رشا ووالداها على ما يبدو لي ، واصلا السهر طيلة ليل أمس بجانب جهاز التلفزيون يتابعون الانتخابات في الولاياتالمتحدةالأمريكية لمعرفة ما إذا كان التغيير هو الفائز فيها فيأتي للبيت الأبيض برئيس من أصول أفريقية ليس له من رصيد إلا المتضررين من انهيار سوق المال، والشباب الناقمين على زج زملائهم في حروب لا مبرر لها و يحصدهم الموت كل يوم في العراق وأفغانستان وفي أماكن عديدة من العالم.وبعد أن تأكد فوز باراك أوباما قامت رشا بنشر الخبر في رسائل وزعتها على صناديق بريد جيرانها في الحي تقول فيها أن دوام الحال من الحال، وأن في النهاية لا يصح إلا الصحيح، وهذا الشاب الأفريقي الذي فرد قامته في الولاياتالمتحدة حاملا طموح الملونين والمقهورين في العالم الجديد، وتطلعهم لحياة كريمة تعامل الإنسان وفق عطائه وخلقه لا وفق لونه ورصيده في البنوك، قد تمكن من كسب ثقة الأمريكيين على اختلاف ألوانهم وأعراقهم ودياناتهم الظاهر منها والمعلن، وأخذ طريقه إلى البيت الأبيض يحدوه الأمل في إصلاح ما أفسده السلف، وإعادة الصحة والعافية لاقتصاد أكبر سوق في العالم، والثقة لسمعة نظام كان حتى السنوات القليلة الماضية القدوة للآخرين في الحرية والعدالة وكرامة بني الإنسان.وتضيف رشا في رسالتها بأن والدها متفائل بأن يعود مؤشر الأسهم إلى اللون الأخضر فيعوضه أولا بأول عن خسارته فيها، وأن يكون لدى الإدارة الجديدة الإرادة الجادة في العمل مع بقية القوى الاقتصادية والمالية العالمية لوضع نظام مالي جديد يضمن للجميع سلامة مدخراتهم من العبث. فالعولمة كما يقول والدها لا تعطي ثمارها إلا بالتعاون مع الآخرين ومشاركتهم الرأي لا بفرض الأقوى رأيه على الآخرين، ولا بد أن الشعب الأمريكي، وقد صدمته أحداث السنوات الثمانية الماضية التي أساءت إلى سمعته وأفقدته الآلاف من شبابه في حروب لا مبرر لها وأفلست بنوكه لسوء الإدارة وانعدام الأمانة وغياب الرقابة سيتقبل كل تغيير من شأنه أن يعيد للشعب الأمريكي سمعته التي كانت مضرب المثل في عدالة الحقوق والواجبات. والدتها – كما تقول رشا- غير متفائلة ولا ترى أن التغيير المتوقع سيأتي بالفرج القريب لأهلها في فلسطين، فاهتمامات السيد الملون للبيت الأبيض ستنصب على معالجة القضايا الداخلية وفي مقدمتها الاقتصاد المنهار وما يسببه من قلق للجميع وعودة المجندين الشباب الذي زج فيهم السيد السلف في حروب لا ناقة لهم فيها و لا جمل، وهذه ستأخذ من الوقت معظم مدة ولايته الأولى. وتضيف والدتها القول بأن الأمل ضعيف في أن يولي الرئيس أوباما القضية الفلسطينية اهتمامه في المستقبل القريب، اللهم إلا إذا كان لدى الشعب الفلسطيني ذات الرغبة في التغيير وهو قادم إلى انتخابات مصيرية، وكما كان للشباب الأمريكان دور في إحداث التغيير وهم يدلون بأصواتهم فإن على الشباب الفلسطينيين أن يحذو حذوهم ويقبلوا على صناديق الاقتراع لانتخاب من يرون فيهم القدرة والكفاءة على مواصلة الكفاح لتحرير البيت الأقصى و ما حوله من الصهاينة ورفع الحصار عن أهلهم في قطاع غزة ويوفر للفلسطينيين الحياة بعزة وكرامة في دولة مستقلة متواصلة الأطراف وخالية من جزر الاستيطان. وتنهي رشا رسالتها بالأمل في أن لا يخيب أوباما الأمل وأن يكون جادا في التغيير للأصلح وأن تكون هديته للعالم في أعياد الكريسماس القريبة تحرير أسرى غواتينامو ومن ثم تعويضهم عن ما لحق بهم من ضرر وأذى. وأنا بدوري أشترك مع والدتها في الأمل، والأمل بالله كبير.