انا رجل مرور لا أربط حزام الأمان، أتكلم بالجوال أثناء القيادة، أقف بالسيارة الرسمية والخاصة في أي مكان وبأي وضع، أعاملك حسب نوع سيارتك، هندامك أو عمرك، و أوزع المخالفات بالمزاج. أنا مدرس أذهب للمدرسة بقيافة فوق الصفر بقليل، استخدم الفاظ مع الطلبة شبه شوارعية، أتعامل مع الطالب المحاور كأنه مجرم ومن له شخصية كأنه من عبيد الأموية. أنا أعمل في المحكمة بصرف النظر عن مركزي الوظيفي، أكلم الناس بأنفة، احسسك بأنك تحت رحمتي وبالذات إذا كانت لك قضية عندي، لا اعطيك الفرصة تكمل كلامك وكلامي أوامر، إن عارضتني تكون على يقين أنك سوف تشوف نجوم الليل في عز الظهر، أعطيك مواعيد تجيب لك الإحباط، والوقت آخر همي. أنا موظف حكومي عملي له علاقة بالمراجعين لا أحضر مبكراً، لازم تخضع لي وتتحمل قرفي وسوء معاملتي لك عشان لا أخليك تكره نفسك، إذا شكوتني تعتبر أمك غضبانة عليك لأن معاملتك ممكن تضيع أو تأخذ منحنى يسبب لك "سكر وضغط، وعلى قول المصريين "إبقى قابلني" بعدين". هل تعرفون سبب مشكلتي؟ أنا غير مؤهل لهذا العمل لأن توظيفي تم بالواسطة أو لأني خريج جامعي فقط أو أي سبب آخر، لم أعط تدريباً في التعامل مع الناس، لا توجد علي رقابة أو تقييم، صارلي على هذا الحال سنين وإللي ما يعجبه يشرب من البحر أو يطعس في البر. كيف تريدوني أن أتغير؟ لابد من اختيار رؤسائي وليس كل رئيس رايح تقاعد يحط بعده واحد من الشلة لأنه بهذا الحال أمامي خياران إما أن أكون من نفس الشلة أو أحط كل يوم غيضي في المراجع لين أشله، وأبقى كذلك إلى أن اتقاعد وبكده سوف يطول إنتظاركم، وكذلك لأن نظام المسابقات والترقيات موجود من مائة عام ويستحق أن يكون من المخطوطات الأثرية. إذاً ماهو الحل؟ لابد من إيجاد ثقافة التقييم الموثق وليس المفبرك، يعني للترقية أصول وشروط يتدخل فيها بشكل مباشر من هم عملائي، بمعنى آخر لابد تعريفي أن هؤلاء الناس الذين أتفنن في التعامل السلبي معهم هم عملائي لأن الدولة عندما وضعتني في هذا الموقع كان السبب هو تقديم الخدمة المطلوبة لهؤلاء الناس وليس العكس، فإذا ما عرفتموني أن هنالك نظاماً يتم به تقييمي من خلال عملائي وبآلية لا تقبل الفبكرة سواء ايجابياً أو سلبياً، والأهم لابد أن تعرفوني وتقنعوني أن الترقية ليست تحصيل حاصل سوف تأتيني بصرف النظر عن نوعية أدائي أو شكل ردائي. وعشان لا تظلموني لابد أن تدربوني، فقد يكون تدريبي مستمراً وبأساليب عملية حديثة لأن أعدادنا كبيرة وليس من المعقول إرسالنا جميعاً لدورات بعيداً عن أعمالنا. فقد يكون أحدنا يحتاج دورة تدريبية سنوية (لمدة يوم) أو نشرة رسمية هي تنشيطية معرفية لكي أتعلم أو أتذكر ما تعلمته، ولكي يتضح لي أكثر أنه بدون تغيير طريقتي سوف يتغير طريقي لأن هنالك مواطنين مثلي بل أكفاء مني ينتظرون نصف مرتبي فلماذا أترك بدون حسيب أو رقيب؟. كذلك لابد أن تغيروا أنتم كمجتمع نظرتكم للجهة التي تنهي خدماتي بسبب تصرفاتي حتى لا يكون المجتهد عاطلاً عن العمل والمتسيب هو من يعمل، هذه ليست الرحمة التي نتشدق بها، بل هذا هو الظلم الذي قد نمارسه، فمن لا يجتهد لابد أن يخرج للشارع مهما كانت سنين عمله وإن كان سنه يسمح بالتقاعد يتقاعد، أو تصفى له حقوقه ويكون هو من تسبب في ذلك وليس الوطن، لأن الوطن للجميع وليس من المعقول أن نحمي المتسيبين ونترك مجتهدين عاطلين بسبب عاطفة تجني على الوطن والمواطنين. طريقتي السيئة في التعامل مع الناس سببها أنه قيل لي أنت موظف دولة ولن يستطيع أحد تسريحك، وهذه حقنة وريدية تسبب روماتزماً عقلياً وورماً سلوكياً خبيثاً ليس له علاج سوى تغير هذه الحقنة بحيث أعرف أن البقاء للأفضل. من يحمي نظام الحقنة هذا لا يعدو على أن يكون أحد هؤلاء المنشكحين في وظائف لا يستحقون ربع دخلها أو أنه من أصاحب أمراض الجهل المستعصية التي سوف يكون فعلها وخيماً ونتاجها عقيماً، يجب أن لا ندافع عن هذه النماذج التي تؤسس ضحالة وظيفية، وقد تسبب الفلتان بسبب حقنة الضمان. هل أكمل المصائب التي تسببها الحقنة الوظيفية المخدرة؟.. "ولا كفاية كده؟". [email protected]