تعددت الاكاذيب الصهيونية عبر المائة عام الماضية في عمر الصراع العربي - الاسلامي - الصهيوني. فمن شعب الله المختار الى ارض الميعاد.. وصولاً الى المبالغة في ما يسمى بمحرقة اليهود ابان الحرب العالمية الثانية، تلك الاكذوبة التي اسماها احد الكتاب الغربيين (ارثر بوتز) صاحب الكتاب الشهير المعنون "خدعة القرن العشرين" وياليت هذه الخدعة والزيف وقفت عند حدود الغرب، بل انها تجاوزته الى عالمنا وحضارتنا وارضنا، فتحولت تحت زعمه الى حقيقة تعيش على ارض فلسطين، واصبح على "شعب" بأكمله ان يدفع ثمن اكذوبة (شعب آخر) قيل انه تعذب او احترق على يد شعب ثالث، ثم صارت هذه الأكذوبة أداة للابتزاز السياسي والثقافي والحضاري في الغرب، وصار مجرد ذكرها بالسلب، جريمة قد تؤدي بصاحبها الى السجن، او الغرامة المالية او الاغتيال المعنوي كما حدث مع الاديب الفرنسي اليهودي سابقاً روجيه جارودي في فرنسا مؤخراً. ولم يكلف احد المسؤولين من الذين حضروا هذا المؤتمر نفسه عناء الاجابة على عدة اسئلة: هل حدثت فعلاً هذه المحرقة وما هي حقيقة الارقام التي روجت عنها؟ وما رأيهم في ذبح الاطفال والرجال والشيوخ والناس العزل في فلسطين اليوم والذي يتم بدم بارد قبل عام 1948م أليست هذه "نازية جديدة" كيف تقبلها كرامتهم الاوروبية الزائفة ودفاعهم الوهمي عن حقوق الانسان وعن حوار الحضارات؟ اسئلة لم يجب - حتى اليوم - ولن يجيب عليها احد من هذه البلدان لانهم ببساطة يعانون ازدواجية في الرؤية والتحليل، لذلك لا امل في تلقي الاجابة منهم، او في اجراء حوار صحي للحضارات معهم ما لم يتخلص من هذه الاكاذيب الخطرة ومع ذلك فسنقيم عليهم الحجة، ونحاول ان نعيد قراءة قصة هذه المحرقة بموضوعية شديدة.. فماذا نقول؟ طبعاً.. مهما سقنا من معلومات وأدلة تؤكد اكذوبة احراق اليهود في افران النازي، فإنهم ومن يتاجر معهم بها من ساسة اوروبا، لن يصدقونا، بل من الوارد ان يتهمونا بمعاداة السامية وهو ما لا يشغلنا، ولكن دعونا نسأل السؤال الاساسي هنا: ما العمل؟ ما العمل عربياً، ولدينا مؤسسات ثقافية وسياسية رسمية كالجامعة العربية واجهزتها المتنوعة الصامتة!! ومؤسسات اهلية (اي عشرات من منظمات حقوق الانسان ومؤسسات ما يسمى بالمجتمع المدني ومراكز الابحاث والدراسات) والاحزاب السياسية والجامعات والصحف العربية والاسلامية وغيرها ما العمل؟ الا تحتاج هذه التطورات الضاغطة عالمياً من مؤسساتنا خاصة تلك المهتمة بحقوق الانسان وبالحريات ان تنتبه جيداً لهذا الابتزاز الاخلاقي والسياسي في طبعته الجديدة التي تموج في العالم اليوم انطلاقاً من ستوكهولم مروراً بلندن وانتهاء بفلسطين التي تدفع وحدها ثمن جريمة لم ترتكبها في القرن الماضي!! واذا كان هذا الابتزاز يلزم الغرب باعتباره خالق مشكلتهم فلا ينبغي له ان يلزمنا. فقط عليهم الا يفرضونها علينا، وعلى شعوبنا، وعلى ثقافتنا، وايضا، عليهم ان يتذكروا وبنفس الاحساس بالذنب، ومعهم مؤسساتهم ومؤسساتنا الاهلية والرسمية ذات العلاقة معهم، ان ثمة شعباً آخر لا يزال يدفع ثمن هذه الاخطاء والاكاذيب وان من الانسانية واحترام الضمير ومن التحضر الا يدفع شعب حر صاحب ارض وحضارة ثمن عذاب (مع الافتراض جدلاً حدوثه) شعب آخر!! لان ذلك ضد منطق الانسانية اذ اي انسانية تلك واي حضارة تلك التي تقبل بنصف الحقيقة، بنصف التاريخ؟ اي ضمير هذا الذي يقبل بمثل هذه الجريمة؟ واي عقل هذا الذي يقبل بكل هذه الثنائية السياسية!! انها ثنائية جعلت كاتباً بريطانيا حراً (سام شولمان) يصرخ في ابناء حضارته قائلاً: ان نوعاً جديداً من اللاسامية قد ينشأ في القرن الواحد والعشرين كرد على محاولات جعل المحرقة مركزية ففي حضارتنا ان اليهود تحولوا من اهل كتاب الى اهل محرقة!! فهل تمتلك مؤسساتنا الرسمية والاهلية شجاعة هذا الكاتب البريطاني؟ وهل نصرخ معه قبل ان يصلنا الطوفان؟ ان عشرات القوانين الغربية في البلاد الاوروبية قد تم تغييرها بهدف الحفاظ على اسطورة اكذوبة هذا الاحراق لليهود، بل وعشرات المناهج التعليمية قد تم تغييرها وبات من الممكن جداً سب الاديان السماوية هناك، اما المحرقة واكذوبتها فإنها فوق النقد وفوق الرأي ومن المستحيل اوروبيا مجرد الاقتراب منها. ان هذا جميعه يؤكد اننا امام وثنية غربية جديدة تحتاج الى ثورة ثقافية حقيقية بداخلها لهدمها، ثورة تستعمل الحقائق والعلم في مواهة خرافات لا اصل لها من الواقع الصحيح والتاريخ الأمين. اكذوبة آن أوان فضحها. فاكس 6658393