب أرضنا مفكراً وبواحاً ومتمرداً مثل القصيمي . يقول الشاعر اللبناني أنسي الحاج عن شيخنا : قدم من الصحراء السعودية ، من قلب الصحراء ، نبت ضد الطبيعة ، في الصحراء فجأة ، وفيما الجميع لا يترقبون هناك أحداً ، نبت كالشوكة، كالفاجعة .. وحيث مشى في الصحراء صارت كل حبة رمل بطلة .. وصار في الصحراء شجرة عظيمة .. يقول الأستاذ : أحمد عائل فقيهي : إن دور المثقف والمفكر والكاتب أن يكون صادقا مع نفسه ومع المجتمع الذي ينتمي إليه، أن يكون داعية تنوير لا داعية تزوير، أن يخرج من ذاتيته إلى ذوات الآخرين، أن يتحول إلى صورة لآمال وآلام الذين ينتمي إليهم وينتمون إليه.. وأن يمارس في كتابته الفكر النقدي لا فكر الخداع والمواربة ، والمصداقية أن يكون خطابه هو خطاب المستقبل، وأن يكون أحد ينابيع الضوء لا أحد مصادر الظلام وحتى يتحول إلى حالة من حالات القلق الخلاق والمبدع، ذلك أن الفكر المستريح سوف يفرز مجتمعاً مستريحاً حقاً. وكما قال القصيمي: "إذا استراح فكر امة انتهى دورها في التاريخ" . وهذا ما كان عليه شيخنا فقد كان صادقاً لأبعد حد ، جلادًا لذاته وذواتنا ، صارخاً عنا وبنا ، مجدفاً نحو الإنسان والوطن لا عكسه ، صادقاً عنا ومعنا . إننا بحاجة لأن نعيد استكشاف عبدالله القصيمي المفكر لا الإنسان ، كما أننا بحاجة لأن نُعلمه لأبنائنا، أن نعيشه وننهل من عظمةِ ما خلفه لنا من تراث فكري عملاق نباهي به .