التطور العمراني أحد مظاهر التقدم البشري، وآية من آيات الله في خلقة، وقد أصبح سمة من سمات العصر، وبالتالي غدت المباني القديمة تنقرض تدريجيا من واقع الحياة الحديثة نتيجة تأثير الزمن عليها، والتآكل الطبيعي، وعوامل الكوارث الطبيعية المختلفة، وقد ساعد التقدم التكنولوجي في تسهيل التطور العمراني السريع واختفاء العديد من المباني الأثرية القديمة لإفساح الطريق للمباني الحديثة تأخذ شموخها نحو الارتفاع الشاهق والتي غزت المجتمعات المعاصرة، والتي تُؤثِر على الأرض حسب ما أوضحته بعض الدراسات الميدانية حيث أثبتت أنها تشكل ضغطاً على الأرض ومن ثم تؤدي إلى ظهور تغيرات على سطحها، ولكن تأثير الإنسان على التراث العمراني أفدح واكبر من غيره من العوامل المأثرة في تلك المباني التراثية وتغييرها، فهدم الأبنية التراثية والمواقع التاريخية يعني ضياع هذه الثروة الأثرية إلى الأبد، وبالتالي استحالة استردادها في يوم من الأيام لأنها بنيت في عصر كانت له حضارة خاصة، ولكن هناك أُناس وهبهم المولى الإحساس الصادق، والنظرة الحانية للماضي الجميل هدفهم الحفاظ على تلك الموروثات العمرانية من الفناء، ويسعوا جاهدين في الحفاظ على ما بقي من تلك المباني القديمة التي تعد من التراث العمراني ، فالحفاظ على موروثاتنا العمرانية التراثية من الضياع مسئولية تاريخية إنسانية تساهم في الإبقاء على معالم العصر الماضي لكي يراها الجيل الناشئ، إذْ إنه مبعث فخر واعتزاز على ماضي الآباء والأجداد، ودليل على العراقة والأصالة التي كانت حداثة في ذلك الزمن، وبالرغم من اتفاق الجميع على أهمية الحفاظ على ذلك التراث إلا أن محاولات الحفاظ عليه تتعسر في مواجهة احتياجات التطوير العمراني الحديث الذي له من السلبيات ما يفوق الايجابيات ، فالتطوير المعماري أدى إلى تغيير التصاميم الهندسية للمباني وأصبحت ذات منظر جميل، إلا أنها تخلو من المضمون والقيم الرمزية لحياتنا التي تدعو إلى روح التضامن التي كان يعيشها أهل الزمن الماضي، وفقدت العائلة تجمعها السكني الذي كان يحافظ عليه الأولون لتنمو العائلة متكاتفة متماسكة مع بعضها البعض، وكان الأولى على أصحاب المراسم الهندسية تطوير التصاميم التقليدية وتطويرها لتواكب أسلوب الحياة دون المساس بالمعايير الأساسية، ولو نظرنا إلى الدول المتقدمة لوجدناها تمنع هدم المنازل القديمة، وتسعى إلى بنائها من الداخل بشكل عصري، والاعتناء بواجهاتها دون تغيير حفاظاً على أصالتها المعمارية التراثية من الاندثار، فالتطور العمراني يسعى إلى اندثار المعالم التاريخية والتراثية التي لن يمكن إعادة إحيائها إن هي اندثرت تماماً تحت وطأة الحركة العمرانية الحديثة السريعة، فحبذا لو تسعى الأمانات والبلديات والجهات المعنية الأخرى إلى الحفاظ على ما تبقى من مباني أثريه نفتخر بها أمام الزائرين لتلك المناطق الموجودة بها، ويكون البناء بالأسلوب العصري الحديث في المناطق المنشأة حديثاً. ومن أصدق من الله قيلاً {وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ}. ناسوخ / 0500500313