المؤسسات العسكرية هذه الأيام ذات القادة المتسلطين غير الديمقراطيين على المدنيين الذين يحكمونهم تواجه أصعب اختبار لها. ويسمى هذا النوع من القادة (دكتاتور) أي بالعربي الفصيح متسلط شمولي متوحش شكاك حتى في ظله وفي خلاصة احلامه. كان هذا النوع من القيادة مقبولا إلى حد ما وبشعور انه ضرورة في فترات الاضطرابات والثورات، أما الآن فلم يعد كما يبدو أحدا يقبله. أشهر الأماكن لهذا النوع في امريكا الجنوبية، حيث سيطر الجنرالات بشكل ساد تقريبا كل المنطقة. وعن هذه الأماكن وهذه الديكتاتوريات يروي لنا المؤلف الراوي الحاصل على جائزة نوبل للأدب في عدد من كتبه القديمة قصصا كثيرة عن هؤلاء العسكريين المتفردين بسلطة البلدان. كتابه خريف البطريارك الذي يأتي أحيانا خطأ في بعض الترجمات العربية باسم (خريف البطريق) وهو خطأ جناس مع العنوان المكتوب أصلا باللغة الاسبانية الجميلة ، عاد الى ذاكرتي بعد أن كنت قد قرأته منذ فترة بعيدة. تذكرته بسبب خطاب عسكري حاكم غاضب وهو يذكر تساقط من يراهم خائنين فيقول يتساقطون كما تتساقط أوراق الخريف. صحيح أن الموضوع مختلف للرواية المذكورة ولكن وجود نصف التسمية في العنوان أدت الى هذا التذكر والتداعي فعدت ابحث عن القصة في مكتبتي واضطررت في النهاية الى شراء نسخة جديدة. خريف الرواية ليس مناسبة سنوية في الطقس فقط بل أيضا خريف عمر ونهاية تجربة ووصفا دقيقا شبه خرافي وشبه واقعي مليء بالأفكار والصور الذهنية والالوان والروائح والزخارف والمشاعر الواعية وغير الواعية لتداعي الجنرال الحاكم ابدا الذي لا يموت نهائيا ويشهد في حياته مرور شهاب ثابت دائر يصل الى حدود الرؤية بالعين المجردة في الأرض مرة كل قرن.وتتابع عليه القرون ويمر بحالات من الأفول ثم يعود أكثر قسوة ودموية وتوحشا وتوحدا وأحيانا عاشقا عجوزا عاجزا هرما موهوما أو مغتصبا جلفا يمتلئ بالدمامل والتشوهات. رواية لابد من الاطلاع عليها لمعرفة تفاصيل حياة دكتاتور. الأمل الباقي: قبل أن تهتز اليمن بفعل الشباب الجديد الذي فقد الأمل في الجيل الأكبر منه الذي يعايشه وفي إمكان تحسين أوضاع من يحيط بهم وأحيانا أنفسهم فقط . فالمأمول هو أن تستشعر قوى الحكم مبكرا وبشكل عام سواء كانوا مدنيين أو عسكريين طالما أن هناك أنينا من ألم في جزء جسد الأمة حتى لو كان بداية مبعثرة أو رواية مرمزة أو غمغمة معبر عنها بالتواء.هذا الاستشعار وحده لا يكفي دون مبادرة سريعة للعلاج قبل استفحال الداء. [email protected]