البكاء حالة تنتاب الإنسان (رجلا أو إمرأة) إزاء موقف معين ذي تأثير كبير يحرك شجونه ولا يملك أمامه سوى البكاء وذرف قطرات من الدموع تكون لدى البعض عزيزة وغالية يشعر حيالها بالندم لكونه لم يستطع أن يتمالك نفسه ويمنع ظهور هذه الدموع التي يعتبر أنها تقلل من شأنه كرجل وهذا اعتقاده نتيجة لتأثيرات البيئة التي عاش فيها والتي تجزم أنّ الرجل لايجب أن يبكي مهما كانت الأحوال ولأي سبب كان.. ولكن كيف يمكن أن يخفي الرجل مشاعره تجاه المواقف المختلفة التي يواجهها أليس البكاء كبقية المشاعر (الحب – الفرح – السعادة – الألم – وغيرها) ولماذا الخجل من الدموع والتي تعبر عن وجود قلب يفيض بالرحمة وحب الغير والشعور بآلام الآخرين وهي تعبير عن إحساس قد يكون كبته سببا لمشاكل عدة تؤثر على الشخص والمحيطين به لذا يجب أن يبكي الرجال بلا خجل ليخففوا من معاناتهم وآلامهم فتخفت في صدورهم حالة الغضب وإذا استطاعوا أن يبكوا بلا دموع فلا مانع حفاظا على العادات والتقاليد والأفكار (بعضها) البالية والتي حرمت حتى الأطفال الذكور من التمتع بطفولتهم أمام عبارة (عيب لاتبكي انت رجّال) وتظل العبارة تلازمه فينشأ مجبولا على القسوة وعدم الرحمة . وكم هي المواقف التي تواجه الرجال فيقف بعضهم أمامها متبلد الإحساس لايستطيع أن يذرف الدمعة ويكبت مايعانيه في صدره وحيدا لايجد من يساعده أو حتى يواسيه. * عندما يجد الرجل نفسه عاجزا عن تلبية احتياجات بيته وأبنائه الضرورية في مواجهة الغلاء وحيدا حتى مع 5% وَ10%لمن لديه راتب أو راتب تقاعدي بالإضافة إلى الفواتير والأقساط. * عندما يقف عاجزا إزاء علاج زوجته أو ابنائه أو نفسه حيث لا يملك مصاريف المستشفيات الخاصة ولا تحمل الطوابير المهولة والمواعيد طويلة الأجل في المستشفيات الحكومية وليس لديه تأمين طبي [له شروطه حتى في المرض). * عندما يجد أنّ حياته الماضية ضاعت بلا فائدة فليس لديه بيت يملكه يأويه ولاسيارة لايدفع أقساطها ولا قليل من المال في رصيد حسابات ويلات الأيام ومفاجآتها ولا ذنب له في ذلك سوى أنّ دخله بالكاد يكفي قوت يومه إن لم يكن أقل. * عندما يطالع الصحف وهي تكتب عن انفراج الأزمات وانفتاح أبواب العمل أمام الخريجين والخريجات وسيبدأ أملا جديدا ينتظره الآلاف ويترك الصحف لينظر إلى بناته وقد تخرجن من الجامعة ومضى على ذلك سبع سنوات ولم يتم تعينهن وهذه هي الحقيقة وليست العناوين وغيرهن عشرات الآلاف ينتظرن الفرج من الله ليتم توظيفهن. * عندما يستمع إلى لقاء مع أحد المسئولين في الراديو وهو يدافع عن إدارته وأن كل الأمور تسير على مايرام وأنّ من يقول غير ذلك هو انسان ظالم يغمط مجهود الآخرين ويقلل من انجازاتهم وقد يكون مقبولا أمّا أن يدافع المسئول عن إدارة غير إدارته وبكل عنفوان وهو ليس له فيها ناقة ولاجمل وقد يكون الرجل المستمع قريباً جدا من الحدث وهو متأكد أن كل مايقال غير صحيح. * عندما يسير في شوارع مكةالمكرمة في جوها الحار بسيارته التي ليس فيها مكيف ولا يملك اصلاحه ويجد أنّ شوارع مكة بلا استثناء قد فتحت بطونها للماء أو المجاري أو الكهرباء أو غيرها من المشاريع العظيمة التي تقوم بها الدولة وهذا شيء ممتاز ولكن غير المرضي أن تتم هذه الأعمال ببطء شديد يوحي للناظر بأن العمل لايتحرك إلاّ بالتصوير البطيء وصاحبنا توشك روحه أن تصعد لبارئها..ولا أحد يهتم. * عندما يستيقظ من حلم جميل رأى فيه أنّ كل مواطن يمتلك سكناً خاصاً أعطي له من الدولة دون مقابل وسيارة وأبنائه جميعا التحقوا بالجامعات ومن تخرجوا عينوا في وقت قياسي ولايوجد عاطل عن العمل وقد شغر السعوديون جميع الأعمال التي يملأها غيرهم من الجنسيات المختلفة فيصحو على الواقع وأنّ هناك حوالي مليون وسبعمائة ألف يتم التعاقد معهم سنوياً من العمالة الخارجية فكيف سينافس السعودي؟ * عندما يتلفت يمنة ويسرة فيجد أفواجا من المتخلفين يملأون الأرصفة والشوارع ويتزايدون في المواسم والمناسبات يعملون ويمرحون وينامون ويحمّلون البلد عبئا اقتصاديا ولا توجد دلائل على اهتمام المسئولين بإيجاد الحلول لذلك. * عندما تهرب الخادمة التي استقدمها بعد أن يعلم الله كيف استطاع تدبير مبلغ الإستقدام الذي لايقل عن (10000) عشرة آلاف ريال فتهرب حتى بعد أيام قلائل من قدومها ولا يعرف من سينصفه أو يعوضه أمّا هي فتنطلق تعمل في كل مكان وتجمع الأموال وتغادر حين تريد دون دفع التعويض وصاحبنا فاغرا فاه وقد احتبست الدمعة في مقلتيه. * عندما يعجز عن أخذ حقوقه من خصمه القوي الذي لديه القدرة على توفير المحامين وكثرة معارفه في كل مكان يقفون معه في كل الأحوال وقد انعدم الضمير وليس يهم مايكون المهم أن لايأخذ الضعيف حقه ومستحقاته فهم يعتقدون أنّه لن يستمع إليه أحد فوق الأرض ولكن لازال الأمل في عدالة مالك الكون بعد أن يكونا تحت الأرض معا وهي طريقة سهلة وساعتها يعود الحق أو على الأقل تتوقف الإستفادة لدى الخصمين من المميزات الخاصة. ولكل ماسبق وغيره كثير يحاول الرجل أن يبكي بلا دموع أو يحاول إخفاءها زمناً لم يستطع فإنّه لايلام إذا ظهرت دموعه أمّا النساء فحالة البعض من قسوتها ومعاناتها تجعلها تنتحب.. إلى الله الشكوى والرجاء والدعاء. مكةالمكرمة - جوال: 0500093700 [email protected]