في غمرة سعار المسلسلات الرمضانية يكثر دخلاء الفن والادب ليشوهوا صورة الابداع الجميل ومع الكثرة في الانتاج الدرامي والذي وضح في السنتين الاخيرتين يتوقع ان تزداد المسلسلات الضعيفة والركيكة والمتهالكة ، ولم يكن من اهداف مقالاتي في النقد الفني التعرض للاعمال الرديئة ولكنني اخالف هذه القاعدة لتناول مسلسل رديء مع اعترافي ان الكثر قد قضوا الساعات في مشاهدته. وسبب مشاهدة الجمهور لهذا المسلسل وهو مسلسل "شرف فتح الباب" هو هذا الممثل القدير يحيى الفخراني الذي رغم نظرتي للمسلسل وضعفه استطاع ان يشد الجمهور ، وحسبك من المشاهد المشهد الذي يصور به الحالة العارمة التي اجتاحته عندما علم بخصخصة الشركة التي يعمل بها ، ومشهد يحيى الفخراني ايضا ساعة دخوله السجن حتى نعلم أننا امام ممثل في غاية الابداع وانه لم يظلم بدخوله السجن بقدر ما ظلم في هذا النص الرديء الذي كتب له. وقد نجح يحيى الفخراني في الاعوام السابقة عندما وجد الكاتب المتميز في شخص يوسف معاطي الذي كتب للفخراني سكة الهلالي وعباس الابيض وحمادة عزو وغيرها ثم جاء دور الكاتب محمد جلال عبدالقوي ليقدم لنا هذا العمل الرديء بكل المقاييس. والغريب في الامر ان محمد جلال عبدالقوي قد تسبب في فشل سابق ذريع للفخراني في المسلسل الشهير المرسى والبحار ووضح للمشاهد فقر الكاتب وتصنعه في افتعال الاحداث. وفوق ذلك كله النهايات غير المقنعة لأعماله. وعندما عرض محمد جلال عبدالقوي بضع حلقات من مسلسل "شرف فتح الباب" تردد الفخراني وأصر أن يقرأ كامل السيناريو لئلا يتكرر ما حصل مع مسلسله المرسى والبحار وكان ان كتب محمد جلال عبدالقوي النص الكامل الذي وافق عليه يحيى الفخراني وليته لم يفعل. وشرف فتح الباب بطل القصة رجل شريف ومتدين فقد عمله نتيجة هذا البلاء الذي اكتسح دول العالم الثالث وهو داء الخصخصة وليس له من معين الا راتب تقاعدي لا يسمن ولا يغني من جوع. وتبدأ الاحداث في مرسى مطروح ولا اعلم اي فائدة لاختيار هذا المكان حيث يخبر زوجته هالة فاخر وأبناءه فيصابون بالهلع فهم ابناء من الاجيال الحديثة التي ادمنت ثقافة الاستهلاك التي انتشرت في العالم العربي دون اي استثناء. ويدخل شرف فتح الباب السجن ظلماً وعندما يخرج وامام مطالب الاسرة يستفيد من عمله كأمين مخازن ويشارك اللصوص سرقتهم وحجته انه قد سبق أن دفع الثمن. فتعلم زوجته وتطلب الطلاق وتدعي ان ذلك حبّاً في المبادئ. ولكن هذه المبادئ تنكشف عندما يهم شرف فتح الباب بالزواج من هذه السكرتيرة الفاتنة بثينة رشوان عندها تخاف ان تذهب ثروة هذا العجوز للزوجة الجديدة فتقرر العودة إلى شرف فتح الباب. وبعد ان استعرضنا هذا السيناريو نقول للانصاف ان المخرجة السورية رشا شربتجي ابدعت وحاولت ان توصل النص في احسن صورة ممكنة. اما يحيى الفخراني فقد تألق كعادته في هذه الادوار وقد فوجئ المشاهد بعدم وجود ابطال آخرين في التمثيل فقد أدخلت المخرجة رشا شربتجي اعدادًا كبيرة من الممثلين الجدد وقد احسنت الاختيار. وهناك تشابه في الفكرة بين شخصية شرف فتح الباب وبطلة مسلسل كلمة حق التي بدأت مفرطة في الدفاع عن شهادتها ولكنها تراجعت في النهاية وآثرت السلامة بيد ان الكاتب هناك استطاع ان يقدم التغير في سلوك الشخصية بطريقة طبيعية مقنعة وهو ما سنبينه في حديثنا القادم من مسلسل كلمة حق.