ربما لم يجد "مراد" الطفل الذي يشع حماسا وحيوية بُداً من الكتابة على جدران ذلك البيت المهجور الذي يقع على امتداد شارع حارتنا , وهو إن رغب التمرد على حدود الحارة تلقفه الشارع الخلفي المجاور لبيت صديقه "أمجد " ليجلسا معا بجوار عمود كهرباء يكتنفه البعوض الشرس ويتخافت ضوءه كلما ضاقت صدورهم من الفراغ ,ومنه إلى أحمد الذي برع في رمي العمالة الوافدة بالحجارة كلما مروا بدراجاتهم الهوائية على الطريق فهو في حيرة من رغباته المصدومة بواقع (الطفش) و(الكآبة) ولا أظن الأمر مختلفا إذا ما أردنا كشف هوايات أطفالنا المغلوب على آمرهم فهم منذ صباح الكادحين وحتى ليل الشغوفين لا يجدون متنفسا حقيقيا يأنسون به وليس في حساب أيامهم المتشابهة المملة ما يجود بمرفق ترفيه يمنحهم الحب وشيء من الأمل. مشهد حزين يصور البؤس في وجوه هؤلاء ممن تتلقفهم شوارعنا المتهالكة وأحيائنا الكئيبة وإذا ما رمتهم الأيام "بشرر" وارتكبوا خطأ ما كانت أصابع اللوم النارية تغرس أظافرها في أجسادهم النحيلة في حين أن السؤال الذي مازال يراوح منذ أمد بعيد: ترى ما الذي قدمناه في سبيل إبعادهم عن مزالق الخطر والتهلكة ؟ وما الذي سنقدمه في ظل هيمنة هذه الثقافة المشوهة التي لا تعير الطفل أدنى اهتمام ولا تجيد سوى أساليب التقريع والتنديد والسخرية .. ؟ في الحقيقة إنني وقفت كثيرا أمام ما قامت به أمانة مدينة الرياض مؤخرا من إنشاء ملاعب رياضية مصغرة وملاهي أطفال في كل حي من أحياء الرياض تتوافر فيها مساحات خضراء وأجواء جميلة سعيا منها لاحتضان هؤلاء الفتية في أجواء صحية رياضية تتكامل مع ادوار الأسرة والمدرسة بغية أن تقيهم تبعات الفراغ والسهر والضياع .. تمنيت لو اهتدت لمثل هذا كافة أمانات وبلديات مدننا في المملكة ولو بقدر من الإمكانيات المتاحة,ولأن الشيء بالشيء يذكر ففي حساب مطالباتنا السابقة أيضا ما كتبت عنه تحت عنوان (مدينة الحدائق الغناء ) حيال الحدائق العامة أقصد تلك المساحات الموحشة التي تتوسط أحيائنا والتي كان من المفترض أن تكون مساحات مشجرة تحتلها الزهور ومراجيح الأطفال قلت لما لا تجد اهتماما خاصا ليتسنى لأسرنا التنزه فيها ويمارسوا من خلالها رياضة المشي وتكون فرصة للاستجمام والراحة بعيدا عن الكتل الخراسانية الصماء,كان ذلك قبل عامين تقريبا ولكن ......... أكملوا الفراغ ... [email protected]