ذات يوم جلس بالقرب من الركن اليماني أربعة صبيان هم: عبدالله بن الزبير، ومصعب بن الزبير، وعروة بن الزبير، وعبدالملك بن مروان، وأخذ كل واحد منهم يتمنى ويحدث بأمنيته فقال عبدالله بن الزبير: أمنيتي في هذه الدنيا أن أكون ملكاً على الحجاز وأنال الخلافة.. وقال أخوه مصعب: أما أنا أن فأمنيتي أن أكون ملكاً على العراق.. وقال عبدالملك بن مروان: أمنيتي أن أحكم كل البلاد وأنال الخلافة بعد معاوية بن أبي سفيان.. لكن عروة بن الزبير سكت ولم يقل شيئاً فسألوه وأنت ماذا تتمنى يا عروة؟ فقال: بارك الله لكم فيما تمنيتم من أمر دنياكم، أما أنا فأتمنى أن أكون أن عالمًا عاملاً يأخذ الناس عني كتاب ربهم وسنة نبيهم، وأحكام دينهم وأن أفوز برضاء الله وجنته. ودارت الأيام فإذا الله تعالى قد استجاب لكل منهم بتحقيق أمنيته، وإذا بعبدالله بن الزبير يبايع بالخلافة بعد موت يزيد بن معاوية فيحكم الحجاز، ومصر، واليمن، وخراسان، والعراق. ثم يقتل عند الكعبة غير بعيد عن المكان الذي تمنى فيه ما تمنى.. وإذا بمصعب بن الزبير يتولى إمرة العراق من قبل أخيه عبدالله، ويقتل هو الآخر دون ولايته أيضًا.. وإذا بعبدالملك بن مروان تؤول إليه الخلافة بعد موت أبيه، وتجتمع عليه كلمة المسلمين بعد مقتل عبدالله بن الزبير وأخيه مصعب ثم يغدو أعظم ملوك الدنيا في زمانه. أما عروة فلأجل أن يحقق أمنيته التي تمناها عند الكعبة المشرفة فقد أكب على طلب العلم وانقطع له واغتنم وجود البقية الباقية من الصحابة رضوان الله عليهم فقام يتتبع مجالسهم حتى روى عن على بن أبى طالب وعبدالرحمن بن عوف،وزيد بن ثابت، وأبى أيوب الأنصارى، وأسامة بن زيد، وعبدالله بن عباس، والنعمان بن بشير رضوان الله عليهم أجمعين. فإذا كانت تلك آمال وطموح الأجيال السابقة التي لا تعرف طموح وآمال مثل بعض شباب هذا الزمان والذي ربي بعضهم على ثقافة الأغاني العجيبة مثل (بابا فين.. نقول له مين) وغيرها من الأغاني والمسلسلات غير الهادفة، وإضاعة الوقت في اللهو وعدم استثمار فرص التقدم والرقي في وسائل العلم والمعرفة وتقنيات العصر المعرفية المتطورة والمتسارعة، وفي ميادين الرياضة والفروسية والشجاعة ليكبروا وتكبر معهم الهمم والآمال وتتحقق الطموحات لخير الشعوب والإنسانية. لذلك علينا أن نبذل كل ما في وسعنا لمساعدة أبنائنا لبناء آمالهم الكبيرة وأحلامهم العريضة وتحقيق طموحاتهم بعيداً عن ثقافة بعض شباب هذا العصر (بابا فين) أو ثقافة (افرض مثلاً مثلاً مثلاً إني خاصمتك يوم) وتربيتهم على حب العلم والفضائل ومكارم الأخلاق.. والله المستعان.