طيلة ربع قرن وظلت عروس البحر تواجه الكوارث والنكبات حين سقوط الامطار لتتحول افراح الناس الى مآسي وآلام وموتى وضحايا وخسائر بشرية ومالية واقتصادية وما حصل مؤخرا في سيل الاربعاء من سيول مخلفة الكثير من الارواح فاق عددها المئة وتدمير الكثير من المنازل وتسقط بعض الجسور وتكسر صباتها وتصادم ما يزيد عن الثلاثة آلاف سيارة جرفتها السيول وكان النصيب الأكبر للاحياء الشعبية التي لا تملك شبكة تصريف صحي وتصريف مياه الامطار لحي القويزة والبساتين والجامعة وطريق الحرمين وبحيرة المسك وحي الحرازات والى الاحياء الجنوبية. لقد ابرمت عقود بمليارات الريالات لمعالجة هذه المشكلة الازلية التي تعاني منها جدة ويعاني سكانها والزائرون لها فما ان تهطل الامطار لساعات قليلة حتى تتقطع اوصال جدة وتتوقف الحركة ويصعب التنقل في شوارعها والذهاب للمدارس والاجهزة والمؤسسات والشركات. فما خصص لعروس البحر الاحمر من مليارات لمشاريع الصرف الصحي ومشاريع تصريف مياه الامطار والسيول لم يخصص لمدن في دول فقيرة كاندونيسيا وبنجلاديش تستمر الامطار طيلة اليوم ولا تظهر آثارها السلبية على الخدمات والمرافق العامة ولا تتسبب في كوارث بشرية فهل ذلك بسبب سوء الادارة او الاهمال او التسيب او الفساد المالي ام لان جدة غير كما يقولون. ومن الملاحظ ان احد الاسباب الرئيسية لهذه الكارثة والتي لن ينساها سكان جدة ان السيول جاءت من منطقة الشرق كما ان الكثير من الاحياء العشوائية بنيت في بطون اودية معرضين انفسهم للخطر والسيول والانهيارات المائية التي جاءت قوية وجارفة معها البشر والشجر والسيارات حتى طريق الحرمين الشريفين لم تسلم واقتلعت من اماكنها وتناثرت على جانبي الطريق. وهنا نجد ان المسؤولية تقع على الامانة التي سمحت لسكان جدة بالبناء فيها بالرغم من خطورتها وتقع ثانياً في المواطنين الذين لم يستمعوا لنصائح الآخرين من ان بيوتهم تقع في مجرى السيل كان همهم البناء والسكن دون الاحساس بخطورة البناء في هذه المخططات والاحياء والتي تفتقر الى الكثير من الخدمات والمرافق العامة. وكان من المفترض ان يتم اخلاء هذه المنازل من سكانها والعمل على انشاء مساكن لهم بعيدة عن مجرى السيول. مما يتطلب ذلك سرعة إزالة الاحياء العشوائية والتي يشرف على خططها صاحب السمو الملكي الامير خالد الفيصل امير منطقة مكةالمكرمة والذي يسعى دائما وابدا وبلا كلل او ملل لاعادة تخطيط مدينة جدة تخطيطاً عصرياً يتناسب مع تطورات العصر من قبل شركات القطاع الخاص خاصة وان مدينة جدة سياحية تجذب ما يقارب الثلاثة ملايين سائح من داخل المملكة وخارجها خلال فترة الاجازات وهي بوابة الحرمين الشريفين ومركز تجاري واقتصادي مهم. لقد صرح وكيل الامين لشؤون التعمير والمشاريع المهندس ابراهيم كتبخانة بأن ما اكتمل من مشاريع لدرء مخاطر السيول يغطي حوالى 30% فقط وان الامانة تضع قضية تصريف مياه الامطار على رأس اولوياتها وانها قامت بإعداد العديد من الدراسات الهندسية لتصميم خطوط وشبكات لتصريف مياه الامطار في المناطق والاحياء السكنية غير المخدومة والواقعة شرق طريق الحرمين الشريفين وتلك اخبار نتمنى تنفيذها في الواقع وبأسرع ما يمكن وان لا يكون ذلك مجرد كلام وردود افعال وقتية لكارثة سيل الاربعاء التي ذهب من خلالها ارواح بريئة نسأل الله ان يتغمدهم بواسع رحمته ويلهم اهلهم الصبر والسلوان. مكة المكرمة